18 أيلول 2025 | 08:03

أخبار لبنان

المفتي حسن عبد الله في عكار بدعوة من علي العبد الله: الحوار هو المخرج الوحيد لكل أزمات البلد


قال مفتي صور وجبل عامل العلامة القاضي الشيخ حسن عبد الله أننا في لبنان أحوج ما نكون إلى التعايش والحوار". وقال" لن نتخلى عن عيشنا الواحد مهما عصف من رياح".

كلام المفتي عبد الله جاء في ختام جولة طرابلسية وعكارية بدعوة من رئيس مجموعة أماكو علي محمود العبد الله،  وشملت رئيس المجلس الإسلامي العلوي الشيخ علي قدور في طرابلس، مفتي عكار الشيخ زيد محمد بكار زكريا، راعي أبرشية عكار وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران باسيليوس منصور  . وأقام علي العبد الله في ختام الجولة مأدبة غداء على شرف المفتي عبد الله في دارته في بلدة تكريت -عكار، بحضور المفتي زكريا، المطران منصور، المونسنيور ايلي جرجس وعدد من رؤساء اتحادات البلديات والبلديات، والمرجعيات الدينية والسياسية والعسكرية والاجتماعية والأكاديمية.


وقال المفتي عبد الله في كلمة له خلال مأدبة الغداء: التعدد والتنوع في الطوائف والمذاهب هما من النعم التي يعيشها لبنان. قال الإمام المغيّب السيد موسى الصدر "الطوائف نعمة والطائفية نقمة"، فالتعددية هي ثقافة وحواضر ثقافية في مجتمع واحد، وهي تشكل غنى ثقافي وفكري واجتماعي.وأعود في الذاكرة إلى المدينة المنورة وإلى وثيقة النبي محمد صل الله عليه وآله، التي نظمت العلاقة بين المسلمين وغيرهم في المدينة، ومن هناك ابتدأت فكرة التعايش والحوار بين الأديان. ونحن اليوم في لبنان أحوج ما نكون إلى هاتين النقطتين، نقطة التعايش ونقطة الحوار. التعايش على المستوى الديني يتجلّى من خلال المؤسسات الدينية في لبنان مع تنوعها وتعددها حيث نجد أن الاتجاه واحد وهو بناء لبنان المتعدد والحفاظ عليه. وعلى مستوى الحوار نجد أن نقاط الاختلاف تحتاج الى حوار بنّاء لا حوار الطرشان، الحوار البناء يُبنى عليه في النقاط التي تشكل التقاء، أما النقاط الخلافية فنسحبها من التداول كي لا نؤدي الى نزاع، هناك نقاط غير قابلة للتبدل والتبديل على المستوى السياسي يمكن لنا أن نسحبها من التداول كي لا تؤدي الى خلافات داخلية. ونحن أحوج ما نكون إلى تقليص الخلافات الداخلية مع المستجدات التي نعيشها اليوم.

وأضاف: من هنا نقول إن الطوائف هي النعمة أما الطائفية فهي النقمة والتعصب والتطرف، الطائفية هي التطرف الذي يأخذ الإنسان الى الهاوية وهي التي تبتلع كل شيء، حتى صاحبها. نحن لا نريد لهذا البلد أن يؤكل من الداخل، نحن نريد وطنا يليق بأبنائه ويكون وطنا نهائيا للجميع. ليس الغريب أن نزور بعضنا البعض وأن يلتقي بعضنا بعضا، الغريب ألا نجتمع مع بعضنا البعض، الأساس هو أن نكون مجتمعين جميعا في بناء وطن يحتاجنا جميعا، لا يمكن أن نُقصي فئة أو نُبعد فئة أو نستثني فئة، أو أن يكون لفئة معينة امتيازات معينة، نحن نريد وطنا يتساوى فيه المواطنون في الحقوق والواجبات".

وقال: "من هنا، من هذه القرية المباركة تكريت، ومن هذه الدار المباركة دار آل العبد الله والأخ الأستاذ علي العبد الله نؤكد أننا نريد العيش الواحد في لبنان، ولن نتخلى عن عيشنا الواحد مهما عصفت من رياح، ومن هنا نؤكد أن لبنان سيبقى وطننا النهائي، لن نبحث عن وطن بديل مهما صعبت الحياة في هذا الوطن، سنحفظ هذا الوطن وسنحافظ عليه، سندافع عنه مهما غلت التضحيات لأن هذا الوطن يستحق التضحية، إنه وطن الآباء والأجداد، وسيكون وطن الأبناء والأحفاد".


