اختتم البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي أنشطة حديقة البطاركة الديمان لصيف 2025، وحضر احتفالاً نظمته رابطة قنوبين للرسالة والتراث وجماعة دير مار اسطفان الأنطونيات، بارك خلاله واحات تذكارية لمجموعة أعلام ووجوه من الوادي المقدّس، ودشّن مركز الاستقبال العصري المجهّز في الموقع " بوّابة قنوبين".
شارك في الاحتفال، النائب جورج عطالله، والنائب وليام طوق الذي أقام الواحات التذكارية، المطران جوزيف نفاع، نوفل الشدراوي الذي أقام مركز الاستقبال، رئيس الديوان في كرسي الديمان الخوري خليل عرب، الوكيل البطريركي في الديمان الخوري طوني الأغا، أمين سر البطريرك الخوري كميليو وفاعليات.
الواحات التذكارية: بداية كانت إزاحة الستارة عن اللوحة التذكارية للواحات المنجزة، ثم صلاة تبريك الواحات للمطرانين فيليب شبيعة وفرنسيس البيسري والخوري يواكيم مبارك والشاعر أنطوان مالك طوق والأديب وهيب كيروز والمحسن رشيد عريضة، شقيق البطريرك أنطون عريضة، الذين رفعت صورهم محفورةً على خشب الأرز داخل بيت الذاكرة والأعلام، كما رفعت صورة الخوري حنا لحود ، خادم رعية وادي قنوبين بين العامين 1932 و 1977 . وقد أقيمت هذه الواحات بمبادرة رابطة قنوبين بدعم النائب وليام طوق. وأقيمت واحة المربّية أميرة البزعوني الحلو بمبادرة لجنة وقف رعية الديمان وأصدقائها.
مركز الاستقبال: بعد ذلك جال الراعي والحضور في بيت الذاكرة والأعلام حيث رفعت صور أصحاب الواحات التذكارية، ومنه الى مركز الاستقبال الجديد " بوّابة قنوبين" حيث أزاح الستارة عن اللوحة التذكارية وقصّ الشريط التقليدي، ودخل الى المركز، مع المشاركين، حيث شغّل التطبيق الالكتروني للمركز، الذي يتيح للزوار الاطلاع، بالكلمة والصورة، على انشاءات حديقة البطاركة ومعالمها ومرافق الخدمات فيها، الى معالم الوادي المقدّس والجوار عبر شاشة كبيرة مخصّصة لهذه الغاية.
أهداف المركز: وشرح أمين النشر والاعلام في رابطة قنوبين الزميل جورج عرب، أهداف المركز وآليات تشغيله "كأول مركز استقبال عصري للوادي المقدّس، وقد أقامه رئيس رابطة قنوبين نوفل الشدراوي في سياق التزامه ودعمه المزمنين لتحقيق مشروع المسح الثقافي الشامل لتراث الوادي".
وقال: "يتزود الزوار أوقل حجاج الوادي من هذا المركز بالمطبوعات الارشادية، وخرائط دروب المشاة، والمعالم الأساسية الدينية والطبيعية، وبأسماء الادلاء السياحيين والنواطير وأرقام هواتفهم، وبلوازم الطوارئ الطبيّة، ويشرك سائر الأبرشيات المارونية بخدماته، من خلال تزويدنا بمعالم الحج الديني والسياحي القائمة في كلٍ منها".
