8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

مصير كوباني يحدّد مسير جولة دي ميستورا

كشفت مصادر ديبلوماسية في الأمم المتحدة أنّ الموفد الدولي لحل الأزمة السورية ستيفان دي ميستورا سيقوم بجولة أخرى قريباً على دول المنطقة ذات الاهتمام بالشأن السوري، فضلاً عن زيارته دمشق، والتي بدأها أمس.
وتهدف جولته المرتقبة إلى العمل لبلورة أفكاره التي طرحها أمام مجلس الأمن الأسبوع الماضي، والنظر في إمكان إحداث اختراق يؤدي إلى بدء البحث بالحل السياسي للأزمة. وكان دي ميستورا تحدث عن وقف لإطلاق النار، وعن مناطق مجمّدة، على أن تبدأ بحلب. والسؤال إلى أي مدى يمكن أن تحقق الطروح تقدماً فاعلاً وجدّياً في ظل الظروف على الأرض؟ إنها أفكار أوّلية، طبعاً مع تركيزه على إعلان جنيف الذي اعتبره أساسياً والعودة إليه من دون شروط مسبقة.
الوضع على الأرض لا يؤكد أنّ الأمور تنحو في هذا الاتجاه. وكان ثمّة صعوبات أمام جنيف3 وفشل جنيف2 عند عدم قبول النظام بوقف النار قبل وقف الإرهاب، أو مطالبته بضرورة تزامن وقف الإرهاب مع وقف النار على الأقل.
وتكشف المصادر أنّ مصير كوباني سيكون مؤشراً لما يمكن أن تصل إليه الأمور في مساعي دي ميستورا لإرساء الحل السياسي وأي اتجاه ستسلكه. لكن لا بد من قرار سياسي لدى الأطراف السوريين، ولدى الدول الداعمة لهم في شأن إطلاق العملية السلمية مجدداً.
إلا أنّ الحل يحتاج إلى آلية تنفيذية وخطة للعمل، ولا يستبعد أن يتم الابتعاد قليلاً عن خطة جنيف. كما لا تستبعد إعادة التواصل بين واشنطن وموسكو من أجل الوضع السوري، لأنّه مهما زادت المشاكل ليس من مصلحة أي طرف أن يستمر الوضع متفجراً، مع أنّ التواصل بينهما قائم على مستويات مختلفة.
إنّما ثمّة مخاوف تبديها المصادر حول طبيعة إقامة المناطق المجمّدة وماذا يعني دي ميستورا بها، وما دور الأطراف الاقليميين والدوليين فيها، ومَن يحمي مثل هذه المناطق، ومَن يتولى المسؤولية فيها، إذ إنّ في الطرح شيئاً من عدم الوضوح. وهل ستتوقف النزاعات فيها؟ وجولته المرتقبة ستشرح تفاصيل أفكاره التي قد يطوّرها.
دي ميستورا يسعى إلى خلق أرضية مشتركة يبلور فيها أفكاره وطريقة تنفيذها. مع الإشارة إلى أنّ مشكلة الإرهاب في سوريا تطغى على الوضع، وإن كان هذا الوضع لا يزال يعاني من النزاع السوري السوري، ومن استهداف النظام للمدنيين بالبراميل المتفجرة بصورة مكثفة. الحل في سوريا سيكون في النهاية حلاً سياسياً. ووثيقة جنيف ستكون قاعدة، لكن الوقائع الحالية ستفرض شروطاً جديدة. وهناك رغبة لدى دي ميستورا في إشراك إيران بالحل من أجل تسهيله، كما يعتبر. إنّما جنيف بات في مكان والوقائع على الأرض في مكان آخر. ولا يوجد حل عملي بخروج أي جهة من المعادلة. فالحاجة تبدو إلى حل بحسب التوازنات الراهنة، فضلاً عن ان الأولويات تغيّرت. ويلاحظ أنّ المعارضة المعتدلة باتت في تراجع على الأرض، وأي حل سيشركها لكي تكون جزءاً من المعادلة. لكن هذا لا يعني أنها تمسك بالأرض. والمعادلة الظاهرة الآن هي داعش والنصرة مقابل النظام مع مناطق محددة للمعارضة المعتدلة في دمشق وحلب. جنيف يبقى قاعدة للحل، لكن إذا أُدخلت إيران في الحل ستتغير شروطه. الهاجس الأساسي داعش والنصرة والأخيرة تعني تنظيم القاعدة تحت اسم النصرة. وسمّى القرار الدولي 2174 التنظيمات الإرهابية.
وبالتالي، هناك أفكار جديدة ستُطرح من جراء الواقع والحل يكمن في عودة المؤسسات والسلطة. في كل الأحوال سيكون هناك تفاوض لكن السؤال الحقيقي هو متى سيبدأ وكيف؟.
دي ميستورا يحاول في المرحلة الأولى الحفاظ على مواقع الطرفين على الأرض، أي المعارضة المعتدلة والنظام، في انتظار إرساء الحل السياسي. فضلاً عن محاولته لوقف العنف، ووقف إطلاق النار كأساس لأي حل، تمهيداً للانتقال إلى المستوى السياسي. ويرغب في أن يكون وقف النار متوازناً، أي أن لا يتقدّم فريق على آخر. لأنه في السابق عند كل وقف للنار كان يستفيد النظام من ذلك للتقدم إلى مناطق المعارضة. والمعارضة كانت تقول آنذاك انه ليس وقفاً للنار، بل استسلام. في ظل العنف الموجود من الصعب إطلاق عملية سياسة، ولا سيما أن تعاظم سيطرة تنظيم داعش وقوته جعله يفرض نفسه أمراً واقعاً جديداً. والسؤال الكبير هو كيف سيتعامل دي ميستورا مع هذا الواقع؟.
المهم في النهاية أن يتفق الأميركيون والروس على إرساء حل معين للوضع السوري بالتوافق مع الدول الاقليمية الداعمة للأفرقاء السوريين. فهل حان الأوان لذلك؟

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00