يؤيد الموفدون الدوليون الذين زاروا بيروت خلال الأيام الماضية، وجوب تسريع تشكيل الحكومة، لأن ذلك يعني تسريعاً في تحصين الوضع الداخلي، في حال حصول متغيرات اقليمية، مع أنهم لاحظوا، أن حكومة تصريف الأعمال تستعيد تعزيز نشاطها ريثما يتم التشكيل.
ومن بين المتغيرات التي تبدو لافتة، الموقف الإيراني الايجابي حيال الحوار الدولي حول البرنامج النووي، ما أبعد عن طهران حالياً اللجوء الى عقوبات ضدها، بفعل وضع الحل حول برنامجها على سكة هادئة، ثم التأسيس لمنحى جديد في العلاقات السعودية السورية. ومسار السلام في المنطقة الذي لا يزال متعثراً على الرغم من الجهود الأميركية والأوروبية والروسية، ما يعزز المخاوف المستمرة من مفاجآت إسرائيلية أمنية، تهدف الى خلط الأوراق.
وتركزت مباحثات الموفدين، لا سيما المنسق الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط روبرت شيري ورئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس رودريغير ثاباتيرو، والموفد الرئاسي الروسي ألكسندر سلطانوف، على القلق المشترك من عدم توصل الجهود الدولية حول السلام الى نتائج ملموسة، بسبب التجاوب الإسرائيلي المحدود حيناً والمعدوم حيناً آخر، مع التحركات الدولية الجدية. وأجمعت تقييمات الموفدين في بيروت على أن الموفد الأميركي الرئاسي الى المنطقة جورج ميتشل لم يحرز أي تقدم خلال جولته الأخيرة. ومن دون هذا التقدم، بحسب مصادر ديبلوماسية كانت شاركت في اللقاءات، لن يكون متاحاً انعقاد أي مؤتمر للسلام في المنطقة، بما في ذلك المؤتمرات المطروحة للبحث ومنها، مؤتمر موسكو الذي ينبثق عن أنابوليس، ومؤتمر باريس الذي تحضر له فرنسا.
ومن دون توصل الفرقاء المعنيين في المنطقة الى حد مقبول من التفاهم، عبر الدول الوسيطة، يمهد للجلوس الى طاولة للتفاوض، وخلق آلية تساعد في التوصل الى الحلول النهائية، فلن يكون هناك من داعٍ للدعوة الى أي مؤتمر، لأن مصيره سيكون الفشل. من هنا ضرورة التحضير الجيد له، من خلال استمرار التحركات في السعي الى السلام، لتقريب وجهات النظر، وخلق أجواء مؤاتية للمؤتمر.
وفي وقت لاحظ موفد الأمم المتحدة، أن هناك تضارباً في طرح الأفكار حول انعقاد مؤتمر للسلام في كل من موسكو وباريس، دعا الى توحيد الجهود في هذا الإطار مع تكثيفها. أما سلطانوف، فوضع المسؤولين اللبنانيين، في صورة ما نتج عن اجتماع الرباعية الدولية في نيويورك، وللاتصالات التي قامت بها روسيا لتسهيل انعقاد مؤتمر موسكو للسلام، وهي جهود ستتابعها، على الرغم من تأجيل موعد المؤتمر مرات عدة، لكن الموعد الآن بات مرتبطاً باستئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، وتحقيق تقدم. وتبذل روسيا مساعي على مستوى الملف الفلسطيني الداخلي، مع أكثر من طرف في المنطقة لا سيما مصر، في حين تركز الولايات المتحدة جهودها على إسرائيل التي تمثل العقدة الأهم أمام استئناف التفاوض، من أجل وقف الاستيطان.
وتعثر المساعي أمام المصالحة الفلسطينية التي كانت ستتم في 25 الجاري في القاهرة، أرجأ بدوره انعقاد اجتماعي اللجنة الوزارية الخاصة بالمبادرة العربية للسلام، الذي كان مقرراً في اليوم نفسه، وقصد مواكبة المصالحة بموقف عربي داعم لاستكمال السعي الى تنفيذ المبادرة العربية.
وتؤكد المصادر أن فكرة باريس الدعوة الى مؤتمر سلام تختلف عن فكرة موسكو، بحيث أن فكرة الأولى تعني حصول مؤتمر شامل وعلى مستوى القادة على غرار مؤتمر مدريد للسلام، لكن الفكرة لم تحظَ بعد بموافقة أميركية. أما فكرة موسكو التي تحظى بموافقة أميركية، فهي أن ينعقد المؤتمر في سياق مؤتمر أنابوليس وعلى كل المسارات اللبناني والسوري والفلسطيني مع إسرائيل، ليتم إحياؤها، واستكمال البحث الذي كان بدأ في أنابوليس. وحظيت هذه الفكرة أيضاً بموافقة الرباعية في نيويورك أخيراً، وأكد عليها مجلس الأمن في قراره الأخير.
إلا أنه في الجوهر، لا تناقض بين أهداف مؤتمري باريس وموسكو. ويبقى المهم الموقف الإسرائيلي من السلام.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.