أضاف: "ان صورة الوادي تشرق من مداخله أولاً، وهي صورتنا، صورة هويتنا الفريدة، وصورة تراثنا الفريد، فصورة المدخل المشوّهة هي تشويه لكل الصور الأخرى. لذلك كان القرار بإتقان صورة هذا المركز المدخل لتحاكي فرادة صور قائمة في المساحات التي تليه في هذه الحديقة ومنها إلى عمق الوادي. فجاء ظاهرة معتّقاً مثقلاً بعرق وتعب الأوائل الذين صنعوا تراث الوادي للتراث العالمي، واستمروا، بصلابة الصخر والحجر، في تأدية شهادة الحياة المعيوشة في كنف البطريركية المارونية، الأم الحاضنة والمعلمة الهادية، ترجمة لدعوتهم الانجيلية. وجاء داخله مجهزاً بمعطيات الحداثة العلمية لتأدية خدماته بأفضل الشروط. ليت المعنيين عندنا بملف الوادي يعتمدون هذا التوفيق العلمي بين تقليد التراث الموروث وبين معطيات الحداثة، فيحافظون على خصوصية الموقع والحجر ويقرّون بحقوق أهله البشر".
وحيّا البطريرك الراعي قائلاً:" منذ سنة 2011، ولا زلتم تعلون مداميك البناء القنوبيني الروحي والثقافي والعمراني، مؤكدين أنّ الأولوية للبشر مع المحافظة على الحجر".
وكانت كلمة للأخت الخوند تناولت فيها "الأبعاد الروحية والرعوية والتنموية لرسالة الراهبات الأنطونيات في موقع حديقة البطاركة، من خلال تعزيز الحياة والأنشطة الروحية في نطاق كنيسة مار اسطفان القائمة في الموقع، والعناية بالمسنين والأطفال والاهتمام بشؤون المرأة الريفية، وتشغيل المشغل الحرفي بتقطير الأعشاب الطبيّة والعطرية التي تزرع في الواحات التذكارية وغيرها. وهذه الرسالة تتم في كنف البطريركية بتعاون أخوي صادق مع رابطة قنوبين للرسالة والتراث كفيل بتطوير الموقع وتعزيز خدماته المتعدّدة".
وشكرت للنائب طوق "إقامته الواحات التذكارية، والشدراوي لإقامته مركز الاستقبال الجديد".
طوق: اما طوق فقال: "أتكلّم بلغة القلب البسيطة، وفي هذا المكان المبارك يجب أن نعتمد أكثر هذه اللغة، لغة المحبّة والأخوّة والتعاون. ان لبنان لا يحتاج إلّا لهذه اللغة، وكذلك مجتمعنا المسيحي. لقد تعب الجميع من لغة الحرب والحقد والأنانية والتسلّط وقد بتنا محتاجين أكثر لنسترجع لغتنا الأصلية الأصيلة، لغة قنوبين التي تبني وتجمع وتوحّد وترسّخ الناس في الأرض ولا تهجّرهم من الوادي أو من الجبل. لقد ساءت أحوالنا منذ تركنا هذه اللغة ، إنني أدعوا الجميع العودة اليها ، لعيش هذا التراث العظيم الذي بناه البطاركة وشعب قنوبين، وهؤلاء بنوا مجد لبنان قبل أن يعطى لهم ".
أضاف: "إن الأعمال الثقافية والعمرانية التي تتحقق في حديقة البطاركة هي شكلٌ من أشكال استعادة لغة قنوبين، كما هي ترجمةٌ لصوت ولغة كنيستنا بشخص راعيها البطريرك الكردينال الراعي. وما قمنا به بالتعاون مع رابطة قنوبين للرسالة والتراث والراهبات الأنطونيات يندرج في هذا الاطار، وسوف نكمله وفاءً لوجوه وأعلام آخرين من بشري وكل الوادي المقدّس".
وختم شاكراً "عناية البطريرك الراعي ورابطة قنوبين والراهبات الأنطونيات لأنهم أعطونا فرصة القيام بواجب الوفاء لأعلام، علّمونا وتركوا لنا لغة الحق والخير والجمال النابعة من قنوبين".
بعد ذلك شكر المهندس جو شبيعة، باسم أصحاب الواحات التذكارية، هذه المبادرة ببركة البطريرك الراعي واهتمام رابطة قنوبين ودعم النائب وليام طوق. وأشار الى مشروع مؤسسة المطران فيليب شبيعة لإقامة مركز العناية بذوي الحاجات الخاصة.
