8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

تراجع الحركة بين 30 و40% وشبح الإفلاسات يخيّم على مختلف المناطق

صورة سوداوية رسمها رؤساء المناطق التجارية عن أحوال اسواقهم، التي لم تعرف جمودا كهذا منذ عقود، وعبروا جميعهم عن صدمتهم بهذا الواقع المأسوي، حيث لم يفلح قدوم الاعياد بتحريك الاسواق، رغم الاستعدادات الواسعة التي أجراها التجار لاستقبال الزبائن.
الحركة التجارية سجلت تراجعاً قوياً في الفصل الاول من العام الجاري تراوحت نسبته بين 30 و40 في المئة مقارنة مع الفترة نفسها من العام 2011، التي تم خلالها تسجيل تراجعات قياسية عقب الانقلاب الذي نفذه حزب الله على حكومة الرئيس سعد الحريري.
فمن طرابلس الى جونيه وكسروان والاشرفية وبيروت ومار الياس وصولا الى زحلة، المعاناة نفسها، مؤسسات تصرف عمالها وأخرى تخفض حجم أعمالها لتقليص المصاريف التشغيلية، وتزامن هذا الوضع مع بدء ظهور حالات إقفال، مرشحة للاتساع في حال استمرت الامور على ما هي عليه.
وأجمع رؤساء المناطق التجارية على ان اسباب مأساة القطاع التجاري تتمثل بالاحتقان السياسي، وفشل الحكومة في ادارة شؤون البلاد، وغلاء المعيشة، وارتفاع اسعار المحروقات والخدمات على اختلافها، فضلا عن فقدان السيول.
وفي مؤشر واضح على ضعف الأداء التجاري وتعثر المؤسسات التجارية، ارتفعت قيمة الشيكات المرتجعة في شباط (فبراير) الماضي بنسبة 14،6% الى 360 مليار ليرة، فيما يحاول اركان القطاع إعادة جدولة ديون المؤسسات التجارية المتعثرة لدى المصارف تفادياً لسقوطها.
شماس
في هذا الاطار، قال رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس لـ المستقبل ان القطاع التجاري يمثل ثلث النشاط الاقتصادي في البلد، واي انتكاسة تصيبه ستنعكس سلبا على العجلة الاقتصادية برمتها. واشار الى ان نتائج الفصل الاول كانت مقبولة نوعاً مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، التي كانت سيئة على المستويين الاقتصادي والتجاري، بسبب الفراغ الحكومي والدستوري، وفي ظل عدم اليقين من مستقبل البلاد، فضلا عن القلق التي ساد البلاد جراء بدء الاحداث في سوريا.
الا انه في الوقت نفسه، أكد ان الحركة التجارية في الفصل الاول من العام الجاري جاءت مخيبة، وقال بدأنا اليوم ندخل في مشكلة حقيقية، مع ارتفاع ديون التجار وخدمة الدين، حيث أخذت الفوائد تتراكم على أصل الدين. اضاف عدد كبير من التجار خصوصا الصغار منهم لم يعد بامكانهم تحمل هذا الوضع.
بالنسبة لموسم الاعياد، قال شماس أجرى التجار تحضيرات واسعة، استعدادا لاستقبال الزبائن، لكن الحركة المسجلة حتى الآن تعتبر خجولة، ونتمنى ان تتحسن بين العيدين، لكن في كل الاحوال نرى ان المؤشرات الاولية مخيبة.
وعزا هذا الوضع الى التشنج السياسي الذي يعكر المزاج العام، ان كان بالنسبة للزائر أو للمستهلك اللبناني، فضلاً عن الحملة الفضائحية حول الأغذية الفاسدة التي شوهت صورة لبنان بشكل عام.
وفيما رأى ان عدم انتاجية الحكومة كان له الاثر الاكبر في الجمود الاقتصادي والتجاري، شبه الوضع في العاصمة بالكحل، الذي يبقى أفضل من العمى في المناطق.
