برعاية الكاتبة الدكتورة مهى جرجور وحضورها ، وتحت عنوان "حيث تشرق الكلمات " أطلقت ثانوية السفير 12 قصّة مصورة من نتاج إبداعات أساتذتها وطلابها موجّهة إلى الأطفال، الصادرة عن نادي الكتابة في الثانوية، في مبادرة تبنتها "دار البنان".
في حفل إطلاق القصص الـ12 ضمن فعاليات معرض الكتاب والألعاب الفكرية الذي تنظمه الثانوية، تألقت "السفير" منجم إبداع لا ينضب، مكتشفه مدير لا يكتفي باستخراج ماساته من خامات مواهب طلاب وتراكم خبرات أساتذة وتجاربهم، بل يسهر على صقل الأولى واحتضان الثانية ورعايتها كحرفيّ ماهر وبميزان جوهرجي عتيق، وعلى تقديمهم بخصائص الماس الأربع "اللون علمًا وثقافةً، والنقاء روحًا وفكرًا، والقامة قيمةً إنسانية وأدبية والوزن حضورًا وتأثيرًا، ما يجعل نتاجهم كتبًا ومؤلفات، قصصًا وحكايات، متماسكة المبنى، محبوكة المعنى، واضحة الرسالة والمغزى، تلتمع بريقًا وتوهجًا يخطف الضوء ويكسره ليعكسه فائدةً وقيمًا ومعرفةً ومصدر إلهام على كل من يقرأها، انبهارًا بتصاميمها وصورها وألوانها وانصهارًا بمضمونها .
فقيه
استهل الحفل بالنّشيد الوطني ونشيد "السّفير"، وتقديم من الدّكتورة رقيّة فقيه اعتبرت فيه أن" الكتابة سحر آسر"، وأنها "انطلاقة الحرف من العقل والقلب معًا، لينساب مع مداد أقلامنا إلى أغوار الذّات، فتستعيد الحروف حياتها على أوراق دفاترنا المنسيّة، ويتحوّل الحبر أسرابًا من المعرفة". وقالت: " الخيال ملهم كتّابنا. وكتّابنا يجمعون بين المألوف وغير المألوف، فيجعلون الطّبيعة إكسير حياة، والقلم سحرًا، والبيوت ابتسامة، والممحاة ذكيّة، والكوابيس وهمًا، واليد خضراء، والهدهد طبيبًا، والعصفور رشيقًا، ويعبّرون بحبّ عن شغف الزّهرة، فشكرًا شاما، شكرًا لكلّ من أنار صرحنا هذا".
روماني
بعد ذلك، جرى عرض فيديو عن القصص الاثنتي عشرة ومؤلفيها، وفيديو تعريف براعية الاحتفال الدكتورة مهى جرجور، ثم كانت كلمة لمسؤولة نادي الكتابة الأستاذة جوانا روماني قالت فيها إن" الكتابة ليسَتْ حرفةً عابرة، ولا ترفًا يُمارَسُ على هامشِ الحياة، بل هي في جوهرِها فعلُ وجود. أن تكتب يعني أنْ تقول: أنا هنا، حاضرٌ بكلّيتي، أستنطقُ العالم، وأنقشُ أثرَ روحي على جِدارِ الزّمن. في الكتابةِ ، نولدُ من جديدٍ مع كلِّ نصّ، نكسرُ صمتَ العدمِ ونمنحُ اللّغةَ لذّةَ الاكتشاف.الكتابةُ فرحٌ مقيم، وإن اتكأَتْ أحيانًا على الألم. في الكتابة الحقيقيّة، لا نسجنُ أنفسَنا في القوالب، بل نحطّمُها لنُعيدَ بناءَ الحياةِ وفقَ رؤيتِنا، وحُلمِنا، وجرأتِنا.الكتابةُ نقيض العزلة، إنّها انخراطٌ في المجتمع. هي خيطٌ يشدُّنا إلى الآخرين، نكتبُ كي نُرى ونَرى، ونُفهَم، ونَفهم، ونتقاسمَ السّؤالَ والرّجاء.الكتابةُ بكلِّ المعاني هي فعلُ حبّ، وفعلُ نضالٍ، وفعلُ خلق، وفعلُ ثباتٍ في الوجود".
