8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

"مؤسسات المعهد العربي" الأكاديمية والمهنية والتقنية

النجاح الكبير الذي حققته مؤسسات المعهد العربي على مدى نصف قرن، يعود الى الفكر التربوي لصاحب هذه المؤسسات، النائب السابق الدكتور حسين علي يتيم.
يقول يتيم: "ان الدوافع التاريخية لتأسيس المعهد العربي تعود الى حلم تحقق، في الأربعينيات والخمسينيات عشتها كطالب وكأستاذ. في تلك الفترة لم تكن المدارس الخاصة والمدارس الرسمية بهذه الكثرة، والقدرات الاستيعابية في المدارس الخاصة كانت متواضعة.
كان يغلب على منطقة زقاق البلاط وجود الكتاتيب. وأقيمت في هذه المنطقة، المدارس المشهورة كالبطريركية والانجيلية والليسه الفرنسية وثانوية القديس يوسف للبنات ومدرسة حوض الولاية الرسمية.
اضافة الى الكتاتيب التي كانت منتشرة بينها، مثل مدرسة الشيخ علي بري، ومدرسة الشيخ عباس، ومدرسة الشيخ مصطفى زهرة، كان لا بد من انشاء مدارس لها علاقة بالعصر اكثر منها بالكتاتيب، مع اعترافي بما كان لهذه الأخيرة من فضل في تعليم القرآن الكريم لغة وايماناً، وتعليم العربية لغة فقط، وتعليم الحرف والخط، وما عدا ذلك، قليلاً ما كانت الكتاتيب تعنى بعلم الرياضيات، ولم تكن تعلّم أبداً اللغة الأجنبية.
أضاف: لذلك كان لا بد لنا من ان نستتبع بمدارس جديدة، المدارس العريقة التي كانت موجودة في زقاق البلاط، حتى تستطيع استيعاب ما يفيض من طلاب وأولاد بدل التسكع في الشوارع.
والحافز الثاني، هو انه كان لبنان يرزح تحت نظام سياسي لا يعترف بعروبة الوطن سوى انه يدين بالعربية لغة رسمية، وما عدا ذلك فإن نصف الشعب اللبناني يتكلم الفرنكو آراب والانلغو آراب. وكان لا بد من ان يكون هناك مؤسسة لها هوية قومية، ولا أنكر ان الزمن هو زمن البعث وحركة القوميين العرب وزمن عبد الناصر. وكان ذلك يعني، القومية العربية النقية الصافية، وليس القومية العربية كما نراها اليوم، فكنت بعثياً وناصرياً، وأطلقت على أول مدرسة اسم المعهد العربي، فرفض وزير التربية آنذاك، بيار الجميل، ان يوقع على مرسوم فتح المدرسة، الى ان ذهبت حكومة وأتت حكومة جديدة وأتى الزعيم كمال جنبلاط وزيراً للتربية، فقصدته فوقّع على المرسوم.
تابع: كان حلمي عندما كنت صغيراً، ان أخطو خطوات رجل كبير اعترف بفضله عليّ هو المرحوم رشيد بيضون. لقد جئت الى هذه العاصمة طفلاً يتيماً لا أب ولا أم ولا أحد، هناك من أرشدني الى رشيد بيضون لأني لم أستطع دخول المدرسة الرسمية وكان فيها ناظران هما الأستاذ توفيق زنتوت والأستاذ محمد العنان. لم أوفق بمقعد دراسي، فاصطحبني الحاج محمود صفا "أبو عبد" الى المرحوم رشيد بيضون، وقال لي اذا كنت من الأوائل ستعفى من القسط، وشكل لي ذلك حافزاً كبيراً، وتعلمت بالمجان من الصفوف الابتدائية حتى البكالوريا. وعرض عليّ المرحوم رشيد بيضون دراسة الطب في فرنسا، لكن الفقر حال بيني وبين ذلك. فعرض عليّ العمل كمعلم ومحاسب في العاملية. فهذا الرجل هو الذي فتح لي باب الحياة وفرصة تحقيق الحلم. فسألت نفسي حينها لماذا لا ننشئ مدرسة على غرار المربي، وكنت لا أزال من العاملين، وكان هناك مبنى تشغله المقاومة الشعبية لآل الدسوقي في منطقة زقاق البلاط، وعندما انتهت حرب 1958 استأجرت هذا البيت. وهكذا نجح المشروع، وامتلأت المدرسة من العام الأول بالطلاب ثم تطورت من الابتدائية الى الثانوية، وكانت ثانوية بيروت العربية، فضلاً عن المعهد العربي المسائي ثم المعهد العربي للعلوم المهنية. وافتتحنا في منطقة البؤس والحرمان، بئر العبد، معهد الحسين بن علي وان كان تيمناً بالامام الحسين لأنها صدفة مباركة ان يكون اسمي واسم والدتي واسم شقيقتي على اسم الامام الحسين والسيدة فاطمة والسيدة زينب.
وأضاف: منذ ربع قرن استشرفت خط التعليم المهني الذي أفاق عليه المرحوم رشيد بيضون، عندما أسس المهنية العاملية، ورأيت ان البلد اتخم بالشهادات العملية، البكالوريا والاجازات والدكتوراه في العلوم الانسانية، وأصبح حامل الاجازة وحملة الدكتوراه لا يجد له عملاً. فكان لا بد من تقليد الغرب الأميركي والأوروبي ودول النمور الآسيوية.
ويتابع: كان لا بد من أن نلحق بركب هذه الأمم والشعوب. لبنان شعب صغير لكن فيه الكثير من الأدمغة يستطيع أن يصدّرها الى العالم العربي كما صدّر الحرف مع قدموس. فأنشأت معهد الحسين بن علي، وفيه ألفا طالب وطالبة، والمعهد العربي للعلوم التقنية في زقاق البلاط، ومعهد المعلوماتية والعلوم التقنية في كورنيش المزرعة. هذه المعاهد تعلّم كل انواع العلوم التقنية والمهنية المتطورة بالاشتراك مع شركة "مايكروسوفت" العالمية، كما تعلّم التكنولوجيا والكهرباء والفندقية والتجميل والتمريض والتربية الحضانية.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00