كلما ازداد القلق من التهديدات الاسرائيلية بتوجيه ضربة الى ايران، يزداد التخوف من تأثير مثل هذا الخيار على الوضع في لبنان واحتمالات بقائه بمنأى عن اي خطر، في ظل المعادلات الاقليمية والظروف السائدة، لاسيما ما يربط ايران بـحزب الله.
فهل يمكن ان تستبق اسرائيل التحركات الدولية في اتجاه عقوبات ضد ايران في مجلس الامن بتوجيه ضربة الى طهران؟ وهل عودة ايران الى التعاون الجدي يبقى مفيدا لها حيال المخاطر التي تتهددها، ويمكن ان تلجأ اليه في اي لحظة على الرغم من التحركات الدولية هذه؟.
تؤكد مصادر ديبلوماسية غربية بارزة ان العقوبات ضد ايران مهما كانت قاسية، لا تؤدي الى تخوف لبنان ودول المنطقة من انعكاساتها، على غرار التخوف مما تفرضه الحرب، ليس على ايران فحسب، انما من انعدام ضبط الاستقرار في المنطقة بكاملها، وان كان لبنان يدعو الى حل الموضوع بالطرق السلمية وبالحوار. وفي كل الاحوال، ان الدول الكبرى لن تتأثر برأي لبنان والدول العربية في حال اتخذت اي قرار حول ايران بالنسبة الى العقوبات او التصعيد العسكري. ودائما يبلّغ المسؤولون في الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي بعض الدول القريبة منهما عبر القنوات الديبلوماسية، ان دولاً عربية تقول وتطالبنا بشيء في السر وشيء آخر في العلن. لكن من الواضح ان معظم الدول العربية تقف رافضة ان تمتلك ايران سلاحاً نووياً. لكن عندما يحين أوان اتخاذهم موقفاًَ محدداً مع اقتراب اي حسم متصل دولياً بهذا الملف، فإن الاتجاه هو الى رفض السلاح النووي عند اسرائيل وايران، وسيتفقون على صيغة في هذا الاطار.
وفي رأي الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي، انه من الآن وحتى فترة سنة، اذا ما بقيت ايران تعمل على هذا النحو في المجال النووي، سيكون لديها سلاح نووي بعد سنة. واذا لم تقم الدول بردة فعل منذ الآن وتتخذ اجراءات خصوصاً عقوبات في مجلس الامن، فإن اسرائيل عندئذ قد تعمد الى ردة فعل عسكرية لانها لن تقبل بمثل هذه النتيجة مع ايران. لذلك من الافضل ان يحصل تحرك دولي قريباً، تتخذ بموجبه اجراءات في المجلس لاظهار عدم القبول الدولي بامتلاك طهران السلاح النووي، الامر الذي يفيد اسلوب متابعة الموضوع بهذه الطريقة ويمنع اسرائيل من القيام بأي عمل عسكري.
لكن المصادر تلفت الى ان اسرائيل لا يمكنها التفرد في اي خطوة ترغب في القيام بها ضد ايران او ضد الذراع الايرانية في لبنان اي حزب الله من دون الاخذ في الاعتبار مجمل الموقف الدولي، لان اي عملية من جانبها ستكون مغطاة دولياً. وهذا احد اسباب عدم اللجوء الوشيك الى الضربة، التي تبقى خياراً مفتوحاً لاحقاً في حال فشلت العقوبات. والاسباب الاخرى تكمن في ان الضربة مسألة مكلفة سياسياً وامنياً، وهناك تفضيل في الوقت الحاضر للتعاطي مع الموضوع عبر العقوبات. ثم ان الغرب يستخدم ردة الفعل الاسرائيلية القاسية، للتهويل الردعي حيال ايران من اجل التعاون في الحوار، لكن من المستبعد جداً ان تقوم اسرائيل بعمل عسكري طالما ان هناك مساراً للعقوبات قيد التحضير او قيد التنفيذ لاحقاً.
وكل القرارات السابقة حول العقوبات ضد ايران، استغرقت في التفاوض الدولي توصلاً الى صدورها نحو 7 او 8 اشهر، بحيث انه ليس من السهل الاتفاق على ذلك. الا ان المجال امام ايران مفتوح دائماً للعودة الى الحوار مع الدول حتى في المرحلة الحالية، اذ ان المسار المزدوج حيال التعامل معها هو المعتمد، اي مسار التفاوض والعقوبات في الوقت نفسه. وفي اي لحظة تعود فيها ايران الى التفاوض الفعلي حول كل القضايا، يعلق مسار العقوبات فيعاد الحوار حول رزمة الحوافز، واذا لم ينجح يصبح استكمال العقوبات حتمياً.
والعلاقات الدولية مع ايران في الحوار لم تتمكن من بناء الثقة بينهما، اذ تعتبر الدول ان امكانية الاستخدام السلمي لطاقتها النووية غير متاحة، وان احاطة ايران برنامجها بالسرية له اسبابه، حتى ان سرية موقع قم تثير الشكوك. وان وثائق العالم الباكستاني خان حول تصنيع ايران للقنبلة تثير الشك. ومجموعة الشكوك تضاهي قدرة الاعتراف بحق ايران في امتلاك تكنولوجيا نووية لاغراض سلمية. وبداية اجراءات الثقة الدولية بإيران للتخصيب في الخارج لم تجد طريقها الى القبول الايراني، لأن طهران تعبّر في ذلك عن عدم ثقة بالدول لتسليمها كامل التخصيب ثم التسلم منها لاحقاً، وتريد تسليماً وتسلماً على الارض الايرانية وبالتتالي.
ومن المقرر ان تعود الدول الست الى الاجتماع لمناقشة مسألة العقوبات ونوعيتها ومداها، خلال شهر شباط المقبل. وتؤكد المصادر ان روسيا ليست العقدة في فرض العقوبات، انما الصين، لأن من بين الافكار المطروحة للعقوبات فرض عقوبات على تصدير النفط من ايران. ولأن الصين تستورد نفطها من ايران، فإنه ليس لمصلحتها فرض مثل هذه العقوبات، الا انها ستنضم في النهاية الى الاجماع الدولي الذي يحصل بالنسبة الى التعامل مع الملف الايراني، لكن الامر سيحتاج الى نقاش ومفاوضات حول العقوبات ومداها ونوعها.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.