خمس سنوات مرت على إعادة إحياء واحد من أهم معالم صيدا التراثية " حمام الجديد" في تشرين الأول 2020 بمبادرة من "مؤسسة شرقي للإنماء والإبتكار الثقافي" بعدما أعادت ترميمه وتحويله الى مركز اشعاع وتفاعل ثقافي، والى احدى الوجهات السياحية الرئيسية في المدينة.
ومنذ اطلاقها قبل خمس سنوات " حمام الجديد " كمركز سياحي ثقافي لبناني عالمي ، تتابع مؤسسة "شرقي للإنماء والإبتكار الثقافي" عاماً بعد عام تميزها في تنظيم واستضافة الفعاليات الثقافية والفنية والتراثية والتي يطل منها على المدينة ولبنان كله فنانون ومبدعون لبنانيون وعرب واجانب ، كما تميزها في استقطاب وجذب حركة سياحية ناشطة من لبنان وخارجه باتجاه المدينة القديمة وصيدا ككل ، الى جانب الأثر الإجتماعي والإقتصادي والإنساني والتربوي الذي تعود به مبادرات تطلقها المؤسسة بين الحين والآخر تجاه المجتمع المحيط والقطاعات المختلفة في اكثر من منطقة.
وجديد مؤسسة شرقي وضمن احتفاليتها بعامها الخامس ، سيكون إطلاق أول جولة افتراضية تفاعلية ثلاثية الأبعاد " 3D interactive virtual tour " في موقع حمام الجديد في المدينة القديمة لإتاحة الفرصة لأكبر عدد من المهتمين خاصة من خارج لبنان ليطلعوا عن قرب على هذا المشروع ، ولتوثيقه في ذاكرة الأجيال .
المهندس سعيد باشو
ويقول رئيس مؤسسة شرقي للإنماء والإبتكار الثقافي المهندس سعيد باشو: بالنسبة لنا كان الهدف من إحياء "حمام الجديد " ليس فقط استعادة وظيفته كمعلم تراثي وتحويله مركزاً سياحياً وثقافياً ، بل أيضاً أن يساهم في تسليط الضوء على عوامل الجذب السياحي في المدينة القديمة وإبراز قيمتها التاريخية وميزتها كواحدة من اقدم المدن التي لا تزال نابضة بالحياة ، وذلك من خلال ما يستقطبه" حمام الجديد" من حركة زائرين وسائحين من لبنان وخارجه وما ينتج عن هذه الحركة من نشاط اقتصادي واجتماعي
البداية مع " إحياء"
في شهر رمضان من العام 2019 كانت الإنطلاقة غير الرسمية لـ"حمام الجديد " بعد انجاز اعمال ترميمه من قبل المؤسسة ، وكانت بداية حافلة بالنشاط والحركة السياحية. وعنها يقول باشو : في ذلك الوقت كانت مؤسسة شرقي تحضر مع الفنان البريطاني العالمي توم يونغ لمعرضه" REVIVAL" أو " احياء " حيث كان يونغ اختار صيدا القديمة مكان إقامة ومصدر الهام لمواضيع لوحات فنية تحاكي تراث المدينة وناسها وحرفها ومحطات وأحداثاً معاصرة في صيدا ولبنان .
ويضيف: لكن التحضير للمعرض امتد لأكثر من عام حيث اضطررنا اكثر من مرة لتأجيله ، بسبب احداث كبرى شهدها لبنان في ذلك الحين بدءاً بثورة 17 تشرين والإنهيار الإقتصادي وانفجار مرفأ بيروت وجائحة كورونا ، حيث انعكست تلك الأزمات جموداً وشللاً في معظم وجوه الحياة في لبنان عموماً وصيدا بشكل خاص ، ومنها بطبيعة الحال السياحية والثقافية ، فجاءت فكرة وعنوان المعرض " إحياء" في ظل تلك الأوضاع ، لتجسد محاولة إحياء لمدينة تحتضر انطلاقا من هذا المعلم ومن محيطه ، ولإعادة بث الأمل في نفوس الناس بعدما اصابها من احباط جراء تلك الأزمات.
فعاليات منوعة على مدار العام
في ذلك الوقت كانت مؤسسة شرقي تعيد توثيق قصة "حمام الجديد" وتدعيمها بشهادات من بعض من عايشوه قديماً ، لتقدمها صوتاً وصورة سيرة ذاتية لمعلم تراثي ينبض بجزء من تاريخ المدينة القديمة وذاكرتها ، كحكاية تروى ، وتستكمل فصولها مع ما تنظمه المؤسسة وتستضيفه فيه من أحداث ثقافية وفنية وتراثية . ويشير باشو في هذا السياق الى أنه على مدى خمس سنوات ، شهد "حمام الجديد " عشرات الفعاليات الثقافية والفنية المحلية والعالمية المنوعة نظمتها مؤسسة شرقي أو استضافتها من (عروض لأفلام وثائقية ومعارض وحفلات موسيقية وعروض مسرحية ومحاضرات تاريخية وأمسيات موسيقية وتراثية وورش عمل تربوية وسياحية ) وبمشاركة فنانين عالميين ولبنانيين.
