بعد صدور البيان الرئاسي عن مجلس الأمن الدولي في شأن العدوان الإسرائيلي على قافلة الحرية، سارعت الولايات المتحدة الأميركية الى الإعلان عن أن الوضع يفرض أكثر من أي وقت مضى السير في العملية السلمية قدماً. كما سارع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الى القول ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس لن يوقف التفاوض غير المباشر مع إسرائيل.
أمام هذه المواقف، تؤكد أوساط ديبلوماسية مطلعة على المعطيات الأميركية ما بعد العدوان ان واشنطن ستستمر في مساعيها السلمية، وان إلغاءها الموعد الذي كان محدداً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الرئيس باراك أوباما في البيت الأبيض، كان للاحتجاج على تصرف إسرائيل. انما سيصار عندما تسمح الظروف قريباً بتحديد موعد جديد له. على ان الموعد المحدد للرئيس عباس في التاسع من الجاري مع أوباما لم يتم الإعلان عن إلغائه. وبالتالي سينعقد خصوصاً وان هناك حاجة أميركية لجوجلة الموقف مع القيادة الفلسطينية في إطار استمرار المحاولة السلمية، وتبعاً لذلك، لن تتأثر العلاقات الأميركية الإسرائيلية من جراء هذا العدوان، ولن يتغير الموقف الأميركي بالنسبة الى ضرورة استكمال التفاوض غير المباشر لأسباب عدة لعل أبرزها:
ان الولايات المتحدة ومن أجل ان تحافظ على دور الوسيط بين العرب وإسرائيل، لم تشأ تصعيد موقفها من العدوان الإسرائيلي، هذا عدا عن الموقف التقليدي من إسرائيل. ففي مجلس الأمن، وحيث جرت مناقشات مغلقة حول صدور البيان الرئاسي، كانت لديها مواقف متحفظة عن بعض الأفكار التي طرحت، ما أدى الى صدور البيان باللغة التي صدر فيها، وإلا لم يكن ليصدر. إذ ان البيان الرئاسي يفترض توافقاً بين الدول الـ15، مع الإشارة الى ان المشاورات كانت تستبعد صدور قرار لان يلزمه 9 أصوات دون فيتو من أي دولة ذات عضوية دائمة وهذا لم يكن متاحاً، خصوصاً وان القرار في المبدأ وفي مجال التعاطي مع مسألة كهذه يجب ان يتناول فرض عقوبات.
لم تكن الولايات المتحدة تريد إدانة إسرائيل في مجلس الأمن، وكذلك لم ترد في الأساس ان يصل كل الموضوع الى مجلس الأمن، حفاظاً على العلاقة بإسرائيل من جهة، وعلى المجال المتاح أمام واشنطن من خلال العلاقة ان تُبقي على دور الوسيط والراعي للتفاوض غير المباشر، من جهة ثانية.
ان واشنطن تدرك جيداً ان لا مصلحة لأي طرف في وقف التفاوض تماماً، لا سيما الجانب الفلسطيني الذي يحاول وبشتى الطرق ان يحقق تقدماً جوهرياً في العملية السلمية، مع الأهمية التي يوليها هذا الجانب للدور الأميركي الذي يستمر في إظهار الايجابية حياله. في حين ان واشنطن، تدرك ان إسرائيل لا تريد وقف التفاوض من خلال عدوانها على القافلة، لان لديها أساليب أخرى إذا ما أرادت ذلك، انما هدف العدوان الى إرسال رسالة قاسية بأن كسر الحصار على غزة ممنوع، وان هناك استعدادات إسرائيلية للوصول الى الأسوأ، إذا ما تكرر كسر الحصار.
ان الإدارة الأميركية ستعاود دعوة نتنياهو للقاء أوباما على ان اللقائين بين أوباما وكل من عباس ونتنياهو سيكونا مناسبة أمام الرئيس الأميركي لكي يلعب دوراً مباشراً أكثر في التفاوض.
وهذا الموضوع أساسي للإدارة، لانه يعبّر عن الانخراط المباشر للرئيس في التفاوض. وبنتيجة اللقائين ستتضح أكثر صورة ما حققته المفاوضات غير المباشرة حتى الآن. وسيشكل تحرك الرئيس حافزاً للطرفين، كما انه سيعطي دفعاً لتحرك الموفد الرئاسي الأميركي لشؤون السلام جورج ميتشل، مجدداً. ومن اللقائين يتضح المسار وآفاق هذا المسار، إذ لن يتخلى الرئيس عن دخوله مباشرة على خط التفاوض غير المباشر؛ ويأخذ الرئيس المسألة على محمل الجد نظراً لانخراطه الشفاف في الموضوع، ونظراً لان الإدارة تعتبر نجاحها في هذا الأمر، مرتبط بالمصلحة القومية الأميركية، وبأن ذلك جزء لا يتجزأ من الاستراتيجية الأميركية في المنطقة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.