يدل تكثيف الزيارات الرسمية الاميركية للبنان على اعادة المتابعة المباشرة لتطورات الموقف فيه. وفي الاساس لم تتوقف المتابعة الاميركية لاوضاعه حتى في مراحل غياب حركة الموفدين اليه. ولا تعنى هذه المتابعة فقط بما يخص لبنان في موضوع السلام في الشرق الاوسط فحسب، انما ايضا مواكبة العلاقات الثنائية اللبنانية الاميركية، والتشاور السياسي حيال القضايا المطروحة في المنطقة.
وتبعاً لذلك، فان الاهتمام الاميركي بلبنان يعاود بطريقة تختلف عما كان يحصل في 2005 و2006، مع ان التمسك بالثوابت حيال لبنان مسألة مؤكدة، في دعم السيادة والاستقلال وتنفيذ القرارات الدولية. والطريقة الاخرى تأخذ مما تحقق فيه حتى الآن من استقرار سياسي وأمني نقطة انطلاق، للبناء عليها في الاسلوب الجديد المتبع. فضلا عن ان لبنان الآن عضو في مجلس الامن، وهذا موضوع مؤثر بالنسبة الى الولايات المتحدة، وثمة ظروف دولية واقليمية مستجدة، الامر الذي يلقي بظلاله على تعزيز الاهتمام الاميركي بلبنان.
وتفيد مصادر ديبلوماسية بارزة، ان مستشار الامن القومي الاميركي جيمس جونز، بحث في بيروت جملة مواضيع لعل ابرزها: المساعدات العسكرية للبنان، انطلاقا من اولوية الاهتمام بالمؤسسات اللبنانية وبالجيش اللبناني تحديداً وضرورة تقويته، واهمية تنفيذ القرار 1701، ودور الجيش في ذلك.
كما بحث في دور لبنان في مجلس الامن، ومعرفة موقفه عشية اجتماع الدول الخمس الدائمة العضوية مع المانيا اليوم في نيويورك، لبحث وضع مشروع قرار عقوبات قاسية على ايران ودرس طبيعة العقوبات التي ستفرض. وتريد واشنطن ان يكون لبنان داعما للمشروع. وذلك من ضمن مساعيها لتحقيق اجماع حول القرار في مجلس الامن، ومن ضمن تعويلها على الموقف اللبناني. واستمع لبنان الى وجهة النظر الاميركية من جونز، الا ان العملية ستأخذ وقتا ولا يتوقع ان تتبلور قبل منتصف شباط المقبل او نهايته، ولبنان في النهاية، سيدرس اي مشروع بعد بلورته وبحسب نصه والظروف المحيطة بذلك. وفي الاساس امام اي دولة عضو غير دائم في المجلس خيارات اربعة: اما التصويت مع القرار، او ضده، او الامتناع عن التصويت، او عدم حضور جلسة مجلس الامن المخصصة للتصويت. ولبنان الذي سيتخذ موقفا ينسجم والموقف العربي والآسيوي، امام تحد كبير، خصوصا ان هناك انقسامات عربية حادة حول الموضوع الايراني، بحيث يستبعد وجود موقف عربي موحد حيال التصويت على اي مشروع قرار جديد.
والمسألة الثالثة التي بحثها جونز في لبنان، هي مكافحة الارهاب وضرورة تضافر الجهود اللبنانية مع الجهود الاميركية لتعزيز هذا المنحى. ويذكر ان لبنان ينسق مع دول العالم لهذه الغاية، وهناك تبادل معلومات ومعطيات حول ذلك.
ومن موضوع الارهاب الذي عاد ليقلق الولايات المتحدة بشدة، ومن احدى جوانبه هناك العودة القوية من الادارة الى بحث سبل استئناف مفاوضات السلام في الشرق الاوسط، بعدما كانت اولويتها الشأن الداخلي الاقتصادي والضمان الصحي خصوصا. وما ادى الى هذه العودة الاجواء التي خلفتها قضية محاولة خطف الطائرة المتوجهة الى ديترويت، بحيث شعرت الادارة الاميركية انها اذا لم تجد حلاً للنزاع في الشرق الاوسط، فسيكون الوضع كارثياً عليها. ووضع جونز المسؤولين في صورة مباحثاته مع قادة المنطقة والصعوبات التي لاتزال قائمة بالنسبة الى قبول الفلسطينيين العودة الى التفاوض، والجولة التي سيبدأها الموفد الرئاسي الاميركي لشؤون الشرق الاوسط جورج ميتشل من بيروت الاثنين، وتشمل دول المنطقة، واصرار الادارة الاميركية على السعي للسلام. وسمع في بيروت الثوابت اللبنانية الداعية الى الحل الشامل والعادل والدائم عبر المبادرة العربية للسلام، وتنفيذ اسرائيل للقرار 1701 الذي اوجد الحل للقضايا العالقة مع لبنان. وعبر جونز عن امل بلاده ان تقبل الاطراف استئناف التفاوض وان تحدد المواضيع القابلة للبحث.
وزيارتا جونز وميتشل الى المنطقة ستستتبعهما زيارة لمدير الشؤون السياسية في الخارجية الاميركية وليم برنز. وهو سيناقش المواضيع الثنائية مع الدول، وعملية السلام في المنطقة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.