8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

الحوار السوري ـ الأميركي.. مكانك راوح

لا يزال الحوار الأميركي السوري يراوح مكانه. ولا تتوقع مصادر ديبلوماسية غربية واسعة الاطلاع، ان يتقدم هذا الحوار بالسرعة التي انطلق بها قبل نحو سنة ونصف السنة عقب تسلم إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما الحكم.
وتكمن أسباب عدم انتظار تقدم جوهري في المرحلة الحالية، بحسب المصادر، في الآتي:
ان مرور العلاقات السورية الأميركية في السابق بفترة تشابه القطيعة، اضافة الى العقوبات التي فرضت على دمشق، يحتاج الى مزيد من الجهد لإعادة العلاقات الى ان تصبح طبيعية، مع ما يتطلبه ذلك من إجراءات بناء الثقة السياسية بين الطرفين ووجود الظروف المؤاتية لها.
ان هناك انتظارا متبادلا من كل من الولايات المتحدة وسوريا، لأن يقوم الطرف الثاني بمبادرة سياسية ما، تؤدي الى اختراق معين في عملية الحوار الجارية بينهما. وهذا الانتظار المتبادل ينعكس جموداً في الحوار، وكذلك جموداً في أوضاع جملة من الملفات الإقليمية حيث لا تقدم ولا تراجع سلبي. وهذا المناخ يسيطر على الوضع في المنطقة، وحيث للطرفين نقاط تلاقي مصالح، في استمرار التهدئة في هذه الملفات ريثما يتضح مسار الحوار الحاصل ونتائجه.
ان الحوار لم يصل الى مرحلة من المراوحة فحسب، انما وصل الى حائط مسدود، وبدت صعوبة بالغة في ان يتقدم فعلياً. فالرئيس أوباما يقول ان على دمشق ان تقدم تلبية ملموسة وجدية لمطلب أميركي على الأقل حالياً من جملة المطالب التي طرحتها واشنطن عليها. اما الرئيس السوري بشار الاسد، يعتبر ان الكرة الآن هي في الملعب الأميركي، وحيث يجب على الإدارة ان تقدم خطوة ملموسة تعبيراً عن التقدير الأميركي لدمشق لانها استجابت لواشنطن في طرحها للحوار معها وحاورتها. ان المشكلة التي ظهرت خلال الحوار بين الجانبين، هي ان لكل جانب تفسيره للحوار، ففي حين اعتبر أوباما ان الحوار أسلوب راق للوصول الى الغاية ذاتها التي تتمسك بها واشنطن في مواضيع المنطقة، وهي من خلالها تحمي مصالحها فيها، وان موقع الحوار هو في قلب الاستراتيجية الأميركية في المنطقة والسياسة الخارجية، اعتبرت دمشق ان سياسة الحوار هي تغيير جذري لسياسة الرئيس السابق جورج بوش، وانها تأتي مكافأة لسوريا، وان سوريا لم تخطئ في تعاملها مع تلك المواضيع.
على الرغم من التململ، لا سيما في الكونغرس الأميركي، من الحوار مع سوريا، إلا ان هذه السياسة ستستمر لانها في صلب الاستراتيجية الأميركية. ان عدم تثبيت تعيين السفير الأميركي في دمشق روبيرت فورد في الكونغرس، جاء ليعقّد الأمور. وعلى الرغم من ذلك ستستمر الإدارة في الضغط على الكونغرس لتثبيته. الحوار لن يتوقف، لكن ليس من الواضح تحت أي شروط سيستكمل، وفي ظل أي ظروف، وأي معطيات وما إذا ستتبع مقاربة جديدة في الحوار. ان آخر محطة للحوار الأميركي المباشر مع سوريا كانت من خلال زيارة أعضاء في مجلسي النواب والشيوخ، لا سيما زيارة رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ جون كيري، وهو حمل رسالة تضمنت الاعتراف بدور سوريا وأهميته في المنطقة مع ضرورة تعاونها بإيجابية في ما يتصل بدعمها لـحزب الله وحماس، والعلاقة مع إيران، والسلام في المنطقة. إلا ان واشنطن لم تجد بعد مرور أسابيع قليلة على هذه الرسالة أي تغيير في السلوك السوري.
في اعتقاد المصادر، ان أبرز المواضيع التي تؤثر في سوريا في حوارها مع الولايات المتحدة هو إيران. إذ لدى دمشق حسابات مختلفة عن الحسابات الاميركية التي تقول إنه لمجرد الكلام معها يمكن عزلها عن إيران.
وهذه الحسابات تؤكد ان التحالف مع إيران لا يمكن إزالته لمجرد الحوار مع دمشق.
وان إعادة النظر بالحسابات تتصل بما يمكن ان تقدمه واشنطن. وتبعاً لذلك تُبقي دمشق على حوارها قائما مع الإدارة الأميركية، من دون الوصول الى نتائج، وفي الوقت نفسه، تُبقي على تحالفها الاستراتيجي مع إيران الذي ينعكس ايجاباً على موقعها في المنطقة.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00