8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

تصاعد القلق من عدوان على لبنان مصدره احتمال توجيه ضربة الى إيران

عندما أعادت إسرائيل تهديداتها للبنان خلال الأيام الماضية، تأكد لديبلوماسيين بارزين، معادلة انه كلما حقق الوضع اللبناني نوعاً من الاستقرار السياسي والأمني، وسجل حداً مقبولاً من النمو الاقتصادي، تدخل إسرائيل على الخط بتجديد تهديداتها له، مع عدم استبعاد تنفيذها، في خطة مدروسة لإعادة وضعه إلى الوراء. وانه كلما سادت ظروف من الخلافات الداخلية اللبنانية، تتراجع في تهديداتها، وإذا ما هددت يكون الأمر للتهويل. والخوف المرتبط بتوجيه ضربة إسرائيلية ضد لبنان، مصدره تصاعد القلق من امكان توجيه إسرائيل ضربة إلى إيران، ما يعني وضع المنطقة أمام الهاوية، لأن أي ضربة لإيران ستشعل المنطقة بأسرها. وإذا ما حصلت، ثمة توقعٌ بأن توجه الدولة العبرية ضربة إلى الذراع الإيرانية في لبنان أي حزب الله.
ويعود سبب هذه التوقعات الديبلوماسية الخطرة، والتي لا تحمل حتى الساعة أي تأكيدات، إلى أمرين: الأول، إقفال آفاق العملية السلمية في المنطقة. والثاني، عدم حصول أي حلحلة على صعيد الملف النووي الإيراني بعد مهلة 3 أشهر مرّ على انقضائها نحو شهر، ما يضع المنطقة أمام حائد مسدود، تشكل الحرب في سياقه بديلاً..
ففي مجال السلام، لم تتمكن الإدارة الأميركية من إحراز اختراق لمعاودة التفاوض، وكل الوعود التي أطلقتها في بداية عهدها عادت لتتراجع عن العديد منها. فضلاً عن وجود حكومة إسرائيلية بالغة التطرف، هدفها تغيير الوقائع على الأرض، والمماطلة وتقطيع الوقت ليس إلا. لكن إذا ما تحرك السلام، تتراجع احتمالات العمل العسكري أو اللجوء إلى الحرب. لذلك دعت روسيا إلى اجتماع للرباعية الدولية على مستوى وزراء الخارجية للبحث في الأفق المسدود للسلام، وتأمل موسكو في استجابة الأطراف المعنية إلى دعوتها، خصوصاً ان الغرض من ذلك هو محاولة الخروج بنظرية جديدة لتوفير حلول خلاّقة لتحريك عملية السلام، ولم تتلق بعد أجوبة على الدعوة. وفي اعتقاد روسيا ان تحريك السلام يؤدي إلى استرخاء في وضع المنطقة، وان الأولوية لإحداث الاختراق المنشود.
أما في مجال الملف النووي الايراني، فإن روسيا تريد إعطاء مهلة إضافية لطهران، لأن البديل أي الحرب أو العقوبات ليست لعبة، وهي تحسبها جيداً. وفي اعتقاد روسيا ان جهود الحوار لم تستنفد، لأن إيران لا تزال تقترح حلولاً، وذلك عبر استمرار قبولها بالتخصيب في الخارج، لكنها لا تريد التسليم الكامل إلى الخارج في الوقت نفسه وتريد التسليم التدريجي وعلى أرضها. فضلاً عن ان موسكو لا تزال مقتنعة بأنه لا يوجد سلاح نووي لدى إيران، في حين ان دولاً أخرى مقتنعة بأن لدى إيران سلاحاً نووياً، وإن لم يكن بالكامل، فإنّه في غضون وقت قريب سيصبح لديها هذا السلاح. وتقول روسيا انه ما دامت إيران تقترح الحلول فلماذا الدخول في درجة الخطورة في الأزمة؟ ومن الأفضل التريث والانتظار قليلاً لمعرفة التطورات التالية.
وانطلقت الخشية من الحرب اساسا، من انسداد أفق الحل مع إيران. وإذا ما ثبت للدول الست انه بات لديها برنامج عسكري نووي، فإنّ ذلك سيشجع إسرائيل على القيام بضربها، بغطاء أميركي وأوروبي، ويتم حالياً لعب سياسة حافة الهاوية معها. وفي مرحلة التصعيد الدولي والسير نحو بدائل الحوار، يبرز دور إسرائيل المعنية بإعادة معنويات جيشها، في وقت تقوم بتدريبات ضخمة، حتى وإن كان هناك أكثر من علامة استفهام حول انتصارها الحتمي في أي مواجهة.
لكن الديبلوماسيين البارزين يعتبرون انه إذا استطاعت إسرائيل أن تكسر الشوكة في لبنان، فإنّه يمكنها كسرها في إيران. وبالتالي أي ضربة للبنان تكون مقدمة لضرب إيران، وفي الوقت نفسه لأكثر من موقع وجبهة في المنطقة. وإذا باتت إيران في مرحلة القدرة على الرد، فإنّ ذلك يكون السيناريو الأسوأ أمام المنطقة.
ويقول الديبلوماسيون ان إسرائيل لن تقوم بخطوة عسكرية ضد إيران إلا بعد دراسة عوامل عدة، أهمها العامل الداخلي الإسرائيلي، والعوامل الاقليمية من مواقف الخليج، تركيا، سوريا، وإيران وأوضاعها الداخلية، لتقييم ما إذا كانت الضربة ستُضعف إيران فعلاً أم تقوّيها، فضلاً عن دراسة مواقف الدول التي تحيط بإيران لاسيما افغانستان وباكستان والعراق، وحيث تتواجد قوات أميركية وغربية، خصوصاً ان الضوء الأخضر الأميركي سيأخذ في الاعتبار الأوضاع الأميركية في كل هذه الدول، ثم هناك الاستنتاج المسبق لما يمكن أن تؤدي إليه الحرب، والعوامل الدولية التي تواكب اتخاذ مثل هذه الخطوة.
وعندما تكون العوامل كلها مؤاتية، يتم خلق المبررات لشن الحرب، بحيث لن يكون هناك انتظار، ولا يقوم قرار الحرب على عامل واحد من دون العوامل الاخرى الشاملة.
وأكثر الدول المتخوفة من حصول ضربة لإيران هي فرنسا، لأنها تعتقد ان إيران على وشك امتلاك السلاح النووي، وأنّ إسرائيل لن تقبل بهذا الواقع.
انها مرحلة شدّ الحبال الدولية الاقليمية، وأكثر ما يفيد لبنان هو التماسك الداخلي ووحدة الموقف، وترسيخ التضامن.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00