كلمة المؤلفين
وألقت كلمة المؤلّفين الأستاذة فاتن رمضان ، قالت :" في أعماقٍ مختلفة من باطن الأرض، قالت ذرّةٌ صغيرةٌ لصديقتها الذّرّة الثانية: كم أنت صلبة ونقيّة، تتلألئين حتى في ظلمة الأعماق. أما أنا فسوداء قاتمة متشقّقة... تنهّدت الذرّة الثانية قائلة: في أعماق بعيدة، حيث لا يصل نور الشّمس، ضغطتني الصخور من كل صوب، فوجدت نفسي أعيد ترتيب ذاتي بشكل بلّوري دقيق. بعدها، خرجت إلى النّور لأوّل مرّة في حياتي. حزنت الذرّة الأولى على ما هي عليه، فسارعت صديقتها قائلةً: نعم، قد نبدو متضادتين في كلّ شيء لكن سأخبرك سرًّا ، كلتانا مكوّنة من العنصر نفسه، الكربون. ضحكت الذرّة الأولى وفي سخرية ردّت : إذًا ما الذي يجعلنا مختلفتين ؟ ليست المادة وحدها من تصنع القيمة يا عزيزتي ؛ بل ما نتعرّض له من عوامل مؤثّرة أيضًا: رعاية أم إهمال ؟ تشجيع أم تحطيم ؟ من يحيط بنا؟ من يمنحنا الفرص؟ بماذا نحتضن ؟ هل نوضع في تحدّيات تصقلنا أم نبقى في راحة تخمد فينا الشغف ؟ إنّها البيئة الحاضنة يا عزيزتي ! هي الّتي جعلت مني ألماسًا وجعلت منك فحمًا. ثانويّة السّفير هي كباطن الأرض تخطط. هي البيئة الحاضنة التي تُخرج منا أبهى ما فينا! معًا نطلق اليوم ، قصصًا كالألماس، خرجت من أعماق القلب بكلمات مُشرقةٍ، بعد أن وجدت من آمن بها".
ناصر الدين
وبعد عرض فيديو للمؤلفين بعنوان "لحظات للتعبير"، ألقى مدير ثانوية "السفير" الدكتور سلطان ناصر الدّين كلمة قال فيها: " في هذا اليوم لا نحتفل بصدور كتب فحسب، بل نحتفل بجرأة الكلمة حين تخرج من القلب، وبقوّة الحِبر حين يعبّر، نحن الّذين ما زلنا نؤمن أنّ القصّة تربّى وتغيّر وتُلهم. نحتفل بصدور مجموعة من الكتب برعاية كاتبة أصيلة الأستاذة الدّكتورة مهى جرجور.اثنتا عشرة قصّة هي اثنتا عشرة نافذة تطلّ على عوالم مختلفة، كتبها أساتذة وطلّاب من ثانويّة السّفير، هي مزيج من النّضج والحلم، من التّجربة والدّهشة ، من الحرف الصّاعد والحكمة الرّاسخة. ما بين دفّتي كلّ قصّة روح نبضت في أصابع أساتذة وطلّاب لتقول إنّ الكلمة قوّة جميلة في وجه العابر والعقيم .تعاونَ الفكر والتّعبير ، وانفتح الصّفّ على الخيال ، فصارت الكتابة فعلًا تربويًّا لا حصّةً خارج المقرّر. ثانويّة السّفير تؤمن بأنّ الأدب ليس تَرَفًا ، بل طريق وعي. هو وعي بأنفسنا وبالآخر وبالعالم. ثانويّة السّفير تؤمن بأنّ الأدب هو المِساحة الّتي نجرؤ فيها على السّؤال، ونحلم فيها بما هو أجمل . دار البنان التقطت الحلم، وآمنت بأنّ صوت الشّباب يستحقّ أن يُطبَع ، فاحتضنته حتّى صار كتابًا. هذه القصص ليست ختامًا، بل بداية. لكلّ قصّة امتداد، ولكلّ كاتب نَفَسٌ آتٍ، ولنا موعد مع مجموعة أخرى من الكتّاب أساتذةً وطلّابًا. رعاية الموهوبين مسؤوليّة . مسؤوليّتنا أن نستمرّ، أن نكتب، أن نحرس بذور المعنى".
