وجدت الإدارة الأميركية ضرورة إيفاد وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون الى المنطقة، سعياً الى إنجاح المساعي بشأن استئناف المفاوضات السلمية في الشرق الأوسط، على الرغم من وجود الموفد الرئاسي لشؤون المنطقة جورج ميتشل فيها ولقاءاته المسؤولين الفلسطينيين والإسرائيليين. وهو انضم لاحقاً الى لقاءات كلينتون، التي طلبت منها الإدارة بذل أقصى جهدها لدفع الحل الى الأمام.
وبسبب اهتمامها الخاص بانطلاق المفاوضات وإعادة الأولوية الى هذا الملف، الذي انعكس جموده على أوضاع المنطقة ككل، وعلى الدور الملقى على عاتق واشنطن في تحقيق تقدم، لن تقوم الوزيرة كلينتون بزيارة لبنان في هذه المرحلة. إذ إن الزيارات الأميركية على مستوى رفيع، للبنان، لن تتم قبل تشكيل الحكومة، وتحبذ الإدارة هذه الفكرة، لأن الوضع يتضح أكثر بعد التشكيل، فيمكن للزيارات أن تكون بهدف استطلاع خطة الحكومة على الصعيدين السياسي والاقتصادي، بدلاً من أن تتم حالياً، تلافياً لاستخدامها في التجاذبات الداخلية. هذا ما تؤكده أوساط ديبلوماسية غربية، وتشير الى أن الأجواء الخارجية ليست سلبية بالنسبة الى تشكيل الحكومة، إنما لا توجد ضغوط على الداخل لهذه الغاية، وذلك تأكيداً على نتائج القمة السعودية ـ السورية حيث يتعاون الجانبان في الموضوع اللبناني. ويقوم بعض الأفرقاء في الداخل بقراءة سلبية للأجواء الضبابية السائدة في المنطقة نتيجة جمود السلام، وعدم اتضاح مصير الحوار الدولي مع كل من إيران وسوريا، ما يؤدي بهم الى مزيد من التشدّد في المواقف.
وبالتالي، طلبت الإدارة من كلينتون أن تسعى الى إحداث اختراق واضح في موضوع السلام، بدءاً بالمسار الفلسطيني ـ الإسرائيلي، كون الإدارة تحتاج الى أي اختراق في سياستها الخارجية وطلبت منها كذلك بذل أقصى الجهود لإنجاح دور ميتشل، على اعتبار أن المواقف الإسرائيلية لا تزال دون الحد الذي يقبل به الفلسطينيون، خصوصاً في موضوع وقف الاستيطان. وقد فوجئ الفلسطينيون والعرب بما أعلنته كلينتون في القدس حول عدم وجود شروط لاستئناف التفاوض، ما اعتبر تراجعاً عن مضمون خطاب الرئيس باراك أوباما في القاهرة. واستناداً الى مصادر ديبلوماسية عربية، فإن هذا الكلام عقّد المسعى أكثر مما أدى الى تسهيل بدء التفاوض، وهناك انتظار عربي وفلسطيني للموقف الذي ستتخذه كلينتون حول المفاوضات على المسار الفلسطيني ـ الإسرائيلي على هامش أعمال منتدى المستقبل للشرق الأوسط وإفريقيا، المنعقد في المغرب وما إذا كان سيصحح موقفها في القدس، وما إذا كانت ستبني على بعض النقاط التي سجلتها في مباحثاتها الفلسطينية والإسرائيلية معطيات يمكن أن تساهم في تسهيل إطلاق السلام، إذ إنه لا معطيات كافية حول تفاصيل بعض اللقاءات البعيدة عن الأضواء، خصوصاً وأن أوباما لن يترك الوضع في المنطقة من دون التوصل الى نتائج. وعدم التصحيح ينذر بتراجعات أخرى عن مضمون خطاب الرئيس.
وهذا أكثر ما يقلق الفلسطينيين والعرب، الذين يعتقدون أن زيادة الضغوط الأميركية على الجانب الذي يعتقدون أنه يخضع للضغوط أكثر أي الجانب الفلسطيني، لا ينفع السعي للسلام في شيء. والأجدى هو في استمرار الجهد الأميركي للحصول على تعهد إسرائيلي بوقف الاستيطان، ووقف التوسيع الطبيعي للمستوطنات، لأن ذلك استيطان مقنع ويؤدي الى تغيير الوقائع على الأرض من أجل أن يؤدي لاحقاً الى تغيير أسس التفاوض حول الوضع النهائي للقدس. والتعهد المطلوب، يكفي لتحريك عملية السلام بشكل جوهري، وفي الوقت نفسه يقوي الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
هذا الواقع، جعل دول آسيا تتحرك إذ تعرض اليابان وماليزيا وغيرهما السعي لعقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط، هذا فضلاً عن مسعى كل من فرنسا وروسيا الاتحادية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.