في الوقت الذي أنجز لبنان دراسته وتقييمه لمشروع القرار المطروح على مجلس الأمن الدولي لتشديد العقوبات على إيران، تستمر المشاورات في المجلس على مستوى الخبراء، للتفاوض حول صيغة القرار ومضامينه. ألا ان لبنان لن يقوم بالتعبير عن موقفه إلا عندما يكون الظرف مناسباً.
وفي خضم العملية التفاوضية حول مشروع القرار، يتجه لبنان إلى عدم تقديم تعديلات على المشروع، وإن كان سيعرب في النهاية عن موقفه بالتصويت ضدّه أو الامتناع، إذ تؤكد مصادر ديبلوماسية مطلعة ان لبنان ليس مضطراً أو مجبراً على تقديم تعديلات، بحيث ان أي تقديم لتعديلات قد يجرّه إلى الدخول والانخراط في العملية التفاوضية حول القرار قبل صدوره. وهذا الانخراط قد يرتب عليه شروطاً من بينها القبول بتعديلاته، شرط أن يصوّت إلى جانب القرار، وتلافياً للشروط فإنّه سيلتزم بعدم الدخول في التفاوض حول المشروع في ظل عاملين أساسيين هما:
ـ ان تركيا والبرازيل لن يدخلا في عملية التفاوض، وهناك أطراف أخرى في المجلس لن تدخل في هذه العملية.
ـ ان هناك صعوبة في إجراء تعديلات جوهرية على المشروع، ذلك أن لا ضغوط لتقديم تعديلات، والدول الكبرى الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن اتفقت في ما بينها في الأساس على نص القرار، وعلى مستوى تشدده، ولن يتم القبول بتعديله أو التخفيف من قساوته بعدما فاوضت حوله الدول الخمس، ويصعب ذلك على الدول الـ15 الأخرى في المجلس، وأمامها احتمالان، إما القبول بطبيعة القرار كما هي الآن، أو طرح تعديله ولكن ليس في الجوهر، لتكون فقط تعديلات تجميلية لا تطال المضمون.
وتتوقع المصادر ان يصوّت مجلس الأمن على المشروع قبل 22 حزيران الجاري، مشيرة إلى أن الدول الخمس استعجلت طرح المشروع للتفاوض قبل تسلم الوكالة الدولية للطاقة الذرية الاتفاق الايراني البرازيلي التركي، وقبل مواجهة ضغوط كبيرة لتأخير طرحه، وإعطاء مزيد من الفرص لاستكمال الحل عبر اتفاقات أخرى.
ويضاف إلى الاستعجال الدولي، صدور تقرير الوكالة الذي لم يكن إيجابياً مع إيران، إلا انه بالتزامن مع طرح المشروع، لا يزال الاتفاق يدرس، والهدف يبقى التأكد من ان برنامج إيران ليس عسكرياً، وهي تستمر في التخصيب والآلات تعمل كالمعتاد، وإذ تعتبر الدول ان الاتفاق وحده لا يكفي، لاسيما ان إيران رفضته في الخريف الماضي وكان حينذاك مربوطاً ايضاً بفتح مفاوضات مع طهران حول كل المسائل العالقة معها. والحوار حول البرنامج يأتي من ضمن الحوار الشامل معها.
وتم بالتالي تسريع التفاوض حول المشروع تجنباً لتدخل الوساطات، ولكسب عامل الوقت، لان أي تدخل دولي لإعطاء المبادرة مع إيران وقتها وإنضاجها عبر مبادرة أخرى وتوسيع دائرة الحل قبل اللجوء إلى مجلس الأمن، قد يؤخر، بحسب رأي الدول الخمس، صدور العقوبات.
وتفيد المصادر ان الخيار الذي سيعتمده لبنان في التصويت سيكون متفقاً عليه بين الرؤساء الثلاثة، الأمر الذي سيبحث الانعكاسات الداخلية وتأثيراتها وارتداداتها. فهل سيمهّد الامتناع عن تقديم التعديلات، للامتناع عن التصويت أيضاً، أم للتصويت ضد القرار؟ مع ان أي دولة لن تصوّت إلى جانب القرار، سيكون تصويتها هذا مبنياً على ثوابت، منها الاستعجال لفرض العقوبات، لاسيما ان هناك مبادرة مطروحة يمكن تطويرها عبر الطرق الديبلوماسية، وان أي دولة خصوصاً إذا كانت لبنان، هي دائماً إلى جانب المجتمع الدولي والشرعية الدولية في إجراءات فرض القانون.
وقد يتأثر لبنان من جراء العقوبات في حالة وحيدة، إذا كان للشركات التي ستقع تحت الحظر في أعمالها، شركاء لبنانيون، وفي كل الأحوال، فإنّ فلسفة العقوبات في الجمعية العامة للأمم المتحدة، لا تزال تحظى بنقاش كبير حولها، وما إذا كانت تؤدي أغراضها، أو لها مفاعيل عكسية، ومراجعة مدى كونها أداة فاعلة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.