8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

جولة السنيورة الشيعية: معالم الوحدة وهواجس المرحلة

تدخل جولة رئيس كتلة المستقبل الرئيس فؤاد السنيورة على المرجعيات الشيعية بدءاً بنائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان ومفتي صور السابق السيد علي الامين مرورا بالسيد علي فضل الله، في سياق المساعي التي يبذلها من اجل تأكيد الوحدة الاسلامية في وجه محاولات تفتيتها وشرذمتها وترسيخ ما يجمع على حساب ما يفرق، خصوصا ان الخلافات القائمة هي ذات عناوين سياسية ومن غير المسموح ان تتحول الى دينية.
ومن بين اللقاءات، كان اللقاء الذي جمعه مع فضل الله في دارة والده المرجع الراحل العلامة السيد محمد حسين فضل الله، الاكثر ودية وحميمية، بحسب التعبير الذي استخدمه الرئيس السنيورة عقب اللقاء.
وبحسب مصادر اطلعت على اجواء اللقاء، فان الرئيس السنيورة استذكر في بدايته المرجع السيد محمد حسين فضل الله ولقاءاته معه، ورسائل الود والاحترام التي كان يبعث بها اليه في السنوات السالفة وخصوصاً في الاوقات التي كانت تحتدم فيها الامور، ويصل فيها الاشتباك السياسي الى درجة متقدمة، فكان فضل الله هو الاطفائي الذي يحرص على رفض الحديث مطلقا عن ان المشكلة هي بين السنة والشيعة، ويرفض إلباس القضايا السياسية بعدا مذهبيا.
ولاحظت المصادر ان الهواجس والمخاوف والآمال كانت واحدة، فمن جهة ثمة خوف متبادل من العودة الى اجواء الفتنة المذهبية من زاوية بعض السجالات التي تثار بين الحين والآخر، ومن جهة ثانية ثمة آمال كبيرة على حراك الشارع العربي والاسلامي، شريطة ألا يسقط هذا الحراك في فخ الفوضى الدموية التي تنقله من مساحة التغيير والانقاذ ومواجهة فساد الانظمة وظلمها الى ساحة الفتنة التي تقضي على كل الآمال بالاستقلال وتعيد الاجنبي الى قلب المنطقة وتمكنه من تحقيق مصالحه ومصالح اسرائيل على حساب مصالح العرب والمسلمين.
واشارت المصادر الى مجموعة من الافكار والامور التي تم تناولها والتأكيد عليها في مدى يزيد عن الساعة ومن ابرزها:
اولا: الاطلالة على الحساسيات الاخيرة التي برزت على الساحة اللبنانية في الايام الاخيرة، وخصوصا في صيدا، وبعض الامور التي أثيرت حول الخطاب العاشورائي.
واوضحت المصادر ان السيد علي فضل الله اشار الى البيان الذي أصدره في اليوم الاول من عاشوراء وتشديده على ان تكون هذه المناسبة اسلامية، وان يكون الخطاب اسلاميا بامتياز، لافتا الى ضرورة عدم تحميل بعض الكلمات اكثر مما تحتمل. وقد جرى التطرق في هذه المسألة بالذات الى الفتوى التي سبق فيها العلامة السيد محمد حسين فضل الله كل مراجع المسلمين الشيعة في تحريمه الاساءة الى الصحابة والى امهات المؤمنين تحت اي اعتبار من الاعتبارات، وكيف ان هذه الفتوى تم تكريسها وباتت معتمدة من المراجع الاسلامية الشيعية الاخرى، لينطلق الموقف الاسلامي واحدا في مسألة الصحابة وامهات المؤمنين، وليصار الى ردم الهوة في هذا الجانب.
ثانيا: اكد السيد علي فضل الله خلال اللقاء اهمية عقد لقاء اسلامي ـ اسلامي لبناني، يضم الفاعليات والقوى الاسلامية الاساسية، للعمل على وضع الاسس الحقيقية والجدية لوثيقة يتم فيها تبني الثوابت الاسلامية الاساسية التي لا بد للمسلمين جميعا في لبنان من اعتمادها للحفاظ على وحدتهم، ولتأكيد انتمائهم الاسلامي الواحد لأن في ذلك حصانة كبيرة تمنع اي اهتزاز وخصوصا في ظل التطورات المتسارعة في المنطقة وفي المحيط.
ثالثا: اشار الرئيس السنيورة الى وجود نظرة مشتركة حول صعوبة المرحلة التي نعيشها في لبنان والمنطقة، مؤكدا أهمية الالتزام بالمشتركات وان اختلفت وجهات النظر حول هذه المسألة او تلك. وشدد على القضايا المشتركة، ملاحظاً ان المسؤولية تقع على عاتقنا في لبنان اكثر من اي بلد عربي آخر بسبب تركيبة لبنان وتنوعه، وعلينا تقديم نموذج صالح للجميع في العالم العربي، وللتأكيد أننا كلنا ننتمي الى الاسلام والى النبي محمد وليس هناك احد أكثر إسلاما او عروبة من الآخر، وان عروبة الشيعة كعروبة السنة، واننا بأمس الحاجة الى التركيز على ما يجمعنا من دون التدخل في شؤوننا، وبالتالي فأهل كل بلد عربي هم أدرى بشعابهم ومصالحهم.
وقد رحب السيد فضل الله بذلك، مشيداً بكل جهد بذل لتطويق الحساسيات الاخيرة وخصوصا في صيدا. واشار الى اننا نعرف أهل صيدا الذين انطلقوا في خط المقاومة للاحتلال الاسرائيلي منذ البداية، والذين يعيشون همّ الوحدة الاسلامية ولا يعيشون العقدة المذهبية، وانهم قاعدة أصيلة في الوحدة والمقاومة. وبالتالي فلا يمكن الايقاع بهم في أتون الفتنة بصرف النظر عن الجهات التي تعمل لذلك.
ولاحظ ان الشغل الشاغل لكثير من الجهات الدولية هو اللعب على الوتر المذهبي لاراحة اسرائيل اكثر واشغالنا ببعضنا البعض، معتبراً أن مسؤولية جميع العاملين في الشأن العام ان يعملوا للتخفيف من حدة التوتر، والا يفسحوا المجال للمساجلات التلفزيونية التي يعمل عليها بعض الاعلام وفق قواعد الاثارة، لأن من شأنها ان تسقط الهيكل الاسلامي واللبناني على رؤوسنا جميعا.
وتطرق اللقاء الى امور اخرى منها ما يتصل بالمحكمة الدولية، وما له علاقة بمسألة اعمار الضاحية والجنوب في اعقاب العدوان الاسرائيلي في العام 2006. وخلص اللقاء الى جملة من الاستنتاجات أبرزها اننا كمسلمين مستهدفون في وحدتنا وكلبنانيين في امننا وسلامنا الداخلي، وان المرحلة تقتضي التواصل على مستوى القيادة والقاعدة، ومن خلال مبادرات حوارية جدية لحماية الوحدة الاسلامية كأولوية اساسية لحماية وحدة اللبنانيين وتماسكهم، خصوصا ان ذلك يمثل القاعدة والمنهج الذي رسخه المرجع الراحل في اقواله وسيرته وظل يلهج به حتى لحظاته الاخيرة، فتحول هذا المنهج الى وصية في وجدان محبيه من كل المذاهب الاسلامية.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00