خطوة تسمية السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد تكاد توحي بأن العلاقات الأميركية السورية وحدها تتحرك في حدود معينة، من بين ملفات المنطقة المطروحة للحوار خصوصاً الملف النووي الإيراني والعلاقات الإيرانية الدولية، وموضوع عملية السلام في الشرق الأوسط، اللذان لم يحرزا أي تقدم.
لكن ماذا تعني خطوة تعيين السفير من وجهتي النظر السياسية والديبلوماسية؟ وهي خطوة كانت وُعدت بها سوريا قبل أشهر، وتنفذها الإدارة الأميركية الآن.
هناك ثلاثة عوامل مؤثرة في هذه الخطوة، بحسب مصادر ديبلوماسية غربية بارزة: ـ أولاً، إن لها هدف تشجيع دمشق على التعاون في ما خص المواضيع المطروحة في المنطقة، والتي تهم المجتمع الدولي والإدارة الأميركية. ولم تقل واشنطن إن سوريا تعاونت أو تتعاون في الجوهر.
وبالتالي، لا تعبّر الخطوة عن أن دمشق سَلّفت الكثير، وإن هي قامت بتسهيلات في الشكل في مواضيع مثل لبنان، من حيث عدم عرقلة تشكيل الحكومة الحالية، وإقامة العلاقات الديبلوماسية، وعدم عرقلة إجراء الانتخابات النيابية في حزيران الماضي، ومن حيث الوعد ببدء ترسيم الحدود اللبنانية السورية، إلا أنه لا يزال أمامها محطات عدة لإثبات التعاون الفعلي إن في لبنان، أو العراق، أو فلسطين، أو مكافحة الإرهاب وغيرها من المسائل.
ثانياً، إن الإدارة ترى أن إرسال سفير الى دمشق يعزز قنوات الحوار المفتوحة ويسهلها، ويوسع آفاقها، وهو أمر ضروري لأن أي حوار جدي لا بد أن يكون فيه السفير على اتصال مباشر ويومي مع أوساط القرار في دمشق. ويأتي ذلك في سياق عملية الحوار وتبادل الرأي ومد اليد للتعاون، وهو مسار اتبعته الإدارة الحالية لحل المشكلات العلاقة مع دمشق. ووجود السفير في دمشق ضروري للإبقاء على قنوات التواصل مفتوحة، في إطار سياسة الحوار لتغيير السلوك، وفي إطار الوسيلة الحوارية المتبعة منذ تسلم الرئيس باراك أوباما السلطة في الولايات المتحدة. وتبعاً لذلك، إن وجود السفير من شأنه إزالة إحدى العقبات أمام تطوير العلاقات الأميركية السورية إن كان في المجال الثنائي، أو في مجال حض الإدارة لدمشق على التعاون في مسائل المنطقة.
ثالثاً، إن الإدارة تأخذ عملية تطبيع العلاقات العربية العربية بمنظار عالٍ، وهذا ما ينسحب على العلاقات السورية العربية نتيجة الدور السعودي مع دمشق. وهذا ايجابي بحسب ما تراه واشنطن، مقارنة بالعلاقات الإيرانية الدولية والعربية، إذ تبقى إيران المشكلة الأساسية أمام واشنطن. لذلك، ترى أن أي تقدم في العلاقة الأميركية السورية، يكون على حساب إيران. وبهذا المعنى تنظر الى تحفيز دمشق بكل الوسائل لإحراز تعاون منها.
فالحوار مع دمشق عملية طويلة المدى، تسعى واشنطن الى النظر في تعزيز مقتضياتها بالقدر المدروس. ويلزم لتسلم السفير الأميركي الجديد في دمشق منصبه نحو 4 أشهر، وينتظر حالياً موافقة دمشق على تسميته ومن ثم يثبت تعيينه في مجلس الشيوخ، الذي سيستمع إليه في كلمة يقدمها حول رؤيته لمهمته وللعلاقات بين بلاده وسوريا. وبعد ذلك يحضر الى دمشق لتقديم أوراق اعتماده وتسلم منصبه رسمياً.
وإذا كانت الخطوة الأميركية تعني النية باستمرار الحوار وتسهيله ومتابعته، فمن المؤكد بحسب المصادر، أن هذ الحوار سيحصل جزء منه على مستوى السفراء، خصوصاً في الحالات التي لا يأتي فيها موفدون أميركيون الى دمشق، فيتولى السفير نقل المواقف، وإبلاغ الرسائل، وفهم ردود الفعل عليها، وإحاطة الخارجية الأميركية علماً بها. فضلاً عن أنه سيتولى الاهتمام بتفعيل دور السفارة الأميركية وبشؤونها.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.