ورأى شماس ان وضع البنى التحتية السيئ أثر سلباً في أداء القطاع التجاري في المناطق، وأعطى مثالا على ذلك، ما تعانيه جل الديب جراء ازالة جسر المنطقة، وقال كما رأينا، ان غياب جسر قادر على قتل سوق تجاري راق وعريق ومزدهر ومتجذر مثل سوق جل الديب.
عيد
أما رئيس جمعية تجار الاشرفية طوني عيد، فوصف لـ المستقبل الوضع التجاري بـالسيئ، وما زاد من هذا الوضع غياب السياح وعدم قدوم المغتربين اللبنانيين بالاعداد المعتادة.
وشكا عيد من الاداء الحكومي، وقال العمل الحكومي ليس على مستوى التحديات التي تواجه لبنان لاسيما الاقتصادية والاجتماعية، فالناس تريد ان ترى حكومة تعمل وتنتج وتستجيب للمتطلبات الحياتية والمعيشة.
وقال الناس لا تثق بالوضع العام وهذا ينعكس سلبا على النشاط الاقتصادي، مشيرا الى تراجع الحركة التجارية في الاشرفية بحدود 30 في المئة، وهو يطال كافة القطاعات التجارية. واعتبر ان تراجع الحركة بهذا القدر وفي ظل ارتفاع المصاريف التشغيلية، يجعل الامور أكثر صعوبة بالنسبة للمؤسسات التجارية ويضع الكثير منها أمام مصير مجهول.
وقال عيد اعتقد اننا وصلنا الى شفير الهاوية، فهناك مؤسسات بدأت تصرف موظفيها لتخفيف المصاريف، واخرى بدأت تصغر حجم اعمالها، وفي كلا الحالتين النتائج سيئة على الاقتصاد.
واكد ان المطلب الاساسي للجميع تحقيق الاستقرار، فلا يمكن النهوض من دون توفر عامل الاستقرار السياسي والأمني.
فاكهاني
وأكد رئيس جمعية تجار مار الياس عدنان فاكهاني لـالمستقبل ان الوضع التجاري سيئ جداً، وقال منذ ان عملت في التجارة، أي منذ حوالي 51 عاما، لم أر مثل هذا الوضع. لقد كان يحصل بعض الجمود، لكن كنا نعاود العمل، أما الآن فالحركة شبه متوقفة منذ اشهر، فيما الاعياد لم تتمكن من فك هذه العقدة. وأضاف اليوم نرى ان فرحة الاعياد غابت عن اللبنانيين واطفالهم، وهذا أمر مؤسف للغاية وغير مقبول.
واشار الى انه رغم الاستعدادات الجيدة التي قام بها التجار لهذا الموسم، من خلال الزينة والحسومات وعرض أفضل البضائع، الا ان المبيع بقي ضعيفاً، وهو لا يكفي لسد التكلفة التشغيلية.
وعزا هذا الوضع المأسوي الى سوء ادارة البلاد والتجاذبات السياسية وانحطاط الخطاب السياسي بالاضافة الى ارتفاع اسعار الخدمات وتردي البنية التحتية.
وقال لا يمكننا ان نتحدث عن حركة في الاسواق، فهناك شلل تام. وهذا الوضع أدى الى اقفال اعداد كبيرة من المؤسسات التجارية في مختلف المناطق اللبنانية.
وكشف ان غالبية التجار باتوا يتناولون المهدئات، جراء الصعوبات النفسية التي يمرون بها، والناتجة عن الضغوط الحاصلة جراء تراكم الديون وعدم توفر الامكانيات لسدادها.
مارون
رئيس جمعية تجار جونيه وكسروان الفتوح طوني مارون أكد لـالمستقبل ان الحركة التجارية ضعيفة جداً، فالفصل الاول يعتبر كارثة على القطاع، وقال منذ عملت بالتجارة لم أشهد مثل هذا الوضع، فالمبيع بأدنى مستوياته، فيما الدين يرتفع، في ظل فقدان السيولة، مؤكداً ان الحركة في موسم الاعياد كانت ضعيفة جدا، وهي شيء لا يذكر.