المفتي زكريا

وكانت كلمةللمفتي زكريا، شكر فيها صاحب الدعوة  علي العبد الله على هذه الدعوة .وقال: وهذا ليس بغريب عليه وقد بادر سابقا بدعوة مشكورة لزيارة مدينة صيدا، في زيارة أيضا نصفها بالتاريخية تجولنا فيها على المفتين وعلى السادة المطارنة هناك، وما لمسنا في صيدا إلا كل الوحدة والمحبة والعيش الواحد. وقد تحدث اليوم مع الضيف العزيز سماحة الشيخ عن تجربة اللقاء الروحي. دور اللقاء الروحي الذي يتكلم به جميعنا من مفت أو مطران أو شيخ عقل أو شيخ طائفة هو تجسيد رسالة الإيمان، رسالة المحبة التي أصبحنا بحاجة اليها ، حين تحول العالم الى المادة ونسي الروح ونسي العلاقة مع الله جلّ وعلا. لذلك نحن دعاة حوار ودعاة أخوة ومحبة، نتمنى ولا نزال نرجو أن تنتهي هذه الفتن التي نراها وأن نتغلب على العدو الصهيوني الذي لا يمكن أن نقمعه ونردعه وندحره إلا بوحدتنا بإذن الله تعالى. هذا العدو الذي نرى ماذا يفعل في غزة من حرب إبادة وتجويع وماذا يفعل في بقية البلدان من استباحة الأراضي في جنوب لبنان وكل لبنان، واستباحة الأجواء وما فعله أخيرا في قصف الدوحة.. ولا نأسف أننا نرى ذلك منهم لأن هذا دأبه، لكننا نأسف أن يبقى هناك من لا يزال يثق بوعوده ومن لا يزال يعوّل على عقلانيته. التعويل هو على وحدتنا الإسلامية - الإسلامية والإسلامية - المسيحية والوحدة الوطنية التي تتحطم عندها كل هذه المؤامرات.

المطران منصور        

وتحدث المطران باسيليوس منصور، فأثنى على مبادرة صاحب الدعوة علي العبد الله، وقال: كما خبرناه خلال السنوات يعطينا فرحا بلقاء الأخوة الذين نحبهم وتأكدنا من محبتهم عبر سنوات طويلة. أنا هنا منذ 18 عاما وأنا أحوز على هذا الفرح بلقاء هؤلاء الأخوة وخاصة المشايخ والآباء في عكار ونحن الذين شكلنا المجلس أو اللقاء الروحي العكاري. كانوا في السابق يقولون إن الطائفية قتلت العالم وفرقت الناس، وأريد أن أسألكم هنا، هل هي الطائفية الدينية أم الأحزاب السياسية هي من قاتلت الناس؟ أنا لم أسمع منذ عام 1974 حتى اليوم أن أحدهم في عكار تلقى صفعة لأنه مسيحي أو مسلم؟ وهم لا ينتمون إلى طائفة الإيمان. نحن نشعر بالفرح هذه الأيام عندما نسمع عن مشروع تشييد جامعة أو مطار أو مستشفى عسكري، لكنني أشعر بالخوف أن تذهب هذه الوعود كما ذهبت وعود كثيرة أخرى. قلنا لرئيس الجامعة اللبنانية ولقائد الجيش، انطلقوا بمشروع الجامعة من المطرانية وبدون مقابل. وأنا كلي رجاء أن نعمل على تحقيق هذا الهدف لأنني أشعر بالخوف من أن ينسونا بعد عام أو عامين ويقولوا إن الظروف لم تكن مناسبة. لهذا أعلن أننا مستعدون بشكل فوري لتقديم أبنية لثلاثة كليات كي لا يتملص السياسيون من الوعود.

علي العبد الله

من جهته رحب علي العبد الله بالمفتي عبد الله وقال: إن وجودكم بيننا اليوم هو أكثر من زيارة، إنه رسالة وفاء وشراكة وعلاقات قوية، ورمز للوحدة الوطنية التي طالما نادينا بها جميعاً، وهو أيضاً تأكيد على أننا جسدٌ واحد، وأننا من عكار إلى جبل عامل شريكان في المعاناة، وشريكان في حبنا للبنان، وشريكان في الطموحات الوطنية وفي الإيمان بلبنان السيد الحر المستقل.  نحن نعيش اليوم في رحاب ذكرى جريمة تغييب الإمام موسى الصدر، ذكرى إمام الوطن الذي غاب جسده وبقي فكره حياً فينا. وللتاريخ، أود إخباركم أن الإمام الصدر زار دار آل العبد الله في العام 1973، حيث استقبله وجهاء بلدة تكريت وعكار ، في ذات العام الذي شهد أيضا زيارة مفتي الجمهورية الشهيد الشيخ حسن خالد، الذي كان معروفا بمواقفه الداعية للوحدة الوطنية، ومن أبرز المدافعين عن مبدأ الشراكة بين الطوائف في لبنان، ورفضه للعوامل المسببة للتفرقة الطائفية أو المذهبية. وشكلت دار آل العبد الله دائما الدار التي تجمع بين كل اللبنانيين، والتي تدعو باستمرار إلى وحدة الموقف والكلمة.

