لم تكن زيارة الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الى بيروت، المحدد موعدها في السابع عشر من شباط الجاري، لإلقاء محاضرة بدعوة من مركز عصام فارس للدراسات، تتضمن العمل على معالجة مشاركة لبنان في القمة العربية في ليبيا في 27 و28 آذار المقبل التي قد تكون معرضة لتقلبات، في ضوء كلام رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى المفتي عبد الأمير قبلان عن ضرورة مقاطعتها بسبب موضوع اختفاء الامام موسى الصدر هناك.
لكن الأمين العام سيبادر الى معالجة الموضوع اذا ما وجد انه يأخذ بعداً اشكالياً داخل لبنان من جهة، وبالنسبة الى ضرورات العمل العربي لتأمين أرفع مستوى في الحضور والمشاركة في القمة، من جهة ثانية. فالقمة مناسبة عربية سنوية تستضيفها الدول العربية على التوالي بحسب الأبجدية، وهي ليست مناسبة ليبية بحتة.
واستناداً الى مصادر ديبلوماسية عربية، فإن هناك تقويماً يجريه موسى لموقف قبلان وأبعاده، وما اذا كان نهائياً أم لا، على اعتبار ان بعض القراءات تقول انه لو كان الموقف نهائياً، لكان جرى اطلاقه على لسان رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي بدوره ترك لرئيس الجمهورية ميشال سليمان حرية اتخاذ القرار. وبالتالي، هناك مجالات مفتوحة لايجاد مخرج، لا سيما وأن الموقف في الوقت نفسه، يحرج حزب الله الذي يجب في المبدأ أن يكون متضامناً معه، في حين ان شروط التهدئة الداخلية السائدة حالياً بين الفرقاء، تتطلب حداً مقبولاً من القدرة على التفاهم على كل المسائل المطروحة، وتبعاً لذلك، عدم وضع أي قضايا خلافية في وجه الحكومة، أو الحكم برئاسة رئيس الجمهورية، الذي يتوقع أن يلعب دوراً محورياً في الموضوع لتخفيف التشنج، وكذلك لتأمين حضور فاعل ورفيع للبنان في القمة، خصوصاً وان الرئيس ميشال سليمان يقف الى جانب وحدة الصف العربي والتضامن والتوافق، وسيسجتمع كل المعطيات في الأمر نظراً الى دقة الموقف في المهمة الوفاقية التي سيقودها في لبنان. ولا يزال هناك متسع من الوقت أمام لبنان لاتخاذ قراره، خصوصاً ان الدعوات الليبية للمشاركة في القمة لم توزع بعد، على الدول العربية.
ويفترض ان ترسل ليبيا موفدين رئاسيين الى العواصم العربية لتسليم دعوات الرئيس معمر القذافي والأمين العام للجامعة الى الرؤساء والملوك العرب، ووزراء خارجياتهم للمشاركة، كون القمة يسبقها اجتماع تحضيري على مستوى وزراء الخارجية في 25 آذار يعمل على وضع اللمسات الأخيرة على مشروع مقررات القمة، أو ما يسمى بـاعلان طرابلس الغرب.
واذا ما كان الكلام حول ضرورة عدم مشاركة لبنان، فإن ذلك سيعقد أيضاً مشاركة وزير الخارجية القريب من الرئيس بري.
وتؤكد المصادر، انه في ضوء الاتصالات التي سيقوم بها موسى وردود الفعل اللبنانية، وسياسة رئيس الجمهورية المؤيدة للمشاركة في المؤتمرات العربية، سيتم تحديد مستوى مشاركة لبنان، والموضوع لم يطرح بعد على مجلس الوزراء الذي سيحسم الموقف لاحقاً، في ما اذا سيتمثل لبنان في القمة برئيس الجمهورية أو برئيس مجلس الوزراء سعد الحريري وبوزير الخارجية في الاجتماع التحضير لها، أو انه سيتم ايفاد مسؤول رفيع المستوى لتمثيل أو تكليف القائم بالأعمال اللبناني في ليبيا تمثيل لبنان.
الا ان المصادر تلفت الى ان العلاقات الديبلوماسية بين لبنان وليبيا قائمة، على الرغم من الخطوة الليبية سحب السفير في لبنان قبل سنوات، اثر عدم دعوة بري له على غرار سفراء الدول الى احد النشاطات في المجلس النيابي، فاحتج وغادر بيروت مع طاقم السفارة التي أقفلت لاحقاً، والسفارة الليبية لدى دمشق ترعى مصالح الليبيين في لبنان واللبنانيين الذي يرغبون في زيارة ليبيا. ولم يقفل لبنان سفارته لدى ليبيا ولديه قائم بالأعمال يدير شؤونها. وهناك نحو ألف لبناني يعملون في ليبيا وتتابع السفارة أوضاعهم.
وما يمكن ملاحظته من جانب المصادر، هو عدم اتخاذ بعض المرجعيات الشيعية موقفاً مماثلاً لما تتخذه مع السلطة اللبنانية، ازاء العلاقات الودية الايرانية الليبية والزيارات المتبادلة على أعلى المستويات بين طهران وطرابلس. كما انه لم توجه حتى كلمة معاتبة من جانبهم الى دمشق التي تربطها بطرابلس أفضل العلاقات وأمتنها، وكان الرئيس السوري بشار الأسد زار أخيراً الرئيس الليبي معمر القذافي.
وكل المعطيات تشير الى مشاركة الأسد في القمة العربية في ليبيا، كما شارك القذافي في القمة التي انعقدت في دمشق قبل سنتين.
لبنان لن يقاطع أعمال القمة العربية في ليبيا، ومستوى المشاركة قيد الدرس بين الفرقاء اللبنانيين، حفاظاً على دوره العربي، وحتى الآن ستتم معالجة الموضوع بعيداً من المزايدات الداخلية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.