8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

العواصم الدولية تعتبر لبنان رشيد نفسه وتنتظر ديناميته الخارجية وإصلاحاته الداخلية

لا يمكن التكهن بانعكاسات أي منحى للعقوبات الدولية ضد إيران نتيجة فشل الحوار معها حول برنامجها النووي، على الوضع اللبناني؛ ذلك ان الموضوع يعتمد على مستوى العقوبات، كما على مستوى الرشد الذي بدأت تصف به العواصم العالمية لبنان، وقدرته على اجتياز المصاعب الداخلية والمؤثرات الخارجية.
ولا تزال هناك أسابيع قليلة تتضح خلالها صورة الموقف من إيران، لكنّ في هذه المرحلة ثمة إصرارا دوليا متجددا على الحفاظ على التهدئة الداخلية، في انتظار مسار المنطقة، ليس لناحية الملف النووي فحسب، انما أيضاً لناحية ملف السلام وتطوراته.
والهدف من ذلك عدم تعكير الاهتمام الدولي بهذين الملفين، خصوصاً وان الوضع اللبناني حقق تقدماً في ميادين عدة لعل أبرزها:
تشكيل حكومة الوحدة الوطنية برئاسة سعد الحريري، وانتظار أدائها السياسي والاقتصادي، ان بالنسبة الى تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بلبنان، أو القيام بالإصلاحات. وتقول مصادر ديبلوماسية معتمدة لدى عاصمة غربية مهمة، ان الدول باتت تتمنى القيام بالإصلاحات كثمن، لكنها لا تتدخل في الشأن الداخلي اللبناني، وقد أعربت عن ارتياحها للبيان الوزاري. كل ذلك لا يجعل لبنان حالة ملحة دولياً، بل ان كل الجهود تضافرت لوضعه على السكة، على الرغم من ان المجتمع الدولي يدرك تماماً ان الصراع السياسي في لبنان لم ينته، انما أعيد وضعه في الإطار الذي لا يعرّض الاستقرار الداخلي وفي المنطقة للخطر.
ولأن لبنان يعتبر راشداً، ينتظر المجتمع الدولي الدينامية الداخلية السياسية وتفاعلها مع الخارج بدءاً بسوريا لإرساء تصويب العلاقات الثنائية بين البلدين، بعد خطوات ايجابية من دمشق تمثل آخرها بعدم عرقلة تشكيل الحكومة، وثمة انتظار لبدء لبنان مسار تحمّل مسؤولياته بنفسه في علاقاته الخارجية، وفي حلّ ما يمكن ان يواجهه من مسائل، وهذا ما تبلوره عملياً سياسته الخارجية.
ان ثمة إجماعاً دولياً على ان لبنان يعيش أفضل الأوضاع في المنطقة، التي تلفها المشاكل بالعراق وفلسطين واليمن. فالمؤسسات الدستورية تعمل، والاقتصاد في تحسن، والحكومة بدأت تنطلق في مهمتها.
على الرغم من تعثر عملية السلام وعدم توصل الإدارة الأميركية الى خطة للمنطقة، إلا ان هناك أدواراً للدول المحورية تقوم بالاهتمام بالوضع اللبناني ورعايته، أبرزها المملكة العربية السعودية وفرنسا وتركيا.
ان عوامل التفجير تجعل الاهتمام الدولي يزداد حيال أي بلد. وبسبب انكفاء هذه العوامل في الوضع اللبناني، نتيجة البناء على مسار التهدئة والاستقرار، فإن لبنان يستعيد الأولوية في الاهتمام الدولي عند الضرورة والحاجة. والدليل على ذلك، انه لدى محاولة المسّ بالقرار 1559 أخيراً، أعادت الدول التشديد في مواقفها على تنفيذه، وأدت ردود الفعل على هذه المحاولة الى تعزيز القرار وليس الى التخلي عنه.
تتجه الأنظار الى دور لبنان في مجلس الأمن، وتتطلع الدول الأعضاء في المجلس الى التعاون معه والوثوق بموقفه، لا سيما وان نسبة عالية من العمل الديبلوماسي في هذا المضمار تقوم على التوافق والتعاون بين الدول، ما يشير الى قدرة لبنان على المساعدة في حل المشاكل الدولية المطروحة.
كل هذه العوامل تنعكس ايجاباً على لبنان، بحيث تعطى له الفرصة لتثبيت إرادته، ما يفسر الارتياح الى وضعه ويدل على استقراره في حدود مقبولة، وسيكشف مصير ذلك في ضوء مستقبل عملية السلام، وتطور الموقف الدولي حيال إيران.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00