واضاف: إن هذه الأرض الطيبة التي تجسّد كل معاني الوحدة الوطنية تعاني من إهمال لم تعد كلمة "مزمن" تعبر عنه. إنه ليس إهمالاً، إنه إجحاف وظلم آنَ له أن ينتهي. لقد تم تغييب هذه المنطقة عن الخارطةالإنمائية، وحُرِمَت من أبسط المشاريع، من الطرقات والبنى التحتية إلى المستشفيات والوظائف العامة. وتشير تقارير دولية، مثل تقرير البنك الدولي، إلى أن معدل الفقر في عكار قد وصل إلى سبعين في المئة، وهو رقم صادم سيكون له انعكاسات هائلة ولن نسكت عنه أبداً. عكار التي قدمت خيرة أبنائها شهداء في صفوف المؤسسة العسكرية، ودفعت فاتورة باهظة من دماء شبابها، وعانت من هجرة أبنائها الذين اغتربوا بحثاً عن لقمة العيش بسبب الحرمان التاريخي، لم تكن يوماً شريكة في الإنماء، بل كانت دائماً تجد نفسها شريكة في الدَّيْن والأعباء والمصائب. فهل هذه شراكة؟ ما هذا الإجحاف؟ . إننا اليوم، ومع العهد الجديد، الذي يتمثل برئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، ورئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام، نأمل أن تكون هذه فرصة لتغيير هذا الواقع المؤلم بدعم من رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري. ونود هنا التوجه بالشكر إلى المؤسسة العسكرية على تقديمها للأرض التي سيُبنى عليها مجمع الجامعة اللبنانية والمستشفى العسكري في منطقة حلبا العكارية.

لقاءات

وكان المفتي عبد الله استهل زيارته من المجلس الإسلامي العلوي، حيث التقى رئيسه  الشيخ علي قدور الذي اعتبر الزيارات والتواصل واللقاءات عملا وطنيا يهدف إلى ترسيخ الوحدة الوطنية  السلاح الأمضى في مواجهة كل التحديات وتجاوز كل العقبات. وقال: رؤيتنا واضحة وواحدة لأننا ننظر بعين البصيرة وعين العقل والحكمة والوطنية. رسالتنا إلى جميع السياسيين أن يعملوا على تجاوز الخلافات والتعالي على الصغائر لنحقق الهدف الأسمى وهو السلم الأهلي والاستقرار الأمني والنمو والازدهار للبنان. العدو الإسرائيلي لن يتوقف عن الاعتداء سواء على لبنان أو على سوريا أو أي بلد عربي، هو عدو للإنسانية. وأهمية السلاح هي في الدفاع عن لبنان، وهذه قضية كبرى والكلام عن الاستراتيجية الدفاعية، نتركه لأصحاب الاختصاص، ولكن نحن نرفض رفضا كليا أن يكون هناك نزع لسلاح المقاومة بينما العدو الإسرائيلي يجثم على صدرونا في جنوب لبنان.      

وقال المفتي عبد الله،بعد اللقاء: هذه الدار، هي دار لكل اللبنانيين. اليوم نحن في هذه المنطقة نعكس التقارب بين شمال لبنان وجنوبه وبين شرقه وغربه. الرؤية الوطنية هي التي تجمعنا وإن شاء الله تعالى سنكملها من خلال زيارة سماحة الشيخ لصور وجبل عامل ويكون اللقاء والحفاوة لنعكس هذا التقارب. نحن نريد خطابا معتدلا هادئا يؤسس لحوار وطني، الحوار هو المخرج الوحيد لكل الازمات، والوحدة الوطنية هي القدرة الوحيدة لمواجهة كل الصعوبات".

بعد ذلك، انتقل المفتي عبد الله برفقة علي العبد الله إلى دار الإفتاء في عكار حيث التقى المفتي عكار الشيخ زيد محمد بكار زكريا الذي رحب بالمفتي عبد الله  وقال: "نسأل الله الإعانة وإياكم أن نبقى صوت العقل وصوت الحكمة وصوت الاعتدال وأيضا صوت الأمن والأمان ،لأن هناك من يراهن دائما على التشرذم والتفكك والحرب الأهلية والفتنة الداخلية والمذهبية والطائفية، لكن إن شاء الله تبقى أصوات أهل العقل والإيمان. ومن خلال وحدتنا الإسلامية والوحدة الوطنية ان شاء الله ، تتحطم كل مخططات الصهاينة عند صخرة وحدتنا وتلاقينا. إن ما يجري في غزة هو مدرسة عظيمة للأمة من أجل أن تعرف حقيقة هذا العدو، الذي كان البعض يتأمل أو يرجو منه خيرا أو ينخدع بشعاراته من حرية وديمقراطية وشعارات يتغنى بها، لكن نحن نقول هذا ليس بغريب على قتلة الأنبياء كما نقرأ في القرآن. لذلك نحن فعلا ندرك أن عدونا الأوحد والأساس هو هذا العدو الصهيوني.

وشكر المفتي عبد الله من جهته المفتي زكريا على الاستقبال، وقال: "انصدم الناس لأن الإسرائيلي مارس جرماً على الدوحة، لكن هذه هي الهوية الحقيقية لإسرائيل، الهوية التي تحمل الإجرام ، والإجرام المنظم الذي يمارسه الكيان الإسرائيلي. هذا الأمر يستدعي تضامنا على المستوى العربي، وإذا لم يكن هناك تضامن عربي،  فإن إسرائيل سترتكب كل يوم جريمة مماثلة.


يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

18 أيلول 2025 08:03