غداة تشكيل الحكومة اللبنانية برئاسة الرئيس سعد الحريري، ينتظر ان تبدأ مرحلة جديدة من العلاقات اللبنانية مع الخارج، بحيث ستتكثف زيارات المسؤولين العرب والأجانب الى لبنان لاستطلاع خطط الحكومة وسياساتها على المستويات كافة، وذلك بعد نيل الحكومة الثقة من المجلس النيابي. كما ينتظر ان يقوم الحريري بجولة عربية ودولية سعياً الى توفير الدعم للبنان مجدداً.
ومن بين الزيارات، زيارات لمسؤولين أميركيين، كانوا ينتظرون التشكيل لاستعادة الحركة في اتجاه لبنان، بعدما فضّلوا تخفيفها في مرحلة التشكيل لمنع التوظيف السياسي السلبي لها.
وتفيد مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع على العلاقات اللبنانية الأميركية، ان من المؤكد ان التعامل الأميركي مع لبنان ما بعد وجود حكومة، لن يكون كما حصل خلال عملية التأليف التي استغرقت نحو أربعة أشهر. وهذا المنحى جسدته ردة الفعل الأميركية على التشكيل بحيث أعادت الإدارة التركيز على القرارات الدولية 1559 و1701 و1680 والتذكير بها وبضرورة تطبيقها بالكامل. ما يعني في اللغة الديبلوماسية، ضرورة ان تدرك الحكومة، لدى إعداد بيانها الوزاري الذي يترقب المجتمع الدولي بكامله مضامينه، ان الضغوط الدولية من أجل تنفيذ لبنان لالتزاماته في تطبيق هذه القرارات ستبقى في الواجهة دائماً ولا تهاون حيال ذلك. إلا ان الترحيب الأميركي بالتشكيل، مرده الى انه بات لدى لبنان سقف سياسي عبر استكمال تكوين السلطة، من شأنه تعزيز فرص الاستقرار السياسي والأمني في البلاد. وستبدي الإدارة استمرار سياستها حيال لبنان بالدعم المطلق لرئيسي الجمهورية والحكومة، والدعم للمؤسسات وللجيش اللبناني، والالتزام بالمساعدات التنموية والاقتصادية والعسكرية للبنان، وباستقلاله وسيادته، وألا يكون الحل للقضايا العالقة في المنطقة على حسابه. على ان الموقف الذي أعلنه رئيس الجمهورية ميشال سليمان باستئناف الحوار الوطني فور التشكيل، شكل نوعاً من التطمينات للإدارة الأميركية حول الدور الذي يؤديه الحوار لحل مشكلة السلاح غير الشرعي، ولو ان حدود الواقعية والعملانية في الأمر، تبقى خاضعة لأكثر من اعتبار. وكذلك لإضفاء مناخ من التهدئة الداخلية تساهم في استمرار أجواء الاستقرار السياسي والأمني.
وأوضحت المصادر ان تسهيل تشكيل الحكومة اللبنانية، هو محور تقييم أميركي، بعدما كانت واشنطن تعتبر ان العرقلة سورية وإيرانية. وفي إطار خطوط الحوار المفتوحة أميركياً مع سوريا، فإن هناك ترقباً لمدى تلقف الإدارة لعدم العرقلة السورية للتشكيل، ولمدى رغبتها في البناء على هذا العنصر وأخذه في الاعتبار في سياق الحوار الأميركي السوري الثنائي. وهذا يختلف عن موضوع عدم عرقلة اجراء الانتخابات النيابية وعدم اللجوء الى السلبية خلال العملية، لأنه كان هناك آمال سورية كبرى بفوز المعارضة، لعبت دوراً في عدم العرقلة. اما الآن، فهناك وعد سوري قُطع لفرنسا، تم الوفاء به حول عدم عرقلة التشكيل، لكن واشنطن لا تزال تنتظر من دمشق تغييراً جوهرياً في السلوك في كل المواضيع العالقة في المنطقة ومن بينها لبنان، وتعتبر ان التغيير الفعلي لم يحصل بعد، لذلك فإن الحوار الثنائي لا يزال في مرحلة التجميد.
اما باريس التي تستقبل غداً الرئيس السوري بشار الأسد، فقاربت موضوع السلوك السوري من زاوية استيعابية اخرى، بديلاً للمواجهة. حتى وان اعتبرت واشنطن ان هذه المقاربة سرّعت الدور السوري في لبنان وأعطته الغطاء، إلا أنها بدورها، ستمضي في تجربة الخيار الحواري مع دمشق لاستقطابها وجذبها الى التقارب مع المواقف الأميركية. وتفعيل الحوار الأميركي مع سوريا بات مرتبطاً بالخطوة الجوهرية حيال المطالب الدولية التي يجب ان تقدمها.
واتضاح صورة التعامل الأميركي مع لبنان مرتبط بالبيان الوزاري للحكومة الذي سيعطي دلالة على توجهاتها وأدائها، وهذا ما تعوّل عليه الدول الكبرى والفاعلة في العالم، الأمر الذي سيؤثر بدوره في حصول لبنان على التمويل لمشاريع اقتصادية وتسهيلات متنوعة في المجالات كافة، ومساعدات باتت معروضة بجدية ومن دون شروط، وكانت تنتظر ولادة الحكومة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.