تتقاطع العلاقات الثلاثية اللبنانية الفرنسية السورية في اكثر من موقع او محطة لتشكل الى حد ما السلسلة التي تنعكس ايجاباً على مصالح الجهات الثلاث اذا ما سارت المسائل الثنائية في ما بينهم على النحو المطلوب.
فتوقيت زيارة رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى دمشق حمل مضامين ورسائل عدة وفي اكثر من اتجاه، أولها، واستناداً الى اوساط ديبلوماسية بارزة، من حيث التوقيت عشية لقاءات الرئيس السوري بشار الاسد في باريس للدلالة على الارتياح الذي تبديه القيادة اللبنانية ازاء الدور الايجابي الذي اداه الاسد في العديد من الاستحقاقات اللبنانية وآخرها عدم عرقلة تشكيل الحكومة.
وإظهار هذا الارتياح، يشكل بالنسبة الى دمشق قبل زيارة الاسد لفرنسا خطوة مهمة في حسن العلاقات اللبنانية السورية يمكن ان توظف على صعيد العلاقات السورية - الفرنسية والسورية الدولية مروراً بالرضا الفرنسي. وكان لبنان يعد لزيارة الرئيس سليمان لدمشق قبل فترة وجيزة بعيدا عن الاضواء، وجاءت تتويجا ايضا للدور الذي لعبه في مرحلة سابقة قريبة في استعادة العلاقات السورية الفرنسية حرارتها وزخمها بعد مرورها بمرحلة من الجمود اثر بدء انطلاقتها. وما دام لبنان بدوره يسِّف ايجابيات، ابرزها في مسألة تقريب وجهات النظر السورية الفرنسية، فإن الزيارة لدمشق ستسهم في مزيد من الايجابيات على الوضع اللبناني، بحيث تتمكن فرنسا من تقديم مزيد من الطلبات المتصلة خصوصا بلبنان، من بين طلبات اخرى، في مسائل المنطقة. وذلك عبر التوقع الفرنسي بأن تكون التلبية اكثر سهولة من سوريا، بعد الاشارات التي أوحت بها القمة اللبنانية السورية قبل زيارة الاسد لباريس.
وهذه الاشارات تتلقفها فرنسا لتكون بدورها اكثر ايجابية مع ضيفها، خصوصا عبر تحقيق وعودها للاسد بمحفزات اقتصادية ضخمة وافتتاح سوق استثمارات كبرى للشركات الفرنسية للاستثمار في سوريا. وما تطلبه فرنسا حيال لبنان ترسيم الحدود اللبنانية السورية، وهو الموضوع نفسه الذي تطرق اليه الرئيس سليمان في مباحثاته في دمشق، فضلا عن عمل الحكومة والتهيئة لأن يكون مسهلاً. وطالما ان الرئيس تحدث من دمشق في هذه المواضيع، فإن الاستجابة السورية لها، والمرتقبة بمبادرة سورية، وليس على سبيل الخضوع لمطالب محددة من اي جهة اجنبية، ستكون متوافرة في الفرصة المناسبة.
اما المسألة الثانية، فهي ان الزيارة اللبنانية لسوريا على هذا المستوى الرفيع، وشكرها على التسهيل في تشكيل الحكومة، بعد سلسلة محطات من عدم العرقلة منذ توقيع اتفاق الدوحة حتى الآن، اي منذ الانتخابات الرئاسية، وفتح السفارتين وتبادل السفراء، وتشكيل المجلس الدستوري، والانتخابات النيابية، ووضع حد للعرقلة في تشكيل الحكومة اللبنانية؛ وهي كلها خطوات تعهدت دمشق لباريس بإنجازها، ولايزال هناك تعهدات اخرى يتم اعادة تفعيل المساعي لانجازها، في مقدمها العمل الحكومي، وترسيم الحدود. وفي الترسيم تنتظر الاوساط ان يتحقق ولو بشكل غير سريع، انما بعيدا من الضغوط الدولية والتحديات.
والمسألة الثالثة، ان الرئيس سليمان قصد من زيارة دمشق ان يكون اول الزائرين اللبنانيين اليها بعد تشكيل الحكومة والتمهيد للزيارات الرسمية وشبه الرسمية الاخرى التي قد تتم، بحيث يتم قطع الطريق على المزايدات الحاصلة في هذا المجال، من كل الاتجاهات، في اطار تعزيز العلاقات الشخصية بين الرئيسين، وضمن الاصول البروتوكولية والدستورية المرعية الاجراء.
اما الدور الذي تطلبه فرنسا من سوريا، فهو يتصل بالجوانب الآتية: تفعيل عملية السلام في المنطقة بعد بروز استعدادات سورية واسرائيلية لاستئناف التفاوض، ثم مع ايران في هذه المرحلة البالغة الدقة من مسار التفاوض الدولي الايراني والدور الفرنسي في مسعى التطويق الدولي لايران قبل تحديد بدائل الحوار.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.