ما تأثير محاربة التحالف الدولي للإرهاب على الوضع اللبناني، وهل من انعكاسات تطاله على المدى البعيد؟
تؤكد مصادر ديبلوماسية أنّه من خلال عدم اعتراض لبنان على التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، وتوقيعه بيان جدّة مع شرط احترام سيادة الدول، والتزامه تنفيذ القرارات الدولية الخاصة بمكافحته، بات لبنان يحصل على اهتمام دولي في مجال أداء الدول المهتمة بالموضوع وبوضع المنطقة. وبما أنّ لبنان بات يتأثر بالأحداث المحيطة به، لا سيما بصورة مباشرة على الحدود وفي البقاع تحديداً، أصبح ضمن شبكة الحماية والأمان الموجودة، بحيث أنّه في حال حصلت تطوّرات اضطر من خلالها الجيش إلى خوض معركة أخرى، يمكن للبنان الحصول على دعم الدول الكبرى ومساندتها، إن عبر ضربات أو مساعدات عسكرية. وهو بات معنياً مباشرة بمكافحة الإرهاب مثله مثل دول أخرى في المنطقة وفي مقدّمها العراق. وبالتالي، تستطيع الدول أن تدعمه إذا احتاج إلى دعمها، إما عن طريق المعلومات، لأنّ لديها امكانات بواسطة الأقمار الاصطناعية والطائرات من دون طيار، حيث امكانية تصوير المواقع وتقديم معلومات عن الجماعات الإرهابية فضلاً عن أنّها تستطيع المساعدة عن طريق الضربات الجوية، كذلك في مجال التنسيق العسكري والتشاور.
إنّه الأثر المباشر على لبنان، الذي لطالما كان يكافح الإرهاب منذ سنوات وعانى من الإرهاب ولا يزال يعاني. الآن بات هناك اهتمام دولي وتعاط مباشر من العديد من الدول مع لبنان، سيكون له أثره في أي عملية يقوم بها لبنان، اذا تطورت الامور لمكافحة الإرهاب.
أساساً، لبنان ملتزم القرارين 2170 و2178 الصادرَين أخيراً عن مجلس الأمن حول مكافحة الإرهاب، وفي المقابل أي توجه دولي لمكافحته يؤدي دوراً إيجابياً. ولبنان يستفيد من المكافحة الدولية للإرهاب بكافة اشكاله، لا سيما وأنّه دفع أثماناً باهظة لمواجهته. كما يستفيد من عملية ضبط الحدود التي نص عليها القرار 2170 والأمر يعنيه، وضبط الحدود مطلب قديم للبنان، وكل دولة تعمل لضبط حدودها، ولا نيّة على المدى القصير بأن تُضبط الحدود باطار دولي أو يتم العمل لنشر قوات دولية عليها على غرار القرار 1701 في الجنوب. لكن على المدى الطويل، لا يمكن الجزم بعدم نشر قوات دولية، والأمر متوقف على تطورات الوضع. لكن الآن، لا يوجد توجه دولي بنشر قوات على الأرض لمحاربة داعش وضبط الحدود. وما يحصل هو محاربتها من الجو فقط، على ان تقوم المعارضة السورية في سوريا بمحاربته براً، والجيش العراقي والأكراد بمحاربته براً في العراق، والعمل ينصبّ لتقوية هذه القوات وتجهيزها ومساعدتها لهذه الغاية.
هذا هو التأثير على المدى القريب. إنّما على المدى البعيد ستكون هناك انعكاسات سياسية لضرب التحالف للإرهاب، وكل المسائل في المنطقة مرتبطة ببعضها. حتى الآن لم تتضح الصورة بعد، لأن ضرب الإرهاب لا يزال في بداياته، لكن السؤال المطروح كيف ستغير الضربات في وضع المنطقة وأي طرف سيقوى نتيجة ذلك، وأي طرف سيضعف؟ ولا شك ان قوّة طرف ما وضعف آخر، ستتقاطع مع الوضع اللبناني.
وتفيد المصادر ان لمكافحة الإرهاب أثراً كبيراً على المدى البعيد. أول ذلك على الوضع السوري، حيث ان النظام سيخسر لاعتبارات كثيرة لعل أبرزها:
1 ليس من جهة دولية تعتبر ان النظام سيحارب فعلياً داعش والإرهاب.
2 بعد ان تنتهي عملية مكافحة الإرهاب واضعاف داعش، سيتم إضعاف النظام، ولن يتم ضرب الجماعات السنّية، للإبقاء على الجماعات العلوية أو الشيعية قوية، والتوازن في المعادلة سيكون إذا تم إضعاف داعش من خلال الإبقاء على السنّية المعتدلة، إن في سوريا أو العراق، وحتى في لبنان.
ويبدو ان الأحداث أثبتت أنها أكبر بكثير من تورط حزب الله في سوريا، حيث المؤشرات تميل الى انه لم يعد سيد اللعبة، لا هو ولا إيران راعيته، كل هذا الجو سيؤثر في الوضع اللبناني لأن خسارة أو ربح أي فريق اقليمي يؤثر في المعادلة الداخلية.
على ان كسب المعارضة المعتدلة في سوريا يحتاج إلى وقت وإعادة دعم لتحقيق انتصار على الأرض وإعادة العمل لتأييد الناس لها بعدما خسرت كثيراً نتيجة انقساماتها. الرهان الآن على تسليحها لكي تستطيع الانتشار على الأرض بشكل أوسع وأقوى. محاربة الدول لتنظيم داعش الآن تتركز على عدم تقدمه لكي لا يحتل مواقع جديدة. وفي مرحلة ثانية، إضعافه. ومن ثم لاحقاً إزالة الدولة الإسلامية، وهذا ممكن خصوصاً وان ليس من جهة تستطيع تأييدها، والتأييد حالياً يأتي من أفراد وليس حكومات، وان اخصامه العالم كله.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.