8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

مراهنة عربية على ثغرة العراق واتصالات فرنسية لتفعيل قمة دمشق

بعد القمة السعودية السورية، بدأت الاهتمامات تتجه الى ما يستتبعها من اتصالات بين الجانبين لدرس إمكان تفعيل ما حققته من نتائج لا سيما على مستوى القضايا العالقة في المنطقة، ومن بينها الموضوع الحكومي اللبناني. وتدخل فرنسا على خط هذه الاتصالات، بحيث ينتظر، استناداً الى مصادر ديبلوماسية غربية، ان تنعقد قمة فرنسية سعودية في المملكة، بين الرئيس نيكولا ساركوزي وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز في غضون الأسبوعين المقبلين.
وتتقاطع المعطيات الديبلوماسية العربية والغربية، حول ان عوامل عديدة لم تساعد على تشكيل الحكومة بالسرعة التي كانت متوخاة لدى انعقاد القمة، مع ان هناك استرخاء ومرونة داخلية تسود الحوار اللبناني للتوصل الى هذه الغاية. وأبرز العوامل:
ـ ان الإنعكاس الفوري للقمة على الموضوع الحكومي، لا يزال يحتاج الى توضيحات قد تسهم الاتصالات التي تتبعها في القيام بهذه المهمة. بحيث ان نجاحها الظاهري والشكلي لزمه أمران: الاول وجود آلية مشتركة للطرفين تؤدي الى تسهيل التشكيل. والثاني ان عدم الدخول في التفاصيل، وترك هذه الناحية الى اللبنانيين لكي يتفقوا عليها جعل التأليف يأخذ مزيدا من الوقت، ما أعاد الكرة الى الملعب اللبناني، لكن مع وجود بوادر ايجابية من حيث التوصية للمعارضة بعدم العرقلة. ويبدو ان عدم العرقلة يسير بخطى هادئة، وان الإشارات الفعلية في هذا الاتجاه، تتطلب مزيدا من الأخذ والرد مع دمشق.
ـ ان الموضوع الذي احتل الأولوية في النقاش السعودي السوري خلال القمة، هو العراق. وقد جاء الوضع اللبناني في الأولوية الثانية. ذلك ان هناك محاولات سعودية للدخول في معالجة المواضيع مع دمشق عبر الثغرات، وخصوصاً في مسألة العراق. اذ ثمة اهتمام خاص، من جانب دمشق بمصير دول المنطقة وأنظمتها، في ظل التبدل الحاصل بالنسبة الى العراق الذي لطالما كان سني الطابع والمنشأ، واليوم يتم حكمه للمرة الاولى منذ العهد الاموي، من الشيعة. وبسبب وجود قلق سوري من هذه الفكرة في ضوء الأكثرية السنية المحكومة من أقلية علوية لديها، جعل دمشق أكثر انفتاحاً على الرياض، التي تهتم باستعادة الدور السني في العراق. ويواكب ذلك، عودة تركية الى الحظيرة السنية، وإدراك فرنسي للمصالح الاقتصادية مع العراق الغني بالموارد من جهة، ومع المملكة أيضاً. والعنصر العراقي، والمخاوف المشتركة، شكلا نقطة تقارب سعودية سورية فرنسية، يتم السعي من خلالها الى تجاوب سوري في مطالب اخرى من بينها لبنان. ونظرا الى وجود الدور السوري في العراق، فانه يمكن من خلاله ترتيب العديد من الأوضاع. وبالتالي، تؤكد المعطيات، ان العراق كان أولوية في القمة السعودية السورية، وفي اللقاءات التي عقدها أيضاً الأمين العام للرئاسة الفرنسية كلود غيان في دمشق أخيراً.
ـ وتفيد هذه المعطيات، ان دمشق أبدت استعداداً لأن تقابل الرياض، إذا ما خطت في اتجاه الانفتاح الاقتصادي والاستثماري عليها، بخطوات جدية في العراق وليس في لبنان. وتبعاً لذلك، لم يكن سهلاً التوصل الى قواسم مشتركة حقيقية، وصدر بيانان سعودي وسوري عن القمة. ومع ذلك قدم الإعلام السوري صورة ايجابية لزيارة الملك عبدالله، خصوصاً وانها كانت مميزة، ولم تشهد دمشق مثيلاً لها منذ سنوات، وجاءت في الوقت نفسه رداً على تلبية الرئيس السوري بشار الأسد لدعوة الملك عبدالله الى افتتاح جامعة العلوم والتقنية.
وفي الأيام الفاصلة عن القمة السعودية الفرنسية، ستستكمل الاتصالات على أرفع مستوى مع دمشق. والتحرك الاسباني في اتجاه دمشق ليس بعيداً أيضاً عن هذا الملف، في إطار الانفتاح الأوروبي على سوريا، والذي عبّدت فرنسا الطريق أمامه.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00