تتجه الأنظار الى انعكاسات نتائج الانتخابات الأميركية النصفية في الكونغرس وحكام الولايات، على سياسة الادارة لا سيما الخارجية منها كون ملفات المنطقة مرتبطة الى حد كبير بهذه السياسة، وما قد يطرأ عليها.
وتؤكد مصادر ديبلوماسية، ان فوز الجمهوريين سينعكس ضعفاً على الادارة وعلى رأسها الرئيس باراك أوباما. مجلس النواب سابقاً كان مع الجمهوريين، والآن مجلس الشيوخ بات معهم. ما يعني خسارة أوباما لموقف الكونغرس في مجمله.
ما يعني ان أي قرار أميركي يحتاج الى الكونغرس سيصبح تمريره أكثر صعوبة على أوباما.
الملف النووي الايراني، هو في طليعة المواضيع الخارجية الأميركية المرشحة لأن تكون صعبة. بحيث انه اذا لم يتم التوصل الى اتفاق غربي إيراني بحلول 24 تشرين الثاني الجاري، سيكون من الصعب على أوباما أن يكمل مفاوضاته مع إيران.
وسيكون أيضاً من الصعب على الكونغرس أن يمنع أو يؤجل عقوباته على إيران، وهي عقوبات جرت جدولتها، وتحضيرها خلال الأشهر الماضية. وأية صعوبات من هذا النوع ستنعكس حتماً على وضع ملفات المنطقة.
في المواضيع الأخرى، مثلاً حيال سوريا، فإن الجمهوريين يؤيدون تدخلاً أميركياً أكبر وأوسع فيها، سواء بالنسبة الى اسقاط النظام، أو اسقاط داعش وهزيمتها. الآن أوباما أمام خيارين: الأول الاستماع الى موقف الكونغرس، أي الجمهوريين، والثاني أن يكون غير مضطر الى ذلك، ما يمكنه من اتخاذ قرارات مع الادارة، في ظل امساك الرئيس عادة بالسياسة الخارجية، ويعود إليه اتخاذ القرارات الأساسية. التطورات في توجهات الادارة على المدى القريب ستُظهر ما اذا كانت ستغيّر موقفها من أجل كسب شعبي، أو ستُبقي على سياستها المعتمدة.
في موضوع التحالف الدولي لمكافحة الارهاب، ما يتكشف حتى الآن، ان التحالف بقيادة واشنطن ليس قادراً على القضاء على تنظيم داعش من خلال ضربات الجو ما يلزم جهوداً عسكرية على الأرض، فمن سيحاربه على الارض، الجيش العراقي، أو المعارضة المعتدلة في سوريا؟ من الأكيد أن الرئيس السوري بشار الأسد ليس حليفاً في الحرب على داعش. ثم هناك مسألة أخرى، في حال القضاء على داعش لاحقاً، فإن ذلك سيؤدي الى فراغ تتركه على الأرض. في العراق يعبئ الجيش الفراغ وهذا هو الحل. لكن في سوريا من يفعل ذلك. الوضع السوري مختلف عن العراقي، وأصعب.
وبالتالي، لا يمكن القضاء على داعش من دون توفير حل سياسي للمسألة السورية. في حين أن أعداداً كبيرة من السوريين ينضمون الى داعش نتيجة ما يقولون انه ظلم سياسي. لذا يفترض ايجاد السبل لجعل هؤلاء ضد داعش. بعد هزيمة داعش، والتي تتطلب عسكراً على الأرض، تبدو الأولوية لحل سياسي في سوريا والعراق. الآن تحرير كوباني يأخذ جهداً كبيراً، وغير واضح التوقيت مستقبلاً، فكيف سيتم تحرير كل المناطق التي يسيطر عليها داعش؟ وبعد ذلك، ما الذي سيقوم به التحالف بقيادة أوباما؟ وهذا ما يجب أن يوضحه أوباما للكونغرس ويرد على أسئلته المنتظرة حوله.
غير أن مصادر ديبلوماسية أخرى، تؤكد ان ما من جهة تستطيع القول عن أوباما انه ضعيف أو بانه أكثر ضعفاً. ذلك لأنه وفى بالتزاماته تجاه الناخبين، ومن هنا تم انتخابه مرتين. هو تعهد في حملتيه الانتخابيتين بأنه سيسحب القوات الأميركية من أفغانستان وانه لن ينزل بقواته على الأرض في أي موقع في العالم لاسيما في الشرق الأوسط، وبأن الاقتصاد أولوية. وهو وفى بكل هذه الالتزامات، لذلك هو ليس ضعيفاً، لأنه وعد الناخبين ونفّذ وعوده.
لكن إذا طرأت مسألة لها علاقة بالأمن القومي الأميركي فيمكنه وضع أهداف جديدة، لأن ذلك يعتبر عنصراً جديداً مثل مكافحة الارهاب مجدداً من جراء ظهور تطور جديد يهدد العالم أي ظهور داعش. الأمر الذي سمح له بإيجاد حل وسط، وهو قضى بمشاركة الولايات المتحدة في الحرب على الارهاب، عبر خلق تحالف غربي جديد، وإدخال دول المنطقة لا سيما التي تنتمي الى الطائفة ذاتها التي ينتمي اليها داعش والنصرة، وبالتالي، لم يوفد الى الأرض لمكافحته جنوداً، بل اقتصر ذلك على الجو.
لذا، فإن نتائج الانتخابات لن تؤدي الى قرارات ذات سقف أعلى مما اتخذه أوباما أو أبعد منه. الحل الوسط الذي تبلور أخيراً لدى الادارة سيبقى هو نفسه ولن تتورط الولايات المتحدة بحروب جديدة في مرحلة تلي انسحابات على الارض. وفي الوقت نفسه لن تقوم بمحاربة الارهاب بشكل أقوى. إذاً، ستبقى السياسة ذاتها عبر التحالف الدولي، وعدم النزول الى الأرض، وإشراك الأوروبيين والعرب. السياسة الأميركية الخارجية ستبقى توفر توازناً، من الصعب أن يخرج عنه أي حزب، لأن الخروج عنه، يعني وجوب أن يكون استجد خطر داهم جديد.
مع الاشارة الى انه من المتوقع، ان تبذل الادارة بعد الانتخابات جهداً أكبر من أجل إعادة تفعيل عملية السلام في الشرق الأوسط.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.