10 أيلول 2020 | 07:50

أخبار لبنان

‏"النهار": اشتباك العقوبات يُهدّد بتجميد تشكيل الحكومة

‏

كتبت صحيفة "النهار" تقول: هل تنجو محاولات الفصل بين الولادة الحكومية وتداعيات المعركة ‏المتفجرة حول ملف العقوبات الأميركية في إنقاذ "مشروع حكومة الرئيس مصطفى أديب" من ‏ان يدفع الثمن الباهظ لهذا الاشتباك الذي اخترق استحقاق تشكيل الحكومة العتيدة ؟

لقد رسمت التداعيات الحادة خصوصا في البيئة السياسية وحتى الدينية للثنائي الشيعي التي اثارها ‏قرار وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف ‏فنيانوس مخاوف جدية لدى الدافعين نحو انضاج التشكيلة الحكومية الجديدة التي كان يعمل ‏الرئيس المكلف مصطفى أديب على إنجازها قبل نهاية الأسبوع الحالي. واستندت هذه المخاوف ‏الى توقيت قرار العقوبات في عز اقتراب العد العكسي لانجاز التشكيلة الحكومية ضمن مهلة ‏الأسبوعين المتوافق عليها لبنانيا وفرنسيا خشية ان يربط الثنائي الشيعي ومعه قوى حليفة ‏العقوبات بما اعتبروه تشديدا للحصار الأميركي على "حزب الله" وحلفائه في لحظة انفتاح بين ‏الحزب وفرنسا على خلفية الرعاية الفرنسية للواقع اللبناني في ظل زيارتي الرئيس الفرنسي ‏ايمانويل ماكرون للبنان. ومع ان معظم المؤشرات تؤكد ما أوردته "النهار" امس من تنسيق ‏وتكامل بين الدور الفرنسي المرن والتشدد الأميركي، يبدو ان المعطيات الطارئة أدت الى فرملة ‏عملية تشكيل الحكومة بالحد الأدنى ان لم تتجاوز الأمور التجميد الى احتمالات التعطيل والعرقلة‎.‎

ذلك ان المعلومات المتوافرة ليل امس اشارت الى ان عملية التأليف دخلت حالة من الجمود بعدما ‏كانت المعطيات تشير الى ان الرئيس المكلّف سيحمل الى بعبدا بين اليوم وغد تشكيلته الحكومية ‏الجاهزة بالحقائب والاسماء من اربعة عشر وزيراً من اختصاصيين مستقلين بتسهيل من كل ‏القوى السياسية وفق ما اتفقت عليه مع الرئاسة الفرنسية‎.‎

وعلم ان الرئيس المكلّف وحرصاً على عدم استفزاز الثنائي الشيعي بعد القرار الاميركي، ولئلا ‏يفسر اي قرار سيتخذه بالتسميات الجاهزة وفق ما يراه هو مناسبا وتحديداً في اختياره الوزير ‏الذي سيشغل حقيبة المال، اتخذ القرار بالتريث في حمل تشكيلته الى بعبدا‎.‎

وهذا يعني انه مصر على ألا يسمي اي طرف وزراءه بمن فيهم وزير المال الذي يصر رئيس ‏مجلس النواب نبيه بري على تسميته. ونقل عن بري امام زواره امس ان البحث لم يصل بعد الى ‏من يسمي الوزير الشيعي في المال وهو سيكون مرناً باقتراحه الاسم للرئيس المكلّف ولديه في ‏جعبته اسماء كثيرة من غير حزبيين واختصاصيين، وسيبقى يعرض الاسم تلو الآخر حتى ‏يرضى الرئيس المكلّف بأحدها، مشيراً الى ان الجميع يريد تسهيل ولادة الحكومة لأن لدينا ستة ‏اشهر صعبة‎.‎

وكانت المعطيات في قصر بعبدا تشير الى ان التشكيلة الحكومية وصلت الى اسقاط الاسماء على ‏الحقائب في الاجتماع المرتقب عقده قبل نهاية الاسبوع، انطلاقاً من رغبة بالتعجيل كي لا تدخل ‏في التعقيدات‎.‎

وحرصت كل القوى الداعمة للحكومة على الاعلان انها تريد التسهيل ولا شروط لها لا في ‏حقيبة ولا بتسمية تاركة موقفها الى حين الاطلاع على الاسماء ومعرفة ما اذا كانت استفزازية او ‏مقبولة‎.‎

