#مازن_عبّود
تلغى الزيارة. يستهدف الطبطبائي. تهتزّ الهدنة. ليس الرئيس سوبر مان ولن تتطابق حسابات الآمال مع الواقع. بدأت الجردة. المخيف انتكاس صورتنا كلبنانيين غربيا. بدأ الحكم يفقد الغطاء والدعم، ومحركاتنا لن تعمل بدون وقود.
إيران طوّعت، البلد ما عاد كما كان. لكن ليس الى حدود خلخلة المعادلات الداخلية وفق ما يرجى غربيا. تراجع الرغبة بضرب إيران امريكيا لضرورات التوازن السعودي-التركي، يجب ان يترافق مع نتائج مفاوضات تترجم لبنانيا. والا فانتكاسة كبرى. ترفض قيادة الجيش تحويله الى كركون الميكانيسم، ووحدة إنكشارية تفتقر الى المشروعية. فيواجه ما يعجز عنه تحت ضغط انكشاف البلد وتحويله الى غزة. الإيقاع الداخلي المتثاقل غير الموائم للدينامية الخارجية المتسارعة يغتال النمو.
Joel Mokyr وPhilippe Aghion وPeter Howitt الذين نالوا نوبل للاقتصاد(2025) اعتبروا النمو نتيجة ابتكار، وهدم خلّاق للبنى المتداعية.
رأى Mokyr أن التقدّم ثمرة ثقافة ابتكارية ومؤسسات. فالنمو يحتاج إلى معرفة تتولّد في بيئة تربوية، وإلى قضاء مستقل يصونها. لكن كل ذلك في لبنان، يتداعى. فمجزرة التعليم الأساسي تستمر، والجامعة اللبنانية تحتضر، فيما تتسابق الدكاكين الجامعية على الزبائن. وهذا لا يصنع معرفة واقتصاداً. فلبنان لا يقوم الا على جودة التعليم.
Aghion وHowitt اضاءا (Creative Destruction) على التدمير الخلّاق الذي ترسيه مؤسسات وتقنيات جديدة تزيح القديمة. فالابتكار عملية مؤلمة، تتطلّب حماية اجتماعية، ومنافسة عادلة، وسياسات تُحرّر الطاقات البشرية. لبنانيا، التدمير الخلاق ممنوع. فلا تحديد للفجوة المالية ولا مسؤوليات. ما مشروع هيكلة المصارف فينام. محركات النمو تبحث عن ثقة ولا تجدها. البنى التحتية المترهلة تتحكم بالاقتصاد.
يزداد قلقي مع تآكل مقومات النمو الداخلي التي تحدّث عنها Paul Romer(2018) ، المرتكزة على المعرفة. فالأفكار سلع غير تنافسية، لكن إنتاجها يتطلب استثماراً في التعليم والبحث العلمي وحقوق الملكية الفكرية. لن يقوم البلد من دون خطة قيام تربوية تواكب إعادة هيكلة المصارف. يحتاج البلد تدميرا خلاقا. يحتاج معرفة، ومؤسسات جديدة تقوم مقام البنى المترهلة.
لبنان يبحث عن استقرار مفقود. لا يفتقر إلى العقول، بل إلى بيئة تستثمر فيها. التقدّم ليس معجزة، بل ينتظر بنية مؤسسية تنتجه تتولّد عن السلام.




يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.