ولفت مارون الى عامل جديد يضغط على القطاع يتمثل برفع الفوائد، وقال هذا مؤشر سلبي للاستثمار والتجارة ولكل القطاعات.
وإذ اشار الى انخفاض الحركة التجارية نحو 30 في المئة مقارنة مع العام 2011 ونحو 60 في المئة مقارنة مع العام 2010، أوضح ان الجمود يطال كل القطاعات التجارية من دون استثناء، وقال حتى قطاع الأغذية لم يسلم من هذا الجمود.
وعزا هذه الصعوبات الى التجاذبات السياسية وتردي الاداء الحكومي، مشددا على ضرورة التفاهم حول عقد رضائي بين الجميع لابعاد تأثير السياسة في الحياة العامة، فهناك امور اساسية للمواطن يجب ان تبقى بمنأى عن التجاذبات والمناكفات.
وابدى مارون تخوفه من حصول افلاسات واسعة في صفوف التجار، وقال في كل الاحوال الرائحة بدأت تنتشر، ولا نخفي قولاً اننا سمعنا كلاماً كثيرا عن هذا الامر.
حلوة
ووصف رئيس جمعية تجار طرابلس فواز حلوة الوضع التجاري في المدينة بـالمخيف، وقال للـالمستقبل ان الكثير من التجار القدامى أكدوا عدم حصول مثل هذا الجمود في اسواق المدينة منذ عقود طويلة، وأضاف خلال آذار (مارس) الماضي، الكثير من المؤسسات التجارية لم تستفتح، متسائلاً الى اين ذاهبة البلاد؟
وإذ لفت الى تراجع الحركة في الفترة الماضية بنسبة تصل الى 40 في المئة، قال كل الامور في لبنان تجعل الناس غير مرتاحة خصوصا في ظل التجاذبات وعدم استقرار الوضع السياسي.
ورأى ان الموظف مهما بلغ راتبه غير قادر على الانفاق مع ارتفاع تكلفة الخدمات الاساسية من كهرباء وماء ومحروقات وصحة وتعليم وغير ذلك.
وحذر حلوة من ان الوضع لم يعد يحتمل، فالمؤسسات التجارية وصلت الى شفير الهاوية، وهناك الكثير منها مهدد بالاقفال.
شلهوب
وقال رئيس جمعية تجار زحلة ايلي شلهوب، ان وضع القطاع صعب، لا بل سيئ جداً، فلا حركة تجارية، فيما الاعياد لم تشكل عنصرا محركا للاسواق، علماً ان هذا الجمود يلف كل القطاعات التجارية.
واشار الى تراجع الحركة في المنطقة بنسبة تصل الى 35 في المئة مقارنة مع نفس الفترة من العام 2011، ونحو 60 في المئة مقارنة مع 2010.
وقال شلهوب الاعياد لم تحرك الاسواق كما هو مطلوب، لافتا الى ان أي حركة تحصل في موسم الاعياد لا تعطي المردود المطلوب لتقوية وضع القطاع، فالأمر يتطلب استمرار الحركة في مواسم متكاملة.
وعزا إحجام الناس عن الشراء، الى تراكم مجموعة من العوامل ابرزها: الجو السياسي المحتقن، وفشل الحكومة في ادارة شؤون البلاد، وغلاء المعيشة الناتج عن ارتفاع اسعار المحروقات والخدمات على اختلافها، فضلا عن فقدان السيولة.
ولفت الى شكاوى عارمة لدى تجار المدينة، وقال بات هؤلاء يفتقدون للحد الادنى من الصمود، مبدياً تخوفه من حصول هجرة كثيفة لهذه الشريحة الى الخارج.
واكد ان ما يهمنا هو توفير الاستقرار الامني والسياسي، فالتجارة لا تتماشى مع الاحداث والمشاكل والتجاذبات والمناكفات، فهي تتطلب أمنا واستقرارا.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00