أخبار لبنان

شبكة مواقف مترابطة أميركية وفرنسية وسعودية تكشف تراجعاً خطيراً للثقة بالسلطات اللبنانية

تم النشر في 26 تموز 2025 | 00:00

وسط عودة التساؤلات والمخاوف حيال ما يمكن ان تتركه النتائج السلبية الواضحة التي افضت اليها جولة اللقاءات الأخيرة التي اجراها الموفد الأميركي توم براك في لبنان قبل أيام وهل يكون لبنان على موعد وشيك مع اتساع التصعيد الإسرائيلي الذي عاد بشكل ملحوظ في منطقة الجنوب ، تشكلت شبكة مواقف للدول الأساسية المعنية بلبنان من شأنها ان تفاقم القلق اذ تتجمع فيها مؤشرات تراجع الثقة الدولية بالسلطة اللبنانية ورموزها بما لا يمكن معه تجاهل خطورة تداعيات هذا العامل .

فعلى رغم الإحاطة الدافئة الذي حرص الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون على إبرازها في استقباله لرئيس الحكومة نواف سلام الخميس الماضي في باريس لم تغب معالم الحذر الشديد الذي طبع الموقف الفرنسي حيال ملفات الإصلاح ونزع سلاح “حزب الله” وترسيم الحدود مع إسرائيل وسوريا كما حيال احتمال تعديل حجم قوة اليونيفيل في الجنوب بضغط أميركي . وقد أجرى الرئيس نواف سلام اتصالًا امس برئيس الجمهورية العماد جوزف عون، أطلعه خلاله على نتائج زيارته الرسمية إلى باريس ولقائه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

ولكن المواقف المثيرة للقلق برزت في صلب اللقاءات الديبلوماسية الأخرى التي حصلت في اليومين الأخيرين في باريس ومن ابرزها المحادثات التي جرت بين وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو والموفد الأميركي توم براك . وفي هذا السياق أفادت مراسلة “النهار” في باريس رندة تقي الدين ان باراك ابلغ بارو بالنسبة إلى محادثاته في لبنان ان السلطات اللبنانية لا تتقدم في مسألة نزع سلاح “حزب الله”. واما بارو فحذر من جانبه من انه إذا بقي التباطؤ حول موضوع نزع سلاح “حزب الله” فقد تعود إسرائيل بعملياتها التي كانت قبل كانون الثاني الماضي فهناك خطر ولذا ينبغي التقدم في نزع سلاح “حزب الله” بطريقة ربما تكون بمراحل او بشكل اكثر توازنا .

وأضافت مراسلة “النهار” ان المحادثات التي تمت قبل يومين بين بارو ووزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في باريس تناولت المؤتمر الذي سيعقد في نهاية الشهر في نيويورك حول حل الدولتين الذي يترأسه كل من بارو وبن فرحان في المرحلة الأولى كما تطرقا إلى سوريا ولبنان وايران . فحول سوريا هناك قلق سعودي مما تقوم به إسرائيل في سوريا والخطر الذي يحدث نتيجة ذلك . اما عن لبنان فأعرب الوزير السعودي عن استياء شديد قائلا انه إذا كان لبنان لا يريد ان يتحول إلى بلد طبيعي حيث الدولة تتسلم الامن والسلاح فالسعودية لن تساعده .

وفي تغريدة جديدة له ليل الخميس أعاد براك تأكيد موقف الولايات المتحدة من لبنان ، قائلاً إنه خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت، صرّح بأن “سلاح (حزب الله) هو مسألة يجب أن يحسمها اللبنانيون أنفسهم، في تأكيد لموقف الولايات المتحدة الثابت منذ سنوات، وهو أن (حزب الله) يُشكّل تحدياً لا يمكن معالجته إلا من قبل الدولة اللبنانية”. واضاف برّاك إن الولايات المتحدة “لا تزال مستعدة لدعم لبنان إذا ما التزمت الحكومة بفرض حصرية السلاح بيد الدولة، على أن تكون القوات المسلحة اللبنانية هي الجهة الوحيدة ذات الصلاحية الدستورية للعمل داخل حدود البلاد”، وذكر بتصريح وزير الخارجية ماركو روبيو القائل: “إن هدفنا في لبنان هو دولة لبنانية قوية قادرة على مواجهة (حزب الله) ونزع سلاحه”.

