8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

تأثير الـ1929 على إيران سابق لأوانه

تتفاوت التقييمات العربية والدولية في شأن مدى تأثير القرار 1929 القاضي بفرض عقوبات على إيران، على أوضاعها الاقتصادية وقدراتها النووية. إلا أن معظمها يجمع على أنه من المبكر لأوانه الحكم على مستوى التأثر الفعلي من جرائه منذ الآن، وأن دراسة الوضع تحتاج الى مرور وقت إضافي على تنفيذه. وسيعطي تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون المرتقب بعد شهرين على صدور القرار، حول مجريات تنفيذه، صورة عن واقع انعكاساته ومفاعيله.
والتفاوت في التقييم، استناداً الى مصادر ديبلوماسية بارزة، يعني أن هناك قراءتين. الأولى، تقول بأن توسيع مروحة العقوبات التي يفرضها القرار لا بد من أن يؤثر اقتصادياً على إيران، وأن كل شيء مرتبط بالالتزام الدولي به. ويظهر حتى الآن أن الكونغرس الأميركي والاتحاد الأوروبي فرضا في ضوء القرار 1929، عقوبات ثنائية ضد إيران تفوق بكثير مقتضيات القرار. الأمر الذي أثار استياء روسيا الاتحادية والصين، اللتان تعتبران أن هذه العقوبات لا تتماشى وروحية القرار، وهي خرجت عنه، ودعتا الى التقيّد بالقرار 1929، وبالاتفاق الدولي بين الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن عندما كانت تبحث مشروع قرار العقوبات منذ البداية، مع العلم أن روسيا والصين تؤكدان أنه على إيران التجاوب مع القرار 1929، وأن التعنّت لا يؤدي إلا الى التصعيد، وأن التأثير الاقتصادي حتمي ولو لم تكن العقوبات لتطال قطاعي النفط والطاقة، ثم إن أوروبا عملت على تراجع كبير لاستثماراتها في إيران، لا سيما الجديدة.
أما القراءة الثنائية، فتقول إن القرار أوجد مخرجاً للحل السلمي للملف النووي الإيراني أكثر مما تضمن عقوبات ضد إيران. وفي سياقه، هناك الفقرة التي تتحدث عن متابعة التفاوض. وبالتالي، تتوقع المصادر دوراً اكبر لتركيا والبرازيل وكذلك للدول الأخرى خارج مجموعة الدول الست لاستكمال مقتضيات الاتفاق البرازيلي التركي الإيراني، والانطلاق عبره للدخول في عملية تفاوضية دولية أوسع مع إيران لتشمل المسائل كافة التي لم يتناولها الاتفاق، والتي هي محور قلق دولي، على أن تدخل مجموعة الدول الست في حوار مع إيران في مرحلة لاحقة.
وتبعاً لذلك، لم يكن القرار 1929 ليؤثر في تراجع إيران مباشرة وفوراً عن برنامجها النووي. وتشير هذه القراءة الى أن العقوبات لن تضر بإيران كثيراً، طالما أن قطاع النفط والطاقة لا يشملهما حظر البيع والشراء. ولم يحصل تضييق للخناق الاقتصادي، حتى أن روسيا عملت بعد القرار على تسليم إيران سلاحاً دفاعياً. وطالما أن قطاعي الطاقة والنفط غير معنيين، ليس من مشكلة أمام إيران، وهي قد تتمكن من إيجاد منفذ اقتصادي.
إن أهمية القرار بحسب هذه القراءة تكمن في أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يستطيعان فرض عقوبات ثنائية على إيران، وأن في طياته رسالة روسية وصينية داعمة للمجتمع الدولي. لكن إيران ستكمل في سياستها، وستمضي في إقامة منشآت نووية، وهي في جزء كبير عملت على قمع المعارضة الداخلية، وأنها استطاعت شق الصف الدولي عبر جلب تركيا والبرازيل الى صفها، وأن الوضع الإيراني على العموم ليس عاطلاً. كما أن المجتمع الدولي وواشنطن اللذين كانا يعولان على قرار يصدر بالإجماع، لم يتمكنا من ذلك بسبب معارضة تركيا والبرازيل، الحليفتين الأساسيتين للأميركيين. مع الإشارة الى أنه لمجرد تصويت الصين الى جانبه يعني أن فيه الحد الأدنى من العقوبات.
الأنظار الآن متجهة الى الشروط الإيرانية للتفاوض مع المجتمع الدولي، ثم الى طبيعة الدور الملقى في استكماله على كل من تركيا والبرازيل. في حين أن الدور الروسي الثنائي مع إيران لم يتوقف.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00