يأتي اختيار الولايات المتحدة وأوروبا الطريقة المناسبة للتعامل مع إيران في ضوء عدم تعاونها في الحوار الدولي حول برنامجها النووي، في سلم أولويات اهتمام الطرفين. وأي جولة مرتقبة لمدير الشؤون السياسية في الخارجية الأميركية وليم بيرنز في المنطقة، سيكون محورها الموضوع الإيراني. والجولة متوقفة على قرار الإدارة بالنسبة الى مرحلة ما بعد اجتماع الدول الست الكبرى السبت الماضي، والذي لم يتمكن من إحراز توافق حول مسألة فرض العقوبات على إيران.
وتفيد أوساط ديبلوماسية غربية بارزة، أن الدول الست ستستكمل مشاوراتها لتحديد آفاق المرحلة المقبلة حيال العقوبات، وللسعي الى توفير أكبر قدر ممكن من التوافق حول فرض العقوبات. وفي الوقت نفسه، سيبقى الحوار الدولي مع إيران قائماً بالتزامن، لإتاحة كل الفرص أمامها للتعاون، لكن اللجوء الى مجلس الأمن لا بديل منه في حال لم تتعاون إيران فعلياً. وبالتالي، هناك حاجة دولية الى مزيد من التشاور الذي سيأخذ وقتاً، قد يمتد الى نهاية آذار حتى يتم بلورة موقف دولي واضح حول العقوبات في مجلس الأمن، في ظل استبعاد حصول تعاون إيراني حتى ذلك التاريخ. وهذا يعني وجود فرصة إضافية أمام إيران وإن كانت غير معلنة، بعدما انتهت الفرصة المعطاة لها دولياً بنهاية العام 2009.
وكان لافتاً موقف كل من الصين وروسيا الاتحادية في اجتماع السبت. ويتبين أن الصين لا تقف مع العقوبات، وأن لروسيا موقفاً مشابهاً لكنه يختبئ وراء الموقف الصيني ما دام هناك من يعارض. ولم تتمثل الصين في الاجتماع على مستوى رفيع، وكان مندوبها في مزاج استماع أكثر منه متحدثاً، فالطرح بالنسبة اليها لا يزال مبكراً، وقد يكون ذلك مرتبطاً بعوامل عدة، أبرزها: الوضع الداخلي في إيران والذي لم يتم خلاله وضع المعارضة عند حدها. ثم هناك ما يتصل بالموقف المبدئي الصيني من فرض العقوبات، الذي يلقى منها معارضة. وأي عقوبات ستفرض يجب أن تكون محددة الأغراض وألا تطال الشعب، وأن تكون قابلة للمراجعة.
إلا أن الأوساط تعتبر أن الصين التي ترأس مجلس الأمن لهذا الشهر، لا تريد أن تمرر أي خطوة ضد إيران خلال رئاستها. وتبعاً لذلك ثمة متغيرات ستطرأ على الموقف الصيني خلال الشهر المقبل، بحيث يصبح أكثر قبولاً بفرض عقوبات ومعه الموقف الروسي، وفي الأساس اعتبرت الصين وروسيا أن عدم تجاوب إيران مع فرصة الحوار الدولي معها سيزيل أي حجة أمام رفض العقوبات. وحتى يوم أمس كانت إيران لا تزال ترفض رسمياً عرض الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وكل المعطيات تشير الى أنه لا مفر من العقوبات وإن لم تكن هذا الشهر، فسيتم العمل الشهر المقبل وبعده على أبعد تقدير، لإنضاجها واتخاذ قرار محدد حولها.
ومن المبكر استكشاف مستوى العقوبات القاسية المنتظرة، لكن التشاور الدولي سيسود المرحلة المقبلة، فضلاً عن التشاور الدولي ـ العربي. وستضع كل دولة مؤثرة في القرار، أولوياتها ومصالحها في الميزان. ولا يعرف ما إذا كانت الصين، التي تُمسك حالياً الاقتصاد العالمي، والعالم المديون لها، ستضغط في اتجاه الاستمرار في عدم تمرير العقوبات، أم أنها ستتأثر في اللحظة الأخيرة بالضغوط الأميركية والفرنسية لعدم عرقلتها.
وما دام خيار العقوبات مطروحاً بجدية وقوة، فإن خيار الحرب ضد إيران لا يزال مستبعداً في المدى المنظور.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.