وانقسمت الاراء بين من اعتبر قرار العقوبات الاميركية عصا عرقلة في عجلة المبادرة ‏الفرنسية، وبين من اعتبره مساعداً لها بإبعاد تأثير الثنائي الشيعي عن الحكومة المقبلة وحركة ‏‏"أمل" عن وزارة المال. لذلك رأى فيه فريق الثامن من اذار "قراراً سياسيا للي ذراع المقاومة ‏والهدف منه ترهيب كل من يدور في فلك الثنائي الشيعي، ومع مثل هذا الضغط لن تكون هناك ‏حكومة جديدة وقد يعود الخيار الى حكومة مواجهة، اي اعادة تعويم حكومة تصريف الاعمال‎".‎

وقالت مصادر متابعة انه رغم الحرص على تسهيل المبادرة الفرنسية والتمسك بانجاحها، الا ان ‏الرئيس بري لن يتراجع بعد الآن عن تولي التسمية في وزارة المال، و"حزب الله" لن يكون الا ‏الى جانبه وتالياً لن يكون بوسع رئيس الجمهورية السير بحكومة يضع الثنائي الشيعي نفسه ‏خارجها، مما يعني عودة ملف الحكومة الى النقطة الصفر‎.‎

ترسيم الحدود

وكانت ردود الفعل على العقوبات الأميركية اتسمت باستنفار واسع لدى الثنائي الشيعي والمجلس ‏الإسلامي الشيعي. ولعل ابرز الردود جاء عبر البيان الذي أصدرته هيئة الرئاسة في حركة "امل ‏‏" الذي لم يستغرق في تفاصيل الاتهامات التي وجهت الى الوزير السابق علي حسن خليل، بل ‏كان لافتا انه ركز على ملف ترسيم الحدود البحرية في الجنوب كما لو انه ربط قرار العقوبات ‏بموقف رئيس مجلس النواب نبيه بري وفريقه من الترسيم. وقال البيان ان قرار العقوبات "لن ‏يغير قناعاتنا وثوابتنا ..ان حدودنا وحقوقنا السيادية في البحر والبر نريدها كاملة ولن نتنازل ‏عنها او نساوم عليها مهما بلغت العقوبات والضغوط من أي جهة أتت". وكشف البيان ان اتفاق ‏ترسيم الحدود البحرية في الجنوب "اكتمل مع الولايات المتحدة ووافقت عليه في تاريخ 9 تموز ‏‏2020 وحتى الان ترفض توقيت إعلانه دون مبرر". وفيما اعتبرت "امل" استهداف علي حسن ‏خليل "استهدافا للبنان وسيادته وللخط والتنظيم الذي ينتمي اليه" اعتبر "حزب الله" القرار "وسام ‏شرف للصديقين العزيزين ولكل من تتهمه الإدارة الأميركية بانه مقاوم او داعم للمقاومة". ‏ووصف الإدارة الأميركية بانها "سلطة إرهابية "مشددا على ان سياسة العقوبات "لن تتمكن من ‏تحقيق أهدافها في لبنان". كما ان المجلس الشيعي الأعلى اعتبر القرار "جائرا ويمس السيادة ‏اللبنانية" ووصفه "بالقرار الصهيوني‎".‎

واعتبر رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية القرار بحق يوسف فنيانوس " اقتصاصا من موقفه ‏وقناعته ولن يزيدنا الا تمسكا بخطنا ونهجنا". واعلن مساء ان رئيس الجمهورية العماد ميشال ‏عون طلب من وزير الخارجية الاتصال بالسفارة الأميركية في بيروت والسفارة اللبنانية في ‏واشنطن للاطلاع على الظروف التي أملت قرار فرض العقوبات الأميركية على خليل وفنيانوس ‏‏"ليبنى على الشيء مقتضاه‎ ".‎

وفيما ترددت معلومات عن دفعة جديدة من العقوبات على شخصيات لبنانية ستصدر قريبا أكدت ‏وزارة الخارجية الأميركية امس عزم واشنطن على محاسبة السياسيين اللبنانيين على فسادهم ‏مشددة على تحقيق مطالب الشعب اللبناني وأكدت "اننا نريد حكومة في لبنان شفافة ونزيهة ‏وندرس فرض عقوبات إضافية على داعمي حزب الله‎ ".‎


النهار

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

10 أيلول 2020 07:50