الراعي: من جهته قال الراعي: "عودّتنا رابطة قنوبين للرسالة والتراث ألا تختتم نشاطاتها ومبادراتها المتعلقة بتراث الوادي المقدس، فكيف وقد باتت للراهبات الأنطونيات جماعة هنا في دير مار اسطفان تتعاون مع الرابطة في إدارة هذا الموقع وتطویره، فالامکانیات تضاعفت، والمبادرات والنشاطات؟ وكلها حركة روحية ثقافية ناهضة متصلة بالوادي المقدس، أبرز معالم تراثنا الروحي والوطني".
واشار الى ان "تاريخ هذا الوادي هو مدرسة تتعلّم منها الأجيال الدروس والعبر، وما المبادرات التي نتحدّث عنها سوى سعي دؤوب لتعزيز فرص تعليم أجيالنا الطالعة حقائق وثوابت تاريخهم. لقد صنع البطاركة وشعب قنوبين هذا التاريخ، وعاشوا حياة فريدة قوامها الإيمان والفقر والتقشف ومحبة الأرض وسواها من الفضائل والقيم، تاركين لنا هذا التراث الكبير الذي نتغنّى به، ونتعلّم منه. ان الأعمال الثقافية والمبادرات العمرانية التي نشهدها في موقع حديقة البطاركة هي الاطار العملّي لنشر تراث قنوبين تياراً روحياً ثقافياً في حياتنا المعاصرة، نواجه به كل التحديات والتحولات التي نعيشها".
تابع: "لقد باركنا الليلة ودشنّا مبادرتین مقدّرتين، الأولى تبريك الواحات التذكارية لوجوه وأعلام من الوادي المقدس، من بشري، من كفرصغاب، من قنات ومن الديمان، ان كل أصحاب هذه الواحات عرفوا حقيقة تراث الوادي المقدس، وأسهموا في إغنائه كل من موقعه. لقد انطبعت حياتهم كلهم بروحانية قنوبين، روحانية الخدمة والمحبة والإيمان بالله والولاء للبنان. ومبادرة رابطة قنوبين لإحياء ذكراهم بدعم نائبنا العزيز وليام طوق، مشكوراً، تندرج في السياق نفسه من إدراك أهمية قنوبين في حياتنا. أما إقامة مركز الاستقبال العصري، الذي دشناه، فهو علامة وعي عميق لأهمية الحج الديني، ولأهمية تعريف العالم بكنوز تراثنا الثمين، وبفرادة الحياة التي عاشها أبناء قنوبين مع آباء كنيستهم، وكانت في أساس تصنيف الوادي منظراً ثقافياً في لائحة التراث العالمي. إننا واثقون ان هذا المركز يسد حاجة أساسية، وسوف يؤدي وظيفته بصورة فاعلة مستدامة، شكراً لهذه المبادرة لرابطة قنوبين وتهانينا لرئيس الرابطة عزيزنا نوفل الشدراوي، الذي تبرع بإقامة هذا المركز".
وأضاف: "إن هاتين المبادرتين وسواهما تعززان اعادة الحياة الروحية والرعوية الى وادي قنوبين، الرعية المارونية الصامدة في الأعماق وسط ظروف حياتية صعبة وقاسية. إننا نجدّد دعوتنا الى دعم مسيرة التجدد هذه في وادي قنوبين، وبدأنا نرى بشائرها المشجعة، ونأمل استكمالها".
وختم: "شکراً مجدداً لكل جهودكم التي تبرز أمانتنا لهويتنا ودورنا ورسالتنا، ونسأل الله، بشفاعة سيدة قنوبين سهره المتواصل على مسيرتنا هذه، وأن يغمر جميع العاملين فيها بفيض النعم والبركات".
بعد ذلك شارك رئيس وأعضاء مجلس أمناء رابطة قنوبين في صلاة المساء في الكرسي البطريركي، ثم كان لهم لقاء مع البطريرك الراعي.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.