ثلاثة ملفات اساسية في المنطقة كانت ولا تزال الإدارة الأميركية برئاسة الرئيس باراك اوباما تعمل لتحقيق تقدم جوهري فيها، وهي تلقي بظلالها على الوضع اللبناني وتطورات الوضع الاقليمي: عملية السلام في الشرق الأوسط، الملف النووي الإيراني والعلاقات الأميركية السورية. الإنجازات بقيت محدودة جداً بعد مرور عام على تسلم الإدارة مهمتها.
لذلك، لا يزال الوضع ضبابياً في المنطقة، على الرغم من ان المنحى الحواري لحل المشاكل العالقة الذي اتبعته الإدارة خلق أجواء مختلفة عما كان سائداً.
ففي موضوع السلام، هناك تعثر واضح. إذ لم يتمكن الموفد الرئاسي الأميركي لشؤون الشرق الأوسط جورج ميتشل من تحقيق اختراق. كان يريد استئناف التفاوض على المسار الفلسطيني الإسرائيلي، لكن الفلسطينيين لا يريدون ذلك من دون وقف الاستيطان مسبقاً. وإسرائيل ليست مستعدة لهذا التطور. وتتحدث عن وقف لاشهر، لتعود وتعلن وقفاً من دون القدس، أو من دون النمو الطبيعي للمستوطنات.
ومن المعطيات لدى مصادر ديبلوماسية غربية، ان الأفكار الفرنسية والروسية التي تطرح ما بعد جولة ميتشل الأخيرة لحدوث اختراق ما يسهل عودة الأفرقاء إلى طاولة التفاوض، لا تزال دونها عقبات. فالولايات المتحدة غير متحمّسة لفكرة مبادرة فرنسية للسلام، أو لمؤتمر دولي تستضيفه باريس. إذ انها تفضل بقاء المبادرة والقيادة في يدها.
من جهة ثانية، ترى المصادر ان الفلسطينيين وكذلك إسرائيل متحمسون للذهاب إلى المفاوضات. وإذا انعدمت امكانات التفاوض والظروف المؤاتية له لا يمكن للمؤتمر أو المبادرة الى جمع الأفرقاء أن ينجحا. وتتحدث المصادر عن اتصالات دولية من أجل أن تنعقد الرباعية الدولية في شهر شباط الجاري أو آذار المقبل، لكن الاتصالات تنتظر الموقف الأميركي، كما تنتظر وجود استعداد لدى الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي لجعل أي تحرك دولي قابل للتقدم. وهذا ما ينطبق على مصير مؤتمر موسكو الذي دعت روسيا إلى عقده للسلام الشامل، ولم ينعقد لعدم وجود الظروف والاستعدادات المطلوبة من الأفرقاء، ولا يزال يخضع للتأجيل.
ونتائج الحوار الدولي مع إيران لا تختلف كثيراً عن نتائج المحاولات السلمية في المنطقة. وبسبب عدم وجود أمل في إحراز تقدم في التفاهم مع ايران حول ملفها النووي، يجري التلويح بالعقوبات، لأن واشنطن والاوروبيين يعتبرون الرد الايراني على طرحهم غير جدّي، لذلك دخلوا مرحلة الخوض في تفاصيل العقوبات لكنهم يقعون في حيرة. فمن جهة يريدون تشديدها، ومن جهة ثانية لا يريدون أن تطال الشعب.
الصورة حيال إيران تبقى ضبابية، ومن المؤكد ان العقوبات ستبحث خلال شباط الجاري بين الدول الست، ولعل الوضع الإيراني الداخلي الأكثر تأثراً في المسألة، لناحية ان هناك تخوفاً دولياً من ان يؤدي الضغط بعقوبات على الحكم، إلى قيامه بضرب المعارضة، أو أن يؤدي موضوع العقوبات إلى إضعاف المعارضة.
كما ان المحاولات الدولية لفصل إيران عن سوريا لم تتحقق، مع ان هذا الأمر موضع إجماع لمقاربات غربية وعربية عدة، على اعتبار ان عزل إيران يسهّل التعامل معها. وهناك أسباب عدة وراء عدم القدرة على الفصل أهمها: ان سوريا تعتبر ان استمرار تحالفها مع إيران يعطيها صدقية دولية، وأن انفتاحها الدولي لا يمنع تحالفها مع إيران.
كما ان المصادر تستطيع التشبيه بين تركيا وسوريا بالنسبة إلى التحالف مع إيران، رغم خصوصية كل تحالف ثنائي. مع الإشارة إلى العلاقات التركية الأميركية الجيدة والتركية الأوروبية أيضاً.
أما على خط العلاقات الأميركية السورية فإن خطوة تسمية السفير الأميركي لدى دمشق تعتبر اساسية في الاتجاه الذي يساعد على تعزيز العلاقة، وتعبّر عن بلورة نوع من تجاوز لعقبة من العقبات التي كانت تشوب العلاقة. وإذا ما استعيدت الوساطة التركية على الخط السوري الإسرائيلي للسلام، فإنّ الخطوة تساعد في تعزيز جهود التفاهم بين الطرفين وتسهلها، لكي يتبعها المسار اللبناني الإسرائيلي لاحقاً. كما ان وجود السفير الأميركي في دمشق يسهّل عملية الحوار القائمة بين واشنطن ودمشق والتي لم تحرز بعد اختراقاً في تحقيق المطالب الدولية من سوريا، وقد عمدت دمشق إلى إرسال رسائل إيجابية عبر ملفات عالقة في المنطقة، وعبر العلاقة الفرنسية السورية، لكن الحوار الأميركي السوري لا يزال في بدايته، والطرفان سيسعيان إلى استكماله، وأمامه محطات عديدة مطلوبة لتسوية العلاقة.
والانجازات المحدودة في هذه الملفات تجعل الوضع ضبابياً في المنطقة ويراوح مكانه في انتظار اختراق ما في موقع ما.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.