8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

ترسيم الحدود مع سوريا يخضع لظروف المكاسب السياسية

في اول سنة 2010، أي بعد شهر ونيّف، يكون قد مرّ عام كامل على تشكيل لبنان فريقه في اللجنة اللبنانية ـ السورية لترسيم الحدود بين البلدين المفترض إنشاؤها، وهي اللجنة التي ستضع أسس الترسيم ومستنداته ومرجعياته وستشرف على هذه العملية على أرض الواقع.
ومنذ فترة يكثف الفريق اللبناني اجتماعاته تحضيراً لجاهزية لبنان في اللجنة، التي لم يسم بعد الجانب السوري فريقه فيها. وفي انتظار التسمية، سيكون موضوع الترسيم مرشحاً لأن يحتل الأولوية في المشاورات اللبنانية ـ السورية بعد نيل الحكومة برئاسة سعد الحريري الثقة وانطلاق مهمتها في الربع الأول من السنة الجديدة. كما سيحتل الموضوع أولوية في المشاورات الفرنسية ـ السورية ذات الصلة بالوضع اللبناني واستكمال تنفيذ بنود القرارات الدولية حول لبنان.
وتفيد أوساط ديبلوماسية بارزة، أن الترسيم سيسلك المسار نفسه الذي سلكته الاستحقاقات اللبنانية كافة من اتفاق الدوحة، والعلاقات الديبلوماسية اللبنانية ـ السورية، الى انتخاب رئيس للجمهورية، وإجراء الانتخابات النيابية من دون عرقلة، الى تشكيل الحكومة، وربما يتطلب مزيداً من الوقت، أكثر مما تطلبه تحقيق هذه الاستحقاقات. ومعظمها ورد في القرارات الدولية وحيث يبقى الترسيم بلا تنفيذ.
وقد أدت فرنسا دوراً مهماً في التوصل الى تحقيقها، فضلاً عن دورها في إرساء نوع من التهدئة في العلاقات اللبنانية ـ السورية، ما أنتج زيارات وصلت الى حصول قمتين لبنانية ـ سورية في دمشق. وذلك كان نتيجة مقاربة جديدة اتبعتها باريس لتنفيذ القرارين 1559 و1680، وحيث لا يمكن لواشنطن القول بأن معظم ما ورد في القرارين لم ينفذ. وانطلق دورها من المفهوم التقليدي الذي لطالما اتبعته فرنسا، وهو الاعتماد على علاقاتها مع دول المنطقة من أجل تطبيق سياساتها فيها، ما يعني أن علاقتها بدمشق ساعدت في تحقيق سياساتها حيال لبنان لا سيما في تنفيذ القرارات الدولية، في تحول في الأسلوب عن الشيراكية الأخيرة.
وقد تمكنت دمشق في هذا المسار، من أن تقنع فرنسا بأن ما تستطيع تقديمه في لبنان، يضاهي ما يمكن أن تقدمه أي دولة أخرى، وليس في لبنان فحسب، إنما في فلسطين والعراق، ما أدى الى أن يكون الحوار مع دمشق هو الحل الواقعي إن كان ذلك يعجب الدول ضمناً أم لا. وبالتالي، سينسحب على التعامل مع الوصول الى ترسيم الحدود مع سوريا الأسلوب نفسه من دون القدرة على تحديد الموعد للبدء بهذه العملية منذ الآن، لأنه لن يحصل بصورة تلقائية ولا من دون مكاسب دولية. فالقرار 1680 يشجع بشدة حكومة سوريا على الاستجابة بشكل إيجابي للطلب الذي قدمته حكومة لبنان، تماشياً مع الاتفاقات التي تم التوصل إليها في الحوار الوطني اللبناني، بتحديد حدودهما المشتركة، خصوصاً في المناطق التي تعتبر فيها الحدود غير مؤكدة أو محل نزاع... وربط ذلك، بـتأكيد سيادة لبنان وسلامته الاقليمية واستقلاله السياسي، وتحسين العلاقات بين البلدين.. ويحث الطرفين على بذل الجهود من خلال مزيد من الحوار الثنائي سعياً لبلوغ تلك الغاية... وما دام الدور الفرنسي يحقق الظروف المؤاتية للتهدئة في العلاقات اللبنانية ـ السورية، والمزيد من الحوار الثنائي عبر القمم التي تعقد، فإن الأمر يساهم في تقريب وجهات النظر بين البلدين تمهيداً لخروج مبادرة سورية ذاتية مع الوقت للترسيم. يشار الى أن الأمم المتحدة لم ترسل بعثة لاستطلاع تنفيذ القرار 1680 في مجال الترسيم، إنما المهمات التي كانت أرسلت هي من أجل السعي الى ضبط الحدود ومنع تهريب السلاح الى لبنان.
وفضلاً عن المكاسب الدولية من جراء قبول سوريا بالترسيم، هناك عناصر يجب توافرها وهي:
ـ قبول دمشق بتعيين ممثليها في اللجنة مع لبنان.
ـ قبول دمشق بأن يتحدث هؤلاء في الخطوط العامة للترسيم ريثما تكون أنهت البحث مع الأردن في الترسيم، على أن تفعل اللجنة عملها بعد تفرغ الجانب السوري للترسيم مع لبنان. مع العلم أنه يمكن تعيين فريق مماثل، وبدء العمل فوراً مع لبنان، بالتوازي مع الترسيم على الحدود الأردنية، وليس من مانع لاتخاذ قرار بذلك، إذا ما توافر القرار السياسي.
ـ معرفة إذا ما كانت اللجنة ستجتمع حتى من بعد خطوة التعيين، لا سيما وأن هناك حاجة الى اجتماع تقييمي أولي يكون نقطة ارتكاز للاجتماعات اللاحقة.
ـ يجب دراسة من أين ستقرر اللجنة الترسيم، من الشمال الى الجنوب، أو من النقطة التي توقف عندها عملها في 6 آب 1976 من الشمال غرباً الى الشرق في اتجاه الوسط.
وفي تحضيرات الوفد اللبناني، يتم التركيز على تحديد مواقع الإشكاليات في الحدود، وما هي المستندات المتوافرة، وما يمكن أن يساعد من وثائق وخرائط في المناطق المتنازع عليها، وتحديد المناطق التي لم تُرسّم وإشكاليات مرور الحدود وحدود القرى، وتوفير المستندات التي يمكن تجميعها منذ أيام الانتداب الفرنسي والعهد العثماني حتى الآن.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00