أكثر ما يهم الإدارة الأميركية من موضوع إعادة ايفاد المبعوث الرئاسي لشؤون الشرق الأوسط جورج ميتشل الى المنطقة مسألتان: الاولى، التأكيد على استمرار المحاولات الأميركية الجدية لإحداث اختراق في عملية السلام يؤسس للعودة الى طاولة التفاوض على مسارات السلام الثلاثة مع إسرائيل، اللبناني والسوري والفلسطيني.
والتركيز الأساسي في المحاولة هو على المسار الفلسطيني الإسرائيلي، نظراً الى الأفق المسدود ان بالنسبة الى الاوضاع الفلسطينية الداخلية والانقسامات، أو بالنسبة الى الحكومة المتطرفة في إسرائيل، والتي نسفت حتى الآن كل أسس العملية السلمية، وسيرها في سياسة الاستيطان من دون توقف. هذا ما تؤكده مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع على التحضيرات لجولة ميتشل المرتقبة الى المنطقة. وبالتالي ينصب الاهتمام الأميركي، على إعادة تحديد الأولويات في البحث لإحياء المسار الفلسطيني الإسرائيلي كون ذلك محوريا بالنسبة الى البحث في احياء المسارين اللبناني والسوري مع إسرائيل، الأمر الذي حتمته عناصر مستجدة مثل المنحى الذي تسلكه حماس أخيراً وإمكان تفاهمها مع القيادة الفلسطينية في شأن الانتخابات، وإعلان إسرائيل التجميد الموقت لبناء المستوطنات، ما يمكن العمل للبناء عليه على الرغم مما تخبئه النيات الإسرائيلية في هذا المجال.
أما المسألة الثانية، فهي الضغوط الأميركية للابقاء على عجلة تحريك السلام في المنطقة قائمة. مع علم الإدارة ان إحراز أي تقدم جوهري حالياً ليس من السهل تحقيقه، لكن انسداد الافق وبروز ستاتيكو راهن واستمراره من دون معطيات سياسية يتم العمل عليها لكي تتحقق في إطار خطة محددة، يحتم مثل هذه الضغوط، تلافياً لحصول تفجير في الوضع.
وهناك تخوف لدى عواصم كبرى يوازي التخوف الأميركي، من ان يتم، نتيجة الدوران السياسي في حلقة مفرغة، وثمة توافق في القراءة بين واشنطن وباريس وعواصم عربية فاعلة، على ان تفشيل إسرائيل قيام خطة أميركية للسلام في المنطقة، يخدم القوى المتطرفة لدى الجانبين فيها، كما يزيد من تعزيز الأصوات التي تريد السير في منحى المقاومة المسلحة، فضلاً عن ان اللجوء الى الحرب، قد يكون احدى وسائل المفاوضات، خصوصاً انه إذا فشلت الحركة السياسية وانسد الأفق، تكون الحرب حينذاك أسلوباً للانطلاق في التفاوض وفقاً لقواعد جديدة أو قديمة مشلولة، الأمر الذي سيؤدي بدوره الى خطر فشل الجهود الرباعية الدولية إذا لم تنفذ مقرراتها، حتى ان المؤتمر الأكاديمي الذي عقد أخيراً في الأردن ودعت اليه موسكو حول آفاق السلام حتى 2020 خرج باستبعاد ان يتم التوصل الى حل في المنطقة ما بين سنتي 2020 و2030. والمتضرر من السلام سيبقى على أهبة الاستعداد للتحرك سلباً، ما يزيد التطرف، والمقاومة المشروعة ستزداد فاعلية، وكل ذلك لا يؤدي الى الأمن والاستقرار في المنطقة، والحل بالعودة الى أسس السلام العادل والشامل والدائم.
وتفيد المصادر ان ميتشل سيزور بيروت خلال جولته، وسيستطلع التطورات اللبنانية بعد القمة اللبنانية الأميركية في واشنطن الشهر الماضي. إلا ان أي موعد للزيارة لم يبلغ الى بيروت، لكن المرجح ان يتم ذلك في الساعات الأخيرة التي تفصل عن الزيارة.
وأبرز ما سيستطلعه ميتشل آفاق طاولة الحوار الوطني المتوقع استئنافها قريباً، في ضوء ما أبلغه رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى الرئيس الأميركي باراك أوباما بأن السلاح يعالج بالحوار الداخلي نظراً الى الحساسية البالغة للموضوع فيترك للبنانيين التفاهم حوله. وجاء ذلك رداً على مصدر القلق الذي أعرب عنه أوباما حيال السلاح غير المنضبط في لبنان، والسلاح خارج إطار الشرعية، وتفهم الإدارة وجهة نظر لبنان بالنسبة الى ضرورة أن تنفذ إسرائيل مضامين الـ1701، لكن الموقف الأميركي يقول بأن على لبنان تنفيذ ما يتعلق به في القرار.
اما بالنسبة الى التعاون العسكري، فهناك تخوف أميركي من إمكان وصول السلاح المتطور الى المجموعات غير المنضبطة وغير المنضوية تحت الشرعية. مع العلم ان هناك رغبة قوية في مساعدة لبنان، خصوصاً ان واشنطن تقر بكفاءة الجيش اللبناني وانضباطه، وانه عانى ما عاناه في مكافحة الارهاب لا سيما في مخيم نهر البارد. ثم تقر بأن الجيش ساهم بشكل أساسي في الحفاظ على الاستقرار في أجواء سياسية غير مستقرة مرّ بها لبنان أخيراً، وحافظ فيها الجيش على وحدة المؤسسة العسكرية.
الأمر الذي يشجع، مع دور الجيش في مكافحة الإرهاب والتطرف، على مساندة الجيش ومساعدته.
وسيستطلع ميتشل استعدادات لبنان في حال حصلت تطورات ايجابية على صعيد استئناف السلام. وسيبلغ ان القرار 1701 عالج القضايا العالقة مع إسرائيل وعليها تنفيذه، وانه مستعد للسلام الشامل وعلى كل المسارات.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.