وأكد براك أن الولايات المتحدة “لا تميّز بين الجناحين السياسي والعسكري لـ(حزب الله)، بل تعتبر التنظيم بكل أوجهه منظمة إرهابية أجنبية”. وأشار إلى أنه في المقابل، «تعترف الولايات المتحدة بالقوات المسلحة اللبنانية كمؤسسة عسكرية وطنية شرعية وحيدة، وركيزة من ركائز السيادة اللبنانية، والمفتاح نحو مستقبل مستقر ومزدهر». وقال: «الكرة الآن في ملعب القيادة السياسية اللبنانية، وكذلك في ملعب الجيش اللبناني، لإظهار العزم والإرادة السياسية من أجل، كما قال الرئيس ترامب، (اغتنام فرصة جديدة لمستقبل خالٍ من قبضة إرهابيي حزب الله)»، مشيراً إلى أن «على هذا الطريق، ستقف الولايات المتحدة جنباً إلى جنب مع شعب لبنان».

ولعل المفارقة اللافتة تمثلت في تقارير إعلامية تحدثت عن تدخل إيراني مباشر تولاه السفير الإيراني في بيروت الذي عقد اجتماعات مع الرئيس نبيه بري قبل وصول براك إلى بيروت وبعد زيارته . وأضافت هذه التقارير أن الاجتماعات عقدت بهدف “الدفع بالمصالح الإيرانية خلال التفاوض على الورقة الأميركية ولتنسيق المواقف بهذا الخصوص”. كما جاءت اللقاءات في محاولة للتأثير على موقف الدولة اللبنانية من مسألة سلاح حزب الله ولتحريف رد الدولة اللبنانية على مذكرة التفاهمات التي تم تقديمها من قبل الولايات المتحدة الأميركية. وأشارت إلى ان إيران تتدخل في شؤون لبنان السيادية ومحاولة فرض إملاءاتها من وراء الكواليس عن طريق أنصارها الذين يمثلون الموقف الإيراني في المباحثات مع الولايات المتحدة.

وفي حديث له امس امام نادي الصحافة قال رئيس الجمهورية العماد جوزف عون :” ما زلنا ننتظر نتائج تحركات السفير براك، والرد على الورقة اللبنانية المقدمة له. المطلب اللبناني واضح جداً، نريد التزام إسرائيل باتفاقية وقف اطلاق النار كما التزم لبنان بها، وانسحابها من التلال الخمس”.

اما عن سلاح حزب الله والدعوات الى الغاء اللجنة الأمنية بين الجيش والحزب، فقد استغرب الرئيس عون الكلام عن وجود مثل هذه اللجنة الأمنية، مشيراً الى “قيامه شخصياً باتصالات مع حزب الله لحل مسألة السلاح، وانه يمكن القول ان هذه المفاوضات تتقدم ولو ببطء، وان هناك تجاوباً حول الأفكار المطروحة في هذا المجال”. وشدد على “ان احداً لا يرغب في الحرب، ولا احد لديه القدرة على تحمل نتائجها وتداعياتها، ويجب التعامل بموضوعية وروية مع هذا الملف”.

اما عن الوضع في الجنوب وانتشار الجيش، فأكد الرئيس عون “ان الجيش بات منتشراً في كل المناطق اللبنانية، ما عدا الأماكن التي لا تزال إسرائيل تحتلها في الجنوب والتي تعيق استكمال هذا الانتشار. اما ما يحكى عن الخوف والقلق من عودة الحرب، فاعتبر انها اخبار مضللة هدفها ضرب العهد من اجل كسب بعض النقاط السياسية، فقط لا غير”.

وحذر رئيس الجمهورية، رداً على سؤال، “من الدعوات التي ينادي بها البعض من اجل التسلح، معتبراً انها تعبّر عن عدم ثقة بالجيش اللبناني الذي يقوم بكل ما هو مطلوب منه بتفان وإخلاص وشجاعة، ان على صعيد محاربة الإرهاب، او مكافحة المخدرات، او الحفاظ على الامن والاستقرار، داعيًا الى التحقق من الاخبار قبل نشرها”.

وفي المقابل مضى “حزب الله” في إظهار تحديه للوساطة الأميركية وإبراز تفاهمه مع الرئيسين جوزف عون ونبيه بري . وفي هذا السياق قال عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب ايهاب حمادة :” نحن في حزب الله غير معنيين بالورقة الأميركية، بل بتنفيذ القرار 1701 بكل مندرجاته، والرئيس بري يمثل موقف “حزب الله” على المستويين الديبلوماسي والسياسي. وردّ الدولة اللبنانية يرتكز على حقوق اللبنانيين”. وأكد حمادة أن “ما قدمه فخامة الرئيس جوزاف عون باسم الدولة اللبنانية واضح، ويبدأ بمندرجات القرار 1701، وفي مقدمها الانسحاب الإسرائيلي، وموقف الرئيس بري متقدم في هذا السياق، ونحن غير معنيين بأي كلام آخر، وهو غير موجود بالنسبة لنا”.

"النهار"