تبدو الساعات المقبلة مفصلية بالنسبة الى تشكيل الحكومة، بالنظر الى ترقب ما قد تبلوره الزيارة التي قام بها وزير الخارجية السوري وليد المعلم الى طهران، على أرض الواقع في لبنان، من بين جملة قضايا ذات اهتمام مشترك جرى التداول بها.
وتفيد معطيات ديبلوماسية، ان المعلم حمل الى القيادة الإيرانية تطمينات قد تقنعهم بأن ما حققته المعارضة في التشكيل مقبول ومقنع، الأمر الذي يفترض ان يسهم في اقتراب إعلان الحكومة.
ويندرج التحرك السوري في سياق المسؤولية التي تلقى على عاتق دمشق، داخلياً ودولياً، حيال الاستحقاق الحكومي اللبناني، وعشية الزيارة التي سيقوم بها الرئيس السوري بشار الأسد الى باريس يوم الجمعة المقبل، بحيث ستستمر دمشق في لعب الدور الذي يوحي بالتسهيل على الرغم من ان هذا الدور يفترض ان يتزامن مع الدور التسهيلي الإيراني الأشمل والأوسع، ما يؤشر الى عجلة سورية في التوصل الى التشكيل، نتيجة الانتظار الدولي لأدائها، وعدم الظهور في ظل تغيير المعطيات بوجود المرجعية الإيرانية الاخرى في لبنان، بأن القدرة باتت محددة بالتسهيل أو العرقلة، بل هناك تواصل للدور البناء المطلوب عربياً ودولياً، والموضوع تحت المجهر.
وجاء في هذه المعطيات ان الحكومة كانت ستنطلق فعلياً اثر الاتصال الهاتفي الذي تلقاه رئيس الجمهورية ميشال سليمان من الرئيس الأسد قبل نحو أسبوعين، إلا أنه برز استياء إيراني مما تعتبره طهران تجاوزاً سورياً للسقف الذي تضعه في عملية التشكيل في إطار مسألة التعاطي مع الأوضاع اللبنانية عموماً.
إلا ان الاتصالات الأخيرة بين القيادتين اللبنانية والسورية أعادت التأكيد على تسريع التشكيل، مجدداً، ما قد يعني، في ضوء الخطوات الملموسة على الارض والمنتظرة خلال ساعات، وجود تنسيق سوري إيراني حول الموقف من القضايا المطروحة في المنطقة، ولا سيما بالنسبة الى لبنان، وبعد زيارة المعلم خصوصاً.
وتشير المعطيات الى انه من الطبيعي حصول تمايز سوري وإيراني في الأداء حول بعض ملفات المنطقة، بالتزامن مع الحوار الدولي مع دمشق وطهران، كل على حدة. من هنا، اكتسبت زيارة المعلم لطهران أهميتها، في ظل عدم استبعاد قيام إيران بتحرك ما، من أجل توجيه رسالة الى سوريا، خصوصاً بعد القمة السعودية السورية. ولا تزال المعطيات تصرّ على ان أحد أوجه اللجوء الى أحداث 7 أيار الماضي، كان لتوجيه رسالة إيرانية الى سوريا حول النفوذ ومرجعية بت شؤون المنطقة ولبنان. وبعد هذا التاريخ تراجعت، حتى المفاوضات السرية السورية الإسرائيلية عبر تركيا، الى ان وصلت الى الجمود. إلا أن الحوار مع سوريا يبدو أسهل دولياً، من الحوار مع إيران، كون الأخيرة تمثل خطراً استراتيجياً على إسرائيل من خلال برنامجها النووي. لكن اقتراب سوريا في الموقف من المجتمع الدولي، كما يرغب، لا يزال يواجه القلق السوري على نقاط قوته من جراء أي ابتعاد له عن إيران، لأن دمشق تعتبر ان قوتها تكمن في التصاقها بالمشروع الإيراني، وما لم يتوافر البديل الكافي والمقنع من الصعب تحقيق الفصل بينهما. وعلى الرغم من التخوف السوري بالتزامن مع تقدم الحوار مع إيران، فإن التنسيق الإقليمي سيبقى قائماً، وستبقى سوريا محطة لتمرير الرسائل الخارجية في اتجاه إيران ولمعرفة التوجهات الإيرانية حيال التطورات الحاصلة. وبالتالي، لا يوجد تناقض في سياسة إيران وسوريا حتى الآن، ففي محطات عديدة، هناك توزيع أدوار الى ان يتضح مسار جنيف للحوار حول البرنامج النووي، ومسار الحوار الأميركي مع دمشق.
على ان الأهداف الاستراتيجية الإيرانية تختلف عن الأهداف السورية. فالاولى، تكمن في تجميع الأوراق في المنطقة لطرحها على طاولة التفاوض الكبير وبقاء النظام والاعتراف الدولي به قوة إقليمية مستقبلية، والثانية تكمن في بقاء النظام كأولوية والحصول على التطمينات لا سيما من خلال نتائج أعمال المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ثم استعادة نوع من النفوذ في المنطقة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.