رغم أنه من أكثر القطاعات ملاذاً آمناً بين القطاعات الاقتصادية الأخرى، إلا أن الفراغ الرئاسي منذ 28 شهراً، أرخى بثقله على القطاع العقاري الذي تأثر كثيرا بفعل تراجع تحويلات اللبنانيين العاملين في الخارج والمتوقع الا تتعدى نهاية العام الـ 7 مليارات دولار.
وفي ظل هذا الواقع، تطرح تساؤلات ما اذا كان خفض الاسعار يخدم سوق العقار، ام انه يلحق الضرر بالمطورين؟ وهل تتحمل الاسر اللبنانية المزيد من القروض؟.
قطاع العقارات لم يعد قادراً على الصمود في وجه المتغيرات السياسية والاقتصادية في لبنان. فهو بدأ يفقد شيئاً من ترابطه مع ارتفاع المخزون الشققي. وقد ساهم ارتفاع التعثر في سداد القروض بسبب الاوضاع الاقتصادية الراهنة في خلق حال من عدم التوازن في السوق العقارية.
ورغم ذلك، فان المطورين العقاريين يتوقعون صدمة ايجابية مع اقدام الرئيس سعد الحريري على إعلان ترشيح العماد ميشال عون الى سدة رئاسة الجمهورية، وانهاء الفراغ في الرئاسة منذ 28 شهراً.
المدير العام لشركة رامكوالعقارية، رجا مكارم، كان متفائلا في ان تؤدي خطوة الرئيس الحريري في تحريك السوق العقارية بشكل ايجابي. وهو قال في اتصال مع المستقبل ستتحرك السوق العقارية بمجرد انتخاب الرئيس، لافتاً الى أن جمود السوق اليوم يرتبط بشكل كبير بمؤشرات الاستقرار والأمن.
واوضح مكارم ان الجمود قائم حاليا حيث لا تجري عمليات بيع عقارية من النوع الكبير، سواء في قطاعي الشقق أو في ما يتعلق ببيع الأراضي، وذلك بسبب حال الشلل على المستوى السياسي، والنار المشتعلة من حولنا، من سوريا الى العراق.
ولفت الى ان هذا الجمود الفاقع يظهر في مستوى المخزون الشققي الذي وصل الى مستوى 50 في المئة، ولم نعد نشهد مشاريع كبيرة. كما يظهر على مستوى المعروض، فمقابل كل شقة هناك شارٍ واحد، وهذا ما أعطى المشترين قوة استطاعت أن تجبر المطور على خفض اسعارهم.
وقال السوق العقارية اليوم في أزمة جدية، وتحويلات المغتربين هي عامل مؤثر في القطاع العقاري، وهذه العوامل قد أدت فعلياً الى تعطيل السوق العقارية.
ويظهرُ آخر تقرير لشركة رامكو أن معدل أسعار الطوابق الأولى قيد الانشاء في مختلف المناطق في بيروت تراوح بين 2148 دولارا و8500 دولار للمتر المربع. وطبعا هذه الأرقام هي الأسعار التي يعلنها المطورون قبل أي تخفيضات أو مفاوضات، كما يشير التقرير.
وقد وضع تقرير رامكو خارطة تظهر معدلات أسعار الشقق في 72 منطقة من العاصمة بيروت، ويستند الى 348 مشروعاً قيد الانشاء في كامل بيروت الادارية.
وبينت الخارطة عوامل عدة للسوق العقارية في بيروت هي:
- انخفضت الأسعار بين العامين 2015 و2016 في نحو نصف مناطق العاصمة (52 في المئة) ، وارتفعت في41 في المئة من الحالات، واستقرت في 6 في المئة من المناطق.
- تصدرت مناطق وسط بيروت (سوليدير) المطلة على البحر الواجهة البحرية من عين المريسة الى الرملة البيضاء المناطق الأغلى في بيروت، وتراوحت معدلات الأسعار بين 5430 دولارا و8500 دولار للمتر المربع في الطوابق الأولى، وتربعت على عرش الأسعار المشاريع في منطقة المنارة المطلة على البحر الساحل الكسرواني.
- كما في العام 2015 ، لم يعد يوجد في بيروت أي مشروع يباع بأقل من 2000 دولار للمتر. وتتركز المشاريع الأرخص في مناطق بيروت الوسطية كالبسطة والرواس والنويري ومحيط الجامعة العربية حيث يعرض فيها أسعار أقل من 2200 دولار للمتر المربع. أما في شرق العاصمة، فثمة 3 مناطق تعرض فيها شقق معدل أسعارها تحت 2600 دولار للمتر المربع، وهي: الكرنتينا، حي السريان والبداوي.
من جهته، وصف الامين العام لجمعية تجار ومنشئي الأبنية أحمد ممتاز من جمعية منشئي الابنية، الوضع العقاري منذ خمس سنوات بانه غير صحي، ومرتبط بالوضع السياسي أكثر مما هو مرتبط بالوضع الاقتصادي. وتوقع أن تتحرك السوق بمجرد التوافق على الانتخابات الرئاسية وإعلان الرئيس الحريري إعلان ترشيح عون، وقال إن تعثر المقترضين في سداد الاقساط الى المصارف لا يزال تحت السيطرة، وهو لا يتجاوز 6 في المئة من العدد الاجمالي للمقترضين، موضحا ان الامر يمكن ترجمته خلال السنوات الخمس الماضية التي أثبت فيها سوق العقار من أنه لا يزال صامداً رغم كل الاهتزازات الامنية والسياسية، فكيف إذا كنا ذاهبين الى انتخابات واستقرار.. بالطبع نحن نتفاءل خيراً.
وفي السياق ذاته، إرتفعت مساحات البناء المرخّصة في لبنان، والتي تعكس توقّعات مستوى العرض في القطاع العقاري، إلى 799271 مترا مربّعا خلال شهر أيلول 2016، مقارنةً بـ793580 مترا مربّعا في آب، وذلك إستناداً إلى إحصاءات نقابة المهندسين (نشرت في التقرير الاسبوعي لـبنك الاعتماد اللبناني).
أمّا على صعيدٍ تراكميٍّ، فقد تراجعت مساحات البناء المرخّصة بنسبة 3.99 في المئة سنويّاً إلى 7483،155 مترا مربّعا خلال فترة الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، وهو المستوى الأدنى لها منذ ثماني سنوات، مقابل 7794،425 مترا مربّعا في الفترة نفسها من العام السابق.
أمّا بالنسبة للتوزيع الجغرافي لرخص البناء، فقد تفوّقت محافظة جبل لبنان على المناطق الأخرى لجهة مساحات البناء المرخّصة والتي بلغت 3888،213 مترا مربّعا (51.96 في المئة)، تلتها محافظة الجنوب (1314،687 مترا مربّعا او 17.57 في المئة)، والبقاع (927255 مترا مربّعا او 12.39 في المئة)، والنبطيّة (922869 مترا مربّعا او 12.33 في المئة).
كذلك، حظيت محافظة جبل لبنان على أعلى معدّل إستثمار للرخصة الواحدة، والذي وصل إلى 839 مترا مربّعا لغاية أيلول، تبعتها محافظة البقاع (793 مترا مربّعا) ومحافظة بيروت (716 مترا مربّعا) ومحافظة الجنوب (538 مترا مربّعا).
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.