بات لبنان ملفا هادئاً، ليس في مجلس الأمن الدولي فحسب، بل في موقعه في اهتمامات الإدارة الأميركية، إذ فرضت المقاربة المختلفة لأوضاعه التي تعتمدها الإدارة الحالية عن إدارة الرئيس السابق جورج بوش ظروفاً جديدة، لعل من أسبابها الحوار مع إيران وسوريا، والسعي الى إطلاق مسارات المفاوضات السلمية في المنطقة بدءاً بالمسار الفلسطيني الإسرائيلي، ما أدى استناداً الى مصادر ديبلوماسية في العاصمة الأميركية، الى التحول عن الديموقراطية كهدف في حد ذاته، واتباع المقاربة ذات الطابع الإقليمي بالنسبة الى لبنان.
ويترتب على هذه المقاربة جملة عناصر تكونت خلال الأشهر الماضية في العلاقة بين الطرفين:
أولاً: الأخذ في الاعتبار الوضع الإقليمي ككل، من دون ان يعني ذلك ان شيئاً ما سيجري على حساب لبنان. أكثر ما ينعكس في هذا المجال على لبنان هو التهدئة والاستقرار والستاتيكو الذي يعبّر عن تلاقي المصالح الأميركية الإقليمية حول ذلك، تمهيداً لاتضاح مسار الحوار مع سوريا وإيران، ومصير الجهود الأميركية لإحراز عملية السلام، وما إذا كانت ستحقق تقدماً جوهرياً.
ثانياً: في إطار الوضع الإقليمي، هناك دور الأطراف في المنطقة والدول من منظار أوسع مما تقتضيه العلاقات الثنائية فقط.
ويأتي في هذا السياق الدور اللبناني في محيطه. مثال على ذلك، الترحيب الأميركي بترتيب لبنان لعلاقته مع سوريا على أساس انه إذا وجد ذلك لازماً فالأمر جيد.
في وقت لا تزال الإدارة ترغب في الحوار مع سوريا وترسل لها الرسائل عبر موفدين ديبلوماسيين وغير ديبلوماسيين، بأنها مستمرة في رغبتها بالحوار سبيلاً الى حل المسائل العالقة. إذ في حين يرتب لبنان وسوريا علاقتهما بحسب مصالحهما، يبقى الحوار الأميركي السوري قائماً. على الرغم مما رافق ذلك من قلق دولي، من ان يتم فهم المقاربة الأخرى التي تتبعها واشنطن حيال لبنان والحوار الدولي الإقليمي، على أنها فسحة لعودة النفوذ السوري الى لبنان أو لتتصرف سوريا بالشكل الذي يحلو لها معه.
لكن المصادر تؤكد ان سوريا لا يمكنها الاكتفاء بإعادة ترتيب العلاقة مع لبنان فقط بغض النظر عن مستوى عودة نفوذها إليه، لأن هناك ما يهمها ويشكل حيزاً في صلب أهدافها، وهو السلام في الشرق الأوسط، بحيث انه إذا لم تضع الإدارة الأميركية ثقلها في الموضوع، وتتجاوب دمشق مع المساعي، يبقى المسار السوري الإسرائيلي، مجمداً.
ثم هناك إعادة الاعتبار الى دورها الإقليمي وهو الأمر الذي لم يسلفها إياه الأميركيون على الرغم من عملية الحوار الجارية.
ثالثاً: ان المقاربة الإقليمية لم تلغ المسلمات الأساسية لواشنطن حيال لبنان.
وهي الاستقلال والسيادة، وتنفيذ القرارات الدولية، ودعم الجيش اللبناني، ودعم المؤسسات. وهذا يتم من دون أي تغيير لأن النظرة الى لبنان والمنطقة تبقى نفسها، ولا شيء تغيّر إلا الأسلوب والوسيلة، والمقاربة. وحول ذلك، هناك عدم التدخل في التفاصيل اللبنانية، ما دامت المسلمات الأساسية قائمة.
رابعاً: موضوع حزب الله وتسلحه يبقى العقدة الأساسية بالنسبة الى المقاربة الأميركية للوضع اللبناني، وهذا الموضوع لا يزال يزعج الأميركيين، بحسب المصادر. لكن الإدارة تسلم بأن هذا الموضوع محور عملية نقاش واسعة من خلال طاولة الحوار الوطني، وبحث الاستراتيجية الدفاعية. وهي لا تتدخل في مجريات الطاولة، مع انها تشجع على ايجاد حل للموضوع سريعاً، وألا يبقى النقاش يراوح مكانه.
وتلاحظ المصادر، ان الإدارة قامت بوعود كبرى في المنطقة لم تنجز أياً منها حتى الآن.
انها مرحلة اللاخرق واللانتيجة، وساهم في ذلك مهمة الإدارة الصعبة وحظها الذي تزامن مع وجود حكومة إسرائيلية متطرفة جداً، ومواقف من رئيسها بنيامين نتنياهو أكثر تطرفاً.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.