29 كانون الأول 2025 | 22:45

هايد بارك

جوزاف عون ورهان الدولة القوية -محمد نديم الملاح

جوزاف عون ورهان الدولة القوية -محمد نديم الملاح

كتب محمد نديم الملاح:

جوزاف عون: خيار الدولة القوية من البداية

يبرز الرئيس جوزاف عون كرمز للالتزام بخيار الدولة القوية، حيث يضع حماية الوطن وإعادة بناء مؤسساته على رأس أولوياته. وتتركّز جهوده على تعزيز الاستقرار، دعم الإصلاح، وتمكين لبنان من مواجهة التحديات الكبرى بثقة وثبات.

اليوم، يقف لبنان عند محطة حاسمة من تاريخه. ما يمرّ به ليس أزمة عابرة، بل اختبار حقيقي لقدرة الدولة على الصمود أمام الضغوط الداخلية والخارجية، أو الانزلاق نحو مزيد من التفكك والانهيار.

الوضع الراهن يعكس هشاشة المؤسسات وتراجع الخدمات الأساسية، ويضع حياة المواطنين اليومية في دائرة الخطر. المواطن اللبناني لم يعد يبحث عن شعارات أو وعود، بل عن دولة تحميه، تضمن له العدالة والكرامة، وتعيد الاعتبار لدوره كمواطن لا كرهينة أزمات.

دروس الماضي: بناء الدولة عبر التجارب الناجحة

شهاب: المؤسسات أولًا

تشكّل تجربة الرئيس فؤاد شهاب نموذجًا رائدًا في بناء الدولة الحديثة، إذ ركّز على تحديث الإدارة العامة، وتعزيز استقلالية المؤسسات، وترسيخ مبادئ الشفافية والمحاسبة. كما أولى اهتمامًا بروح المواطنة وتهدئة التوترات الطائفية، وأطلق مشاريع اقتصادية واجتماعية أعادت بناء الثقة بين الدولة والمجتمع.

سليمان: الحوار الوطني وحماية الدولة

اختار الرئيس ميشال سليمان حماية الدولة من خلال تحييد المؤسسات الدستورية عن الصراعات الداخلية، في مرحلة اتسمت بارتفاع منسوب الانقسام السياسي والمخاطر الأمنية. فشكّل الحوار الوطني خيارًا استراتيجيًا لإدارة الخلافات ضمن الأطر المؤسساتية، ونقلها من الشارع إلى طاولة النقاش، بما ساهم في خفض التوترات والحد من احتمالات الانفجار الداخلي.

وقد عكس هذا النهج فهمًا عميقًا لدور الرئاسة كمرجعية جامعة وضامن للاستقرار، حيث شدّد سليمان على مركزية الدولة، واحترام الدستور، ودور الجيش اللبناني كركيزة أساسية للوحدة الوطنية وحماية السلم الأهلي. كما تميّز خطابه برفض منطق الغلبة، والتأكيد على أن الحفاظ على الكيان الوطني يمر عبر الحكمة والتوازن، لا عبر المغامرات السياسية.

الدولة أولًا: ضمان الاستقرار

الدولة القوية ليست ترفًا سياسيًا، بل شرطًا أساسيًا لأي نهوض اقتصادي واجتماعي. فهي الضمانة الوحيدة لاستعادة هيبة المؤسسات، وحماية المجتمع من الانهيار، وصون حقوق المواطنين، وتأمين الخدمات الأساسية بعيدًا عن التسويات الهشة.

الانفتاح العربي والدولي: دعم الدولة

لبنان أمام فرصة حقيقية لإعادة تفعيل علاقاته العربية والدولية. فالتعاون الدولي المدروس يمنح الدولة قوة إضافية لمواجهة الأزمات وتحويل التحديات إلى فرص للنمو والإصلاح، شرط أن يكون منسجمًا مع المصلحة الوطنية وسيادة القرار اللبناني.

الأحزاب والمصلحة العامة

في الديمقراطيات الراسخة، تشكّل الأحزاب أداة لتنظيم الحياة السياسية وخدمة المواطن ضمن إطار الدولة. أما في لبنان، فقد تحوّلت بعض القوى إلى أدوات لمصالح ضيقة، ما أضعف المؤسسات وعرقل تطبيق القانون. من هنا، تبرز ضرورة إعادة إلزام العمل الحزبي بالمصلحة العامة ومنع الانقسامات الطائفية أو الحسابات الشخصية من تعطيل مسار الدولة.

الدولة والقانون: خيار المواطن

أمام اللبنانيين خيار واضح: إما دولة قانون قوية بمؤسسات فاعلة وقضاء مستقل، أو استمرار الفوضى والانهيار. تحقيق الخيار الأول يتطلب إرادة وطنية صلبة، مواجهة منظومة التعطيل، والاستفادة من العلاقات العربية والدولية لدعم مسار الإصلاح.

الدولة وحصرية القوة: ركيزة الاستقرار

إن غياب حصرية القوة بيد الدولة يضعفها ويغذّي الفوضى، ويجعل المؤسسات في مواجهة الأمر الواقع بدل أن تكون المرجعية الوحيدة لحماية المواطنين. ولضمان الاستقرار، لا بد أن تمتلك الدولة وحدها سلطة فرض القانون وتنفيذ القرارات، دون منافسة من أي قوة محلية أو خارجية.

رؤية مستقبلية: لبنان الدولة الحديثة

لبنان يستحق دولة تحمي الحقوق، تصون الحريات، وتحتضن التعددية، وتضع حدًا للانقسامات الطائفية. الرئاسة اليوم أمام فرصة تاريخية لفتح صفحة جديدة، تستند إلى إرادة وطنية صادقة، وتجارب ناجحة، وشراكات عربية ودولية داعمة، لبناء دولة قوية، حرة، وقادرة.

جوزاف عون: رمز الدولة القوية والثبات الوطني

كرّس الرئيس جوزاف عون جهوده منذ البداية لدعم الإصلاح، وتعزيز الاستقرار، وترسيخ منطق الدولة القادرة. لبنان اليوم على مفترق مصيري: إما دولة قوية تُحكم بالقانون والمؤسسات، أو دويلات داخل الدولة تتحكّم بها المصالح الضيقة وغياب حصرية القوة. المستقبل ينتظر الدولة التي تحمي المواطن، ترسّخ العدالة، وتعيد لبنان إلى مكانته الطبيعية كدولة جامعة وآمنة لكل أبنائها.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

29 كانون الأول 2025 22:45