النهار
يبدو أن جنرالات نظام بشّار الأسد لم يتقبلوا فكرة العيش بالمنفى في روسيا أو لبنان، وطموحات العودة إلى سوريا تراودهم. لكن هذه الأفكار لا تتوقف عند العودة والعيش في سوريا، بل تتعداها لتصل إلى استعادة النفوذ السياسي والعسكري. وفي هذا السياق، كشف صحيفة "نيويورك تايمز" عن تحضيرات يقوم بها هؤلاء الجنرالات لتمرّد يصل إلى حد الانقلاب في سوريا أو جزء منها.
يحاول بعض هؤلاء القادة السابقين في النظام بناء تمردٍ مسلحٍ من المنفى. وقد دعم أحدهم جماعةً تقف وراء حملة ضغطٍ بملايين الدولارات في واشنطن. ويأمل العديد منهم في اقتطاع جزءٍ من الساحل السوري، موطن الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد والعديد من كبار مسؤوليه العسكريين والمخابراتيين.
من هم الجنرالات؟
"نيويورك تايمز" نقلت خلال تحقيقها رسائل سرية، وفي إحداها، قال غياث دالا، القائد السابق للفرقة الرابعة في الجيش السوري لأحد عناصره في مكالمة هاتفية جرت في نيسان (أبريل) من لبنان، وتم اعتراضها دون علمه: "لن نبدأ حتى نكون مسلحين بالكامل".
وكانت هذه المحادثة واحدة من عشرات المحادثات الهاتفية والرسائل النصية ومحادثات المجموعات التي تم رصدها، والتي شاركتها مجموعة من النشطاء السوريين الذين يقولون إنهم اخترقوا هواتف كبار قادة الأسد قبل انهيار النظام، ويراقبونها منذ ذلك الحين.
ومن أبرز الشخصيات المتورطة في جهود التمرّد المحتمل سهيل الحسن، القائد السابق للقوات الخاصة في عهد الأسد، وكمال الحسن، الرئيس السابق لجهاز المخابرات العسكرية.
ووفقًا لرسائل نصية تناولت مكان وجود سهيل حسن، فقد التقى بمتعاونين معه في لبنان والعراق وحتى سوريا خلال العام الماضي. ووردت أيضاً رسائل تشير إلى زيارة كمال حسن إلى لبنان. وأفاد مساعد ومجند ومعارف لصحيفة "نيويورك تايمز" أنهم التقوا بالجنرال السابق هناك.
وأفاد مسؤولان سابقان في نظام الأسد، يتعاونان مع الجنرالات السابقين، للصحيفة الأميركية بأنهما في وضعٍ يمكّنهما من تجنيد عناصر من الطائفة العلوية التي تضمّ عدداً كبيراً من الجنود السابقين.
وتُظهر المراسلات بين سهيل الحسن وآخرين، خلال الفترة من نيسان (أبريل) وحتى الصيف، تخطيطه للعودة إلى السلطة. ومن بين هذه المراسلات، جداول مكتوبة بخط اليد أُرسلت من هاتفه في نيسان (أبريل)، تُبيّن عدد المقاتلين والأسلحة في قرى مختلفة على طول الساحل السوري.
وتكشف الرسائل النصية والمقابلات مع المشاركين أنهم وزعوا أموالًا، وجندوا مقاتلين، وفي حالة شبكة سهيل الحسن، قاموا بتأمين أسلحة.
كم يبلغ عدد المتمردين المحتملين؟
منذ نيسان (أبريل) وحتى الصيف، تُظهر المراسلات بين الحسن وآخرين تخطيطه للعودة إلى السلطة. أرسل السيد حسن المخططات إلى شخص خاطبه بصفة "القائد الأعلى لقواتنا المسلحة"، وقال إنه "تحقق" من هويات أكثر من 168 ألف مقاتل: 20 ألفًا منهم يحملون رشاشات، و331 يحملون مدافع مضادة للطائرات، و150 يحملون قنابل مضادة للدبابات، و35 قناصًا ما زالوا يحتفظون بأسلحتهم.
وكان يختم كل رسالة بالعبارة نفسها: "خادمكم، برتبة محارب مقدس".
ولم يذكر الحسن اسم قائده في الرسائل التي اطلعت عليها الصحيفة الأميركية. لكن ثلاثة أشخاص مطلعين على الخطط قالوا إنه يعمل مع رامي مخلوف، وهو رجل أعمال سوري وابن عم الرئيس الأسد الذي فرّ هو الآخر من سوريا إلى موسكو. وأضافوا أن مخلوف موّل جهود السيد حسن، كما أرسل مبالغ طائلة إلى عائلات علوية فقيرة على الساحل السوري.
وبحلول الربيع، أظهرت الاتصالات المُعترضة أن الحسن قد جند غياث دالا، قائد الفرقة الرابعة.
في إحدى الرسائل النصية، أخبر دالا الحسن أنه وزع 300 ألف دولار أميركي كدفعات شهرية على مقاتلين وقادة محتملين، بمعدل يتراوح بين 200 و1000 دولار أميركي شهرياً. كما طلب الموافقة على شراء معدات اتصالات عبر الأقمار الصناعية بقيمة تقارب 136,600 دولار أميركي.
كما وصف المتعاونون في الاتصالات المُعترضة كمال حسن، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية، بأنه كان يقدم مدفوعات للمؤيدين والمجندين المحتملين.
وأشار دالا في رسائله إلى أنه يقيم في منزل بلبنان على الجانب الآخر من الحدود السورية.
وفي بعض المحادثات، وصف اجتماعاً مع قادة مجموعات عراقية موالية لإيران، ناقشوا خلاله خيارات تهريب الأسلحة إلى المتمردين دون التعرض لضربات إسرائيلية أو الوقوع في قبضة السلطات السورية. كما روى لقاءه بممولين محتملين.
وأظهرت مراسلات أخرى إحباط دالا لمؤامرات اغتيال، وخططاً لاقتناء أو توزيع طائرات مسيرة وصواريخ مضادة للدبابات، بما في ذلك بعضها قال إنها مخبأة في سوريا.
وفي نيسان (أبريل)، ضمّ الجنرالان الحسن ودالا إلى الشبكة جنرالاً سابقاً آخر، هو محمد الحسوري، وهو قائد بارز في سلاح الجو متهم بتنفيذ هجوم بالأسلحة الكيميائية على بلدة خان شيخون الشمالية عام 2017.
وكتب الحسن أن مسؤولين إيرانيين نقلوا الحسوري وعشرين طياراً آخرين من النظام إلى فندق في لبنان. وقال الحسن إنهم أعربوا عن رغبتهم في البقاء والانضمام إلى تمرده إذا تكفل هو بنفقات إقامتهم ومعيشتهم.
وفي تشرين الأول (أكتوبر)، قال مسؤول سابق في النظام إنه كان على اتصال بالحسوري إن الرواية صحيحة، لكنه قال بعد شهر إن الخطط انهارت. وأضاف أن الشبكة الأوسع التي حاول دالا والحسن تشكيلها بدأت تتفكك.
إلى ذلك، قلّل مسؤولون سوريون يراقبون المتمردين المحتملين من شأن خطر أي تمرد في سوريا. وأصرّ المسؤولون على عدم الكشف عن هويتهم لعدم حصولهم على إذن بالتحدث إلى الصحفيين.




يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.