19 أيلول 2025 | 21:56

أخبار لبنان

"المحيطات والبحار الملوّثة باللدائن" طاولة مستديرة ومعرض في اليسوعية–الجنوب


برعاية وحضور وزيرة البيئة الدكتورة تمارا الزين، وبالشراكة مع المعهد الفرنسي والمجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان (CNRS-L)، نظّمت جامعة القدّيس يوسف في بيروت (USJ)طاولة مستديرة بعنوان «المحيطات والبحار الملوّثة باللدائن»، وذلك في قاعة الأب أندريه ماس اليسوعيّ في حرم لبنان الجنوبيّ – البرامية ( صيدا)، وتخللتها مناقشة قضية التلوث البلاستيكي التي تطرح تحديًا وجوديًا.

حضر اللقاء : سفير فرنسا في لبنان هيرفيه ماغرو، راعي ابرشية صيدا ودير القمر للروم الكاثوليك المطران إيلي حداد، النائب علي عسيران ورئيسة مؤسسة الحريري السيدة بهية الحريري، رئيس الجامعة البروفسور سليم دكّاش اليسوعيّ، الأمين العام للمجلس الوطني للبحوث العلمية الدكتور شادي عبد الله، مديرة المعهد الفرنسي في لبنان سابين سكورتينو، وحشد من الشخصيات السياسية والدبلوماسية والدينية والأكاديمية وممثلي البلديات والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني ، إلى جانب نوّاب رئيس الجامعة وعدد من المسؤولين الأكاديميين والطلاّب.

صيداني

في كلمتها الافتتاحية، عبّرت مديرة حرم لبنان الجنوبي البروفسورة دينا صيداني عن فخرها باحتضان نقاش بهذا الحجم. وذكّرت بأن البحار والمحيطات، «منظّمات للمناخ ومستودعات للتنوّع البيولوجي»، تواجه اليوم تهديدات جدّية بفعل التلوث البلاستيكي والصيد الجائر وتحميض المياه. وأكدت أنّ الوعي الجماعي هو السبيل الوحيد لوقف هذا المسار، مشيرة إلى أنّ هذه المبادرة، تهدف إلى خلق مساحة لتبادل الأفكار متعددة الاختصاصات وتشجيع حلول عملية يشارك فيها العلماء والبلديات والمنظّمات غير الحكومية والقطاع الخاص. كما شدّدت على أهمية نشر الممارسات البيئية السليمة في مجالات محورية كالتربية والطاقة والنقل، انطلاقًا من قناعة أنّ كلّ مؤسّسة قادرة على إحداث فرق ضمن نطاقها.

مارون

من جهته، ركّز نائب رئيس الجامعة لشؤون البحث العلميّ البروفسور ريشار مارون على الأهمية الحيوية للبحر الأبيض المتوسط، « الذي غذّى حضاراتنا»، والذي بات اليوم مهدّدًا بالنفايات البلاستيكية. ما ينعكس مباشرة على الصحّة والاقتصاد ومستقبل الأجيال. واعتبر أنّ البحث العلمي ينبغي أن يغذّي النقاش العام ويُلهم السياسات المستدامة. لافتاً إلى أنّ جامعة القدّيس يوسف، من خلال رسالتها في الوساطة العلمية، تعمل على بناء جسور بين المعرفة والعمل، وهو ما يتجلّى في المعرض المتنقّل «المحيطات والبحار الملوّثة باللدائن» الذي يُقدَّم تباعًا في مختلف أحرم الجامعة. وأضاف: «النفايات البلاستيكية التي تلوّث بحارنا هي ثمرة خياراتنا، وبالتالي يمكن الحدّ منها».

عبد الله

الأمين العام للمجلس الوطني للبحوث العلمية الدكتور شادي عبد الله ، أشار إلى أنّ البحر المتوسط يُعدّ من أكثر البحار تلوثًا في العالم. وقدّم أرقامًا مقلقة: أكثر من أربعة ملايين طن من البلاستيك تُنتَج سنويًا، جزء كبير منها للاستعمال الأحادي، في ما يصل خمسة عشر طنًا إلى المحيطات كل دقيقة. ومع تحوّلها إلى جزيئات دقيقة (ميكروبلاستيك)، تُلوّث هذه النفايات الهواء والتربة والكائنات البحرية والغذاء البشري. ودعا إلى تعبئة جماعية تشمل الحكومات والصناعات والبلديات والباحثين والمواطنين، مؤكّدًا أنّ: «ما يُرمى في المياه اليوم سيعود غدًا إلى غذائنا وهوائنا وصحتنا».

