تستبعد مصادر ديبلوماسية رفيعة المستوى مُواكبة للتحرك السياسي الداخلي في مجال تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الرئيس المكلف سعد الحريري، أن تصل عملية إعادة تفعيل عمل حكومة تصريف الأعمال، الى أن تستأنف جلسات مجلس الوزراء نشاطها. إذ لا حاجة الى انعقاد هذه الجلسات، خصوصاً وأن الأمن في البلاد ممسوك من خلال دور الأجهزة الأمنية، الجيش وقوى الأمن الداخلي، وإدارات الدولة تعمل من دون أي عراقيل.
وتساوي هذه المصادر، في أسباب استمرار تأخر تأليف الحكومة، بين المشهد العربي والإسلامي الحالي، والأنانيات اللبنانية التي تأخذ مساحة كبيرة في ذلك، مع تمادي الشروط لدى التوصل الى خطوة ايجابية ما، ما يعيد الوضع الى نقطة الصفر، إلا إذا ما قَبِل تكتل التغيير والإصلاح بالبديل الذي سيعطى له، لتنازله عن وزارة الاتصالات. وهذا ما سيظهر من خلال نتائج اللقاء المرتقب بين الرئيس الحريري ورئيس التكتل ميشال عون. وتندرج في إطار السبب الثاني، بعض القراءات الداخلية المبالغ فيها للأوضاع الدولية، أو للعلاقات الدولية الإقليمية ومدى ارتباطها بالتعثر الحاصل على مستوى التأليف. مع الإشارة، الى أنه من الصعب الفصل بين ما يحصل في هذا الموضوع وما تعكسه الأجواء الخارجية على الداخل، وصعوبات التشكيل.
ويحاول الرئيس المكلف إخراج التفاهم على التشكيلة وفق أفضل معدل من الحفاظ على مجموعة معايير تجتمع لتأمين حكومة وحدة وطنية تحترم فيها نتائج الانتخابات النيابية والتمثيل الفعلي للطوائف.
وبالتالي، لم يعد بالنسبة الى بعض الفرقاء موضوع التشكيل، مسألة تعيين وزير، بل يعملون للتمسك بالمطالب على رسم موازين قوى جديدة داخلية من خلال التأليف، سعياً الى استقرار الأوزان، بعدما حققت نتائج الانتخابات النيابية ما حققته من فوز للأغلبية السيادية.
أما بالنسبة الى السبب الأول، المتصل بالجو العربي والإسلامي، فتقول المصادر، إن انعقاد القمة السعودية السورية على أهميته وتأثيراته في ملفات المنطقة كلها ومن بينها لبنان، لا تبدو كافية، على الرغم من أنها اتفقت على ترك معالجة الموقف الحكومي للبنانيين ومن دون تدخل خارجي.
لكن التقليل من التأثير السوري على التعثر في التشكيل بسبب ترك الأمر للبنانيين، واتجاه الأنظار في ذلك الى الموقف الإيراني الذي يلجأ الى المرونة والايجابية دولياً، والتشدد لبنانياً وفي المنطقة، لا يلغي فكرة أهمية التلطي السوري وراء الموقف الإيراني ضمناً، وإظهار عدم التدخل علناً، الأمر الذي يعيد الى الواجهة ضرورة ايجاد السبل الكافية لتثمير القمة السعودية السورية. فالمشهد العربي، يحتاج أيضاً الى أن تستتبع هذه القمة قمم أخرى، بحيث تمنع بروز محاور جديدة، ولو أنه من الصعب وصولها الى ما يُسمّى المحور في الأداء السياسي قبل مراحل عدة يجب أن تُقطع، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، ينطلق عبر انعقاد قمم تشمل الدول المحورية، أحد أوجه العمل العربي المشترك.
ومن خلال هذا المسار تتم مقاربة العلاقة العربية الإسلامية وخصوصاً الإيرانية. ففي الوقت الذي يتم العمل لتنقية الأجواء السعودية مع سوريا، لا تزال الأجواء السعودية الإيرانية غير مشجعة. وهذا ينعكس على الملفات المطروحة.
وهنالك العديد من الأسئلة التي يتم تداولها في المنتديات الديبلوماسية، أبرزها، حول السياسة الإيرانية وأسباب كونها استفزازية للسنّة في المنطقة، وتتذرع بالفراغ العربي الذي أوجد لنفوذها سبيلاً.
ثم إن العرب ليسوا مع إسرائيل، إنما ضد الهجمة الإيرانية الموجهة ضد مذهب واحد في المنطقة، وكيف يمكن مواجهة إسرائيل إذا ما عملت إيران على معاداة العرب، وعلى إذكاء التوجهات الشيعية في الدول العربية في مسار ضد السلطة، وكيف السبيل الى إصلاح العلاقة الإيرانية السنّية. وفي وقت تبدي إيران انفتاحاً كبيراً على طروحات الدول الكبرى التي تتحاور معها حول ملفها، لماذا تسلك مع الدول العربية مساراً مختلفاً عن هذا الانفتاح؟.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.