تنتظر معظم الملفات المطروحة في المنطقة ما سيؤول اليه الحوار الدولي مع إيران أي ما أطلق عليه مسار جنيف، من عملية السلام في الشرق الأوسط، الى تحديد الأولويات الأميركية، الى العلاقات الدولية الاقليمية، وفلسطين والعراق، مع ما يحمل كل ذلك من تداعيات على الوضع اللبناني.
وستظهر نتائج هذا الحوار في بداية السنة الجديدة، غير ان المؤشرات بدأت تلوح في الافق. إذ تؤكد مصادر ديبلوماسية على اطلاع دقيق على الملف الدولي الإيراني ان طهران تتجه الى التعرض للعقوبات التي سيفرضها عليها مجلس الأمن الدولي. ذلك، انها رفضت التعاون الفعلي مع كل الاقتراحات التي قدمت اليها من خلال الحوار، حتى الاقتراح المعدل بالتخصيب في تركيا. كما أنها عمدت الى القيام بمناورات عسكرية، فسّرتها الدول بأنها رد على المناورات العسكرية المشتركة الأميركية الإسرائيلية الأخيرة.
وسيخلق موضوع العقوبات وإقرارها في مجلس الأمن، أجواء تأزم في المنطقة، بعدما سادتها أجواء التهدئة طوال الفترة الراهنة، نتيجة عدم وجود مصلحة لدى كل الأطراف بالتوتير، ومقتضيات انتظار مرحلة الحوار الدولي الإيراني، وحيث سعى كل من الطرفين الى اختبار نوايا الطرف الآخر، وتسجيل النتائج.
ومع ان الحرب على إيران لا تزال مستبعدة، إلا ان أي لجوء الى العقوبات ضدها، سيؤثر في ظروف المنطقة ولبنان، كون إيران تُمسك بأوراق كثيرة فيها. من لبنان الى غزة، فالعراق، واليمن والبحرين.
وبالنسبة الى لبنان، حيث المعادلة التي يجمعها البيان الوزاري للحكومة ثلاثية العناصر الجيش والمقاومة والشعب، فان موقفه كعضو غير دائم في مجلس الأمن، إذا ما طرحت العقوبات على إيران في مشروع قرار، سيكون أول استحقاق أمامه في هذا المنصب.
مع العلم ان المصادر، لا تؤيد الربط بين منصب لبنان والموضوع الإيراني كاستحقاق، على اعتبار ان وجود لبنان في المجلس هو استحقاق في حد ذاته، وان التعامل مع كل المواضيع المعروضة سيكون عبارة عن اجتياز محطات مهمة في المسائل الدولية، ولا يمكن حصر الأمر بملف واحد.
وليس بالضرورة ان يصوّت لبنان الى جانب العقوبات، لأنها في النهاية مسألة تحسمها مواقف الدول الخمس الدائمة العضوية وأربع دول غير دائمة العضوية، قد لا يكون لبنان من بينها. ومن السابق لأوانه التكهن بالموقف اللبناني، لأن ذلك خاضع لعوامل عدة منها بشكل أساسي روحية النص المعروض وصياغته وما إذا كانت عقوبات شاملة، أو على نواحي لا تؤثر في الوضع الإيراني الاقتصادي.
وبالتالي، لن يكون لبنان مع أي قرار بغض النظر عن فحواه. وسيجد المخارج اللازمة لموقفه مهما يكن، إذ يُرجح ان يمتنع عن التصويت او على الأغلب ان يلعب دور المحرّك لايجاد الحلول أو ابتكارها. انما لبنان ملتزم بالموقف العربي في الأساس وبشرعة الأمم المتحدة. والموقف العربي يطالب عادة بمنطقة الشرق الأوسط خالية من السلاح النووي بما فيها إسرائيل ويمكن ان يعمل لتضمين أي قرار هذا الموقف.
وينحو لبنان على الأغلب في اتجاه اللاموقف، خصوصاً أيضاً وان علاقاته مع الدول الكبرى ذات حساسية في هذا الصدد، ويجب الإبقاء على حسن العلاقات. كما ان ليس للبنان ان يرد منذ اليوم، على أسئلة افتراضية حول موقفه في حال طرحت العقوبات على إيران، وسيبني على الشيء مقتضاه لدى وجود نص محدد، ولن يتبرع بالادلاء بموقفه منذ الآن.
وفي الأساس، إن الجهات التي تفاوض إيران لا تحيطه علماً بما تفعله في هذا الموضوع.
فعندما تولت قطر هذا المنصب صوّتت مرة مع قرار للعقوبات على إيران، ومرة ضده. وليبيا عندما تولت المنصب امتنعت عن التصويت. وكذلك فعلت اندونيسيا.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.