جرجور
وتحدثت راعية الاحتفال، الكاتبة الدكتورة مهى جرجور فأعربت عن اعتزازها بوجودها في "هذا الصرح التربويّ الكبير الذي بنى لنفسه موقعًا مهمًّا في عالم التميّز على المستويين العلمي والإداري، في ثانوية يعمل مديرها الدكتور سلطان ناصر الدين والقيّمون عليها دومًا من أجل الريادة في عوالم التربية والتعليم الحديثة". وقالت:"يسعدني أن أكون راعية للنشاط الموسوم بـ "حيث تشرق الكلمات". هذه المبادرة رائدة بفكرتها مثال عن توجّه تربوي حيّ يبني الحياة ويشكلها بألوان زاهية، وآمال عريضة. من الأطفال تنطلق، وحولهم تتمحور، وإليهم تتوجّه. تتّخذ من السرد مجالها، ومن الخيال مطيّتها، ومن التعاون والتكامل وسيلة لضمان ديمومتها وفاعليتها. ونحن في عالمنا العربي، في أشدّ الحاجة إلى مبادرات مماثلة متكاملة، تشجع على الكتابة وتدعم الموهوبين وتوجّه وترعى وتنشر وتمنح الأقلام الواعدة فرصة للتميّز والانطلاق".
وأضافت:" بالكتابة نعيد تشكيل العالم على طريقتنا. والكتابة للأطفال هي جزء أساسي في عملية التشكيل هذه، لكنها تستدعي خيالاً خاصًّا، ومفردات خاصة، ووعيًا خاصًّا لأننا نتعامل مع براعم لها خصائصها ونقاط قوتها وضعفها، لها أحلامها ومنطقها ورؤيتها إلى دقائق الأشياء وعظائمها. فجميل جدًّا أن نلتقي اليوم في حفل إطلاق هذه القصص التي تبني الجسور بين الأجيال، وترسّخ القيم الإنسانية، بأساليب شائقة وممتعة. وجميل جدًّا أن تكون هذه القصص التي خطّتها أنامل مبدعي نادي الكتابة في ثانوية السفير، بهذه الرؤية التربوية هي الجامع بيننا والمرجع والملتقى".
بعد ذلك، قامت راعية الاحتفال الدكتورة جرجور بتسليم النسخ الأولى من القصص الـ12 لمؤلفيها أساتذةً وطلابًا، وهي: ضياء الدين والقلم السحري" لـ"سلطان ناصر الدين"، أنا أحبك يا سما لـ" فاتن رمضان" ، الهدهد الطبيب لـ"حسن عنيسي" ، العصفور الرشيق لـ"آمنة علوش"، شغف والزهرة الفضية لـ"حسن خازم" ، شكرًا شامة لـ"غادة ناصر الدين"، الطبيعة إكسير الحياة لـ"جسّي ماجد"، والبيوت تضحك لـ"فاطمة عيسى"، سر سعادتي لـ" زهراء ناصر الدين"، رامي والممحاة الذكية لـ"كارين خليفة" ، وداعًا للكوابيس لـ"نور أبو الحسن "، اليد الخضراء لـ"حسين تقي ".
وفي الختام، قدم الدكتور ناصر الدين هدية تكريمية للدّكتورة جرجور عربونَ حبٍّ وتقديرٍ. وتلا ذلك جولة للحضور في معرض الكتاب والألعاب الفكرية في الثانوية.
رأفت نعيم
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.