دكاش

وشدّد رئيس الجامعة الأب البروفسور سليم دكّاش اليسوعيّ على أنّ الشاطئ اللبناني يتكبّد تداعيات خطيرة بسبب تلوث البحر . وأشار إلى صيادين باتوا يعودون «بمزيد من البلاستيك أكثر من الأسماك»، كصورة فاضحة لحجم الأزمة. وأوضح أنّ الكارثة تطال الصحّة العامة من خلال دخول الميكروبلاستيك إلى أجساد الناس، كما تمسّ الاقتصاد من خلال إضعاف قطاعي الصيد والسياحة. ودعا إلى سياسات جريئة تحدّ من استخدام البلاستيك وتعزّز الفرز وتشجّع على التعبئة الشعبية، مؤكّدًا البُعد الدولي لهذه القضية إذ يربط البحر المتوسط لبنان بأوروبا والعالم العربي وإفريقيا. وأضاف: «إنقاذ المتوسط هو نداء إلى التعاون العلمي والاقتصادي والثقافي.

ماغرو

وأشاد السفير الفرنسي هيرفيه ماغرو بالأساتذة والباحثين الذين يواصلون رسالتهم برغم الظروف الصعبة، وأكّد أهمية توسيع دائرة التوعية خارج العاصمة وإعطاء الكلمة للشباب، معربًا عن أسفه لعدم اعتبار التلوث البلاستيكي بعد «قضية وطنية». ودعا القادة السياسيين والدينيين والإعلاميين إلى تحمّل مسؤولياتهم، مذكّرًا بالمؤتمر الأممي حول المحيط الذي استضافته مدينة نيس الفرنسية، حيث التزمت 96 دولة بالعمل على القضاء على البلاستيك بحلول العام 2040.

الزين

واختتمت وزيرة البيئة تمارا الزين المداخلات بعرض مقاربة علمية وسياسية شاملة، محدّدة ثلاث أولويات: تحويل الالتزامات الدولية إلى أفعال ملموسة، التحرّك السريع قبل تفاقم الأزمات، وتشجيع البحث البيني. وأعربت عن أسفها لفشل المفاوضات الأخيرة في جنيف التي كشفت «أنانية بعض الدول وقصر النظر الاقتصادي». كما حذّرت من «تسييس البحث العلمي» عبر تحويل التمويلات نحو مشاريع آنية على حساب العلوم الأساسية. وشددت على أنّ لبنان مدعوّ إلى إعادة صياغة علاقته بالطبيعة وإعادة النظر في نموذجه الاقتصادي بعيدًا عن منطق السيطرة. وأعلنت توقيع لبنان على «نداء نيس» الداعي إلى معاهدة طموح للحدّ من البلاستيك، إضافة إلى إنشاء دائرة وزارية خاصة بالبحر قريبًا.

نقاش

وتواصلت الجلسة مع نقاش أدارته الإعلامية سوزان بعلبكي، بمشاركة ممثلين عن البلديات والمنظمات غير الحكومية والباحثين والطلاّب. وتناولت خبرات ميدانية وممارسات بيئيّة عملية وأهمية تربية الأجيال الجديدة على الوعي البيئي. وعكست النقاشات تنوّع المقاربات والحاجة إلى التزام المواطنين جنبًا إلى جنب مع السياسات العامة والمبادرات العلمية.

واختُتم اللقاء بافتتاح معرض «المحيطات والبحار الملوّثة باللدائن»، الذي سيبقى في حرم لبنان الجنوبي حتى 24 تشرين الأول 2025، . وتلا ذلك حفل استقبال شكّل فرصة للمزيد من التبادل حول المبادرات العملية الممكن تطبيقها محليًا.

رأفت نعيم


يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

19 أيلول 2025 21:56