سياحة تراثية وثقافية
وخلال الفترة نفسها ، استقطب حمام الجديد آلاف الزوار والوفود السياحية والشخصيات من لبنان وخارجه من بينهم سفراء عدد كبير من الدول العربية والأجنبية ، كما شكل وجهة لطلاب المدارس والجامعات والمهتمين بالتراث .وعن ذلك يقول باشو : لقد استطاعت مؤسسة شرقي للإنماء والإبتكار الثقافي أن تثبت هذا المعلم التراثي على الخارطة السياحية في لبنان والعالم ، وتسجيل مشاركتها الفعالة في مختلف المناسبات السياحية والتراثية ، ومنها ليلة المتاحف وليالي صيدا التراثية والأمسيات الرمضانية ، كما اعادت المؤسسة تأهيل مقهى" شرقي" التراثي المحاذي لحمام الجديد واطلاقه بحلّة جديدة ، وفيه قسم مخصص للتذكارات والمنتجات التراثية الصيداوية ، ليشكلان كل على حدة او مجتمعين، وجهةً تبث في نفوس الزائرين مزيجاً من الفرح والأمل والإصرار على متابعة الحياة في ظل الأوضاع التي يمر بها البلد وجنوبه .
مشروع دكان
وفي الجانب الثفافي التراثي ايضاً اطلقت المؤسسة مشروع "دكان" الذي يعرض مجموعة من الكتب التراثية التي تعنى بكل ما له علاقة بلبنان من جغرافيا وتاريخ واقتصاد وسياسة وفن وثقافة ومأكولات لبنانية. ويضيء مشروع "دكان " على المونة اللبنانية كجزء من ثقافة المطبخ اللبناني وذلك بالتعاون مع مزارعين من المجتمع الصيداوي والجزيني.
كما حصدت مؤسسة شرقي خلال تلك الفترة العديد من الجوائز التقديرية المحلية والعربية والعالمية .
نحو خمس سنوات قادمة
ويعتبر باشو أن ما حققته مؤسسة شرقي للإنماء والإبتكار الثقافي من نجاح وحضور واسهام في النشاط السياحي والثقافي والفني في المدينة خلال هذه الفترة القصيرة ، "ما كان ليتحقق لولا ثقة المجتمع المحلي الصيداوي واللبناني، ولولا رعاية الجهات الرسمية ، وتجاوب وتفاعل الجمهور بكل تنوعه ومن كل المناطق اللبنانية ودعم كل الأصدقاء الذين نعتبرهم شركاء هذا النجاح من شخصيات عامة ومؤسسات خاصة ومثقفين وفنانين واعلاميين ، وجهود فريق عمل مؤسسة شرقي" .
ويقول : إن ذلك يحملنا مسؤولية الحفاظ على ما راكمته المؤسسة حتى الآن من انجازات والإنطلاق منها نحو السنوات الخمس القادمة برؤية اكثر شمولية ، وبخطى واثقة وزخم اكبر، وأن نقدم دائماً لجمهورنا كما عودناه ما يرضي وبناسب كل الأذواق ، وأن يبقى ما نقدمه دائماً جديداً ومميزاً .
جولة افتراضية ثلاثية الأبعاد في "حمام الجديد "
وفي هذا السياق ، يشير باشو الى أنه ومن ضمن الإحتفال بمرور خمس سنوات، سوف تطلق مؤسسة شرقي قريباً، وفي حدث هو الأول من نوعه في لبنان ، جولة افتراضية تفاعلية ثلاثية الأبعاد"3D interactive virtual tour " في موقع "حمام الجديد " لإتاحة الفرصة لأكبر عدد من المهتمين خاصة خارج لبنان ليزوروا الموقع ولو افتراضياً ويطلعوا عليه عن قرب ولترسيخه وتوثيقه في الذاكرة الجماعية وذاكرة الأجيال المتعاقبة. كما ستكون هناك سلسلة فعاليات احتفالية بالمناسبة تتضمن معرضاً فنياً وأمسيات موسيقية تستمر حتى نهاية العام.
ويختم باشو : اننا نسعى دائماً لأن نسهم في تقديم مدينة صيدا عاصمة للثقافة والفنون، وكما كانت على مر تاريخها القديم والحديث ، ملتقى الثقافات والحضارات ، الشاهدة على تفاعلها ، وقلباً نابضاً دائما بالحياة والأمل بكل ما هو أفضل .
رأفت نعيم

















يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.