أبلغت جهات دولية الى لبنان عدم انزعاجها من طريقة تصويته في مجلس الأمن الدولي على القرار 1929 الذي فرض عقوبات أكثر تشدداً ضد إيران. لا بل أن هذه الجهات أعربت عن ارتياحها الى هذا التصويت وإلى الأداء الحكومي في هذا المجال، إذ كانت تنتظر مثل هذا التعامل من لبنان مع مشروع القرار المطروح على المجلس.
ومنذ ما قبل التصويت، جرى تبادل وجهات نظر لبنانية دولية حول التصويت اللبناني حيال مشروع القرار، وسبل التعامل مع احتمال عرضه بصورة سريعة للتصويت في المجلس. واستناداً الى مصادر ديبلوماسية لديها إطلاع وثيق على الموضوع، فإن الدول الغربية أبلغت الى لبنان أنها تطلب منه التصويت الى جانب القرار، وإذا لم يتمكن من ذلك، فيجب ألا يصوّت ضد المشروع لأن هذا غير مقبول ولا يمكن تفهمه. وبالتالي، إذا لم يتمكن من التصويت مع القرار، يمكنه الامتناع عن التصويت، وهذا ما تستطيع الدول أن تتفهمه. وتبعاً لذلك اعتبرت أن الامتناع عن التصويت أفضل من التصويت ضد القرار. فالجميع يدرك أن لا إجماع عربياً حول التعامل مع القرار ضد إيران، وأن لبنان يمثل المجموعة العربية، وفي ظل ظروفه الداخلية اتخذ الموقف الواقعي.
وإذ شددت المصادر على أنه لن يكون هناك أي علاقة أو رابط بين طريقة تصويت لبنان، وموضوع المساعدات الدولية لا سيما الأميركية والأوروبية له، أظهرت الاتصالات الديبلوماسية البعيدة عن الأضواء، أن الاهتمام الدولي بدعم حكومة لبنان وبناء دولة المؤسسات وتعزيز قدرات الجيش اللبناني عبر المساعدات المتنوعة، بدأت ولن تتوقف أو تنتظر طريقة تصويت لبنان.
ويبقى ما يجب التوقف عنده وهو أن لبنان لم يتمكن من خلال عضويته في المجلس وتصويته، من قبض الثمن السياسي مقابل أي موقف يتخذه. وهذا يعود في الدرجة الأولى الى الخلاف الداخلي حول العديد من القضايا المطروحة داخلياً وخارجياً. والفرق بينه وبين الدول التي تعمل لقبض ثمن مواقفها في المجلس، أن الانقسام الداخلي لا يمكنه من اتخاذ قرار واضح. فكل دولة ليس لديها هذا الانقسام الحاد، تقوم برسم السياسة الخارجية، وفق خطة تفاوضية تتضمن حسابات الاستفادة والتنازل التكتيكي والربح وأين يكمن ذلك، إلا أن لبنان بالكاد يدير خلافاته الداخلية.
وبعد صدور القرار 1929، تتجه الأنظار الى ترجمته على الأرض، وانعكاسات ذلك على إيران أولاً. وأشارت المصادر الى أن العقوبات باتت أقسى مما كان مطلوباً سابقاً في هذا المجال في مجلس الأمن، وهي ستؤثر في الوضع الاقتصادي حتماً وسيتأثر الشعب تدريجياً، ولو عملت الدول على تحديدها بشكل ذكي لا يطال الشعب كما أعلنت، لأن استهدافها أشخاصاً وشركات لن يكون بمنأى عن الشعب في تأثيره. ويمكن التوقف عند ما يلي:
- إن تنفيذ العقوبات فعلياً سيأخذ وقتاً، ولن يكون مسألة سريعة لأن مرحلة الترجمة الفعلية ستكون طويلة، والقرار الذي صدر عن مجلس الأمن حول العقوبات على إيران في العام 2006 استغرق وقتاً وكان قاسياً وأثر في إيران، والآن القرار 1929 بعد أربع سنوات على ما سبق يأتي ليزيد عقوبات أخرى.
- ان المعيار الأساسي في ترجمة القرار يبقى في مدى شمولية الدول التي ستطبقه فعلياً وعددها والدول التي ستخرقه وعددها. وهناك قرارات أخرى ضد إيران خرقت من بعض الدول ولم يكن لها التأثير الكافي. والآن، يجب معرفة الى أي درجة سينفذ، وستتأقلم إيران مع الواقع الذي سيفرضه، وما إذا كانت ستجد طرقاً تعوّض الخسارة عن العقوبات أم لا.
- كلما ازداد عدد الدول التي ستلتزم بالقرار، ازداد تأثير القرار على الوضع الإيراني. وهناك منحى أوروبي حالياً لرفع درجة تشديد العقوبات الأوروبية في إطار القرار، بحيث يمكن أن تزداد التأثيرات، خصوصاً وأن لأوروبا علاقات تجارية واقتصادية مع إيران. ويتوقع أن تكون العقوبات الأوروبية أقسى من تلك الأميركية، بحيث أن واشنطن لن يكون لديها المزيد من العقوبات لفرضها، في ظل الحصار على إيران منذ قيام الثورة.
- ان الدول الكبرى تعتبر أن القرار 1929 المتشدد قد يكون وسيلة للضغط أكثر على إيران في اتجاه الدخول الجدي في حوار معها حول برنامجها النووي وكل الملفات المتصلة بها والعالقة، وأن الكرة الآن باتت في الملعب الإيراني، ما يعني أن القرار سيلقي بظلاله على الوضع في المنطقة. والقرار لن يكون سبباً لأي حرب، إنما سيزيد العمل الديبلوماسي والاتصالات حول قضايا عديدة في المنطقة في مقدمها الملف النووي.
- حظر انتقال السلاح من إيران بات أقسى وفقاً للقرار 1929، لكن في الأساس كان مفروضاً من خلال القرار 1747 الذي منعها من بيع الأسلحة أو تصديرها. والآن وضع القرار الجديد حدوداً لها على شراء الأسلحة والمواد المتصلة بها. وأغلب السلاح لديها تصنعه طهران، وحظر السلاح السابق لم يمنعها من إرساله الى الجهات التي تعنيها في المنطقة، لأن الطرق التي تعتمدها غير مرئية أو مكشوفة أو منظورة، بحسب المصادر.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.