26 آب 2020 | 07:49

أخبار لبنان

الحريري ينهي "ابتزاز" عون: إلتزم الدستور

بهجمة مرتدة سريعة "قَوْطَب" فيها على الخطة العونية الهادفة إلى إحراجه وإخراجه من ملعب ‏الاستشارات بنتيجة نيابية هزيلة، أعاد سعد الحريري تسديد كرة التعطيل في شباك العهد مجهضاً ‏محاولات التسلل من وراء خطوط الدفاع السنّية باتجاه السراي خارج مربع الأطر الدستورية ‏المرسومة لعملية تشكيل الحكومات. ‏

فبينما مؤشرات البلد تنذر جميعها بانهيار شامل وشيك، اقتصادياً ومالياً واجتماعياً وكورونياً، مع ‏إعلان حاكم المصرف المركزي بدء العد العكسي لوقف الدعم عن السلع الأساسية، وتسجيل ‏ارتفاع قياسي بمعدل الوفيات اليومية جراء الوباء بلغ 12 شخصاً أمس، كان رئيس الجمهورية ‏ميشال عون منهمكاً في إعداد العدة وشحذ "المقصلة" لإقصاء الحريري عن الرئاسة الثالثة، غير ‏أنّ الأخير عاجله ببيان أنهى "بازار الابتزاز" العوني المفتوح على استنزاف الوقت والفرص ‏بإعلانه جهاراً عدم الترشح لرئاسة الحكومة الجديدة، ليعيد بذلك التصويب على وجوب أن يلتزم ‏عون الدستور "والإقلاع نهائياً عن بدعة التأليف قبل التكليف"، باعتبار "المدخل الوحيد" لتشكيل ‏الحكومة هو "احترام رئيس الجمهورية للدستور ودعوته فوراً لاستشارات نيابية ملزمة عملاً ‏بالمادة 53".‏

‎بمعنى آخر، قلب الحريري طاولة المعادلات في وجه عون ورئيس "التيار الوطني الحر" جبران ‏باسيل وقال لهما: "إنقعوا الحكومة واشربوا ميّتها"، حسبما قرأت مصادر سياسية بين سطور ‏بيانه، موضحةً لـ"نداء الوطن" أنّ الحريري "كان ولا يزال يرفض الغرق في وحول الفشل ‏العوني ليعيد العهد تعويم نفسه على أي حكومة جديدة يرأسها، فهو إذا كان بحكم حجمه النيابي ‏وموقعه السنّي مرشحاً بديهياً لتولي رئاسة الحكومة، لكنه لم يكن طارحاً نفسه مرشحاً بالأساس، ‏ولولا الزجّ السياسي والإعلامي المتعمّد لإسمه في بازار المفاوضات وتعطيل الاستشارات لما ‏كان مضطراً لإصدار بيان يعلن فيه عدم ترشحه صراحةً". وعليه، ترى المصادر أنّ واقعة ‏إعلان عدم الترشح لم تشكل أي عنصر مفاجئ في بيان الحريري، إنما الأبرز فيه هو ما تمحور ‏حول تحميل العهد و"التيار الوطني الحر" تحديداً مسؤولية مباشرة عن إضاعة "فرصة الاهتمام ‏الدولي بلبنان وتفويت إمكانية الاستفادة من زخم المبادرة الفرنسية لإعادة بناء بيروت وتحقيق ‏الإصلاحات وفك عزلة البلد الاقتصادية والمالية ووقف الانهيار"، وذلك عبر إمعان عون ومن ‏خلفه باسيل في حالة "الإنكار الشديد لواقع لبنان واللبنانيين"، والإمعان في انتهاج سياسة ‏‏"الابتزاز لتحقيق مكاسب سلطوية أو أحلام شخصية" كما وصفها الحريري في بيانه، مشدداً على ‏أنّ هذا النهج بات يتخطى الأبعاد السياسية ليصبح "ابتزازاً للبلد ولفرصة الاهتمام الدولي المتجدد ‏ولمعيشة اللبنانيين وكراماتهم".‏

وفي الغضون، لوحظ خلال الساعات الأخيرة التي سبقت إنهاء الحريري جدلية ترشيحه من ‏عدمها، حراك مكوكي قام به المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم بين المقرات الرئاسية ‏والسياسية والروحية على نية فكفكة العقد الحكومية، وكشفت مصادر مطلعة على هذا الحراك ‏لـ"نداء الوطن" أنّ مهمة ابراهيم تمحورت حول شقين، الأول يتصل بمحاولة "تطويق الغضب ‏السني" والثاني يتعلق بالسعي إلى إيجاد أرضية توافقية مشتركة تتيح التأسيس لتكليف الحريري ‏تشكيل الحكومة الجديدة.‏

وأوضحت المصادر أنه "بعد تسرّب معلومات مؤكدة تفيد بأنّ رؤساء الحكومات السابقين ‏سيعمدون تحت عباءة دار الفتوى إلى تصعيد اللهجة في مواجهة استيلاء عون على صلاحيات ‏الرئاسة الثالثة، كُلف اللواء ابراهيم بالقيام بمسعى "تبريدي" للغليان السنّي عبر طلب التريث في ‏التصعيد، بموازاة تقديم وعود بالعمل على فصل مسار التكليف عن مسار التأليف احتراماً ‏لصلاحيات الرئيس المكلف، بمعنى أن يصار إلى تكليف الشخصية التي تختارها الطائفة السنية ‏ترؤس الحكومة لكي تتولى هي بنفسها فكفكة عقد التأليف"، لافتةً إلى أنّ ابراهيم كان قد علم بنية ‏الحريري سحب ترشيحه من التداول فسعى إلى إقناعه بالتريث في اتخاذ هذا القرار لكن رئيس ‏‏"المستقبل" بدا حاسماً وحازماً في تأكيد عدم الترشح وهو ما جسده في بيان مكتوب منعاً لأي ‏تأويل أو تحليل.‏

أما على المقلب الآخر، فلا ترى مصادر قصر بعبدا أي مبرر لكل ما يثار حول تأخير موعد ‏الاستشارات النيابية الملزمة لناحية اتهام رئيس الجمهورية بأنه يصادر صلاحيات الرئيس ‏المكلف، بل هي اعتبرت لـ"نداء الوطن أنّ عون إنما يريد تأمين "حد أدنى من التوافق على اسم ‏الرئيس المنوي تكليفه لكي لا يصل أي رئيس حكومة بحصيلة نيابية هزيلة لا تخدم عملية ‏التأليف"، رافضةً اتهام رئيس الجمهورية بارتكاب مخالفة دستورية عبر تقديمه التأليف على ‏التكليف، باعتباره كلاماً يندرج ضمن إطار "الحملة السياسية التي تستهدفه".‏

ورداً على سؤال، أكدت المصادر أنّ "رئيس الجمهورية لم يحسم بعد موعد الاستشارات وينتظر ‏حصيلة المشاورات الجارية التي من المتوقع أن تتبلور بصورة أوضح خلال هذا الاسبوع"، ‏مشيرةً إلى أنّ "الحديث يدور راهناً حول تشكيل حكومة تكنوسياسية وفي حال لم يحصل توافق ‏بين الفرقاء خلال المهلة التي منحها عون لتأمين هذا التوافق، فسيذهب عندها إلى تحديد موعد ‏الاستشارات وسيحترم إرادة الأكثرية النيابية في عملية التكليف".‏


نداء الوطن ‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

26 آب 2020 07:49