8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

قانون المؤسسات العامة يشلُّ عمل معرض رشيد كرامي الدولي

تبدو طرابلس وكأنها جزيرة معزولة عن البلد، خصوصاً حين يستبد الفراغ على المساحات الشاسعة التي يحتلها معرض رشيد كرامي الدولي، الذي أسس في ستينيات القرن المنصرم على يد المهندس المعماري العالمي أوسكار نيماير، بدلاً من أن تكون مساحة المليون متر مربع مشغولة بالاستثمارات الاقتصادية والسياحية والمطاعم.
نصف هذه المساحة مستثمرة بمنشآت، منها قاعة للمؤتمرات وأخرى للمعارض وحدائق وفندق كوالتي إن. بيد أن الأموال المتأتية منها ولا سيما من الأمم المتحدة التي تشغل مبنى على أرض المعرض، لا تكاد تكفي جزءاً من أعمال الصيانات والتأهيل. كما أن هناك نزاعاً قضائياً يدور اليوم بين مجلس ادارة المعرض وادارة الفندق، حول مليون ونصف مليون دولار، وهو نزاع طال أمده، ما يعيق فعلياً تطوير المعرض. إلا أنَّ الأمر لا يتوقف على الأموال فقط بل على مسألة أخطر بكثير وتتعلق بالآلية التي تحكم عمل هذه المنشأة الحيوية، والتي تحول دون جذب المستثمرين والممولين لتشغيل آلاف الأيدي العاملة التي تحتاجها العاصمة الثانية. فالتقارير عن أوضاع الحياة الاقتصادية لا تبشر بالخير. ومع ذلك، لا أحد يحاول تحريك المياه الراكدة، في هذه البقعة الحيوية، لماذا؟.
يحمّل رئيس مجلس ادارة معرض رشيد كرامي الدولي، حسام قبيطر، في حديثه الى المستقبل، مسؤولية ما يحصل من اضعاف لدور المعرض الى مجموعة من العوامل منها القانون الذي يتحكم بعمل ادارة المعرض، وعدم الاستقرار الأمني الذي شهدته طرابلس على مدى 20 سنة، وأخيراً احجام المستثمرين من القطاع الخاص عن الاستثمار في المعرض.
يضيف القانون 451 الذي هو أولوية تفعيل معرض رشيد كرامي الدولي، والذي يخضع للمرسوم 4517/72 الذي يحدد مهام وصلاحيات سلطة الوصاية الإدارية (وزير الاقتصاد) والوصاية المالية (وزير المالية) وأجهزة الرقابة وشروط التوظيف عن طريق مجلس الخدمة المدنية. وقد جعل تطبيق هذا النظام المعرض مكبلاً بالروتين الإداري الطويل، مما يؤثر سلباً على العمل والإنتاجية، حيث إن طبيعة عمل هذه المؤسسة كصرح اقتصادي وثقافي وسياحي تحتم إصدار قانون خاص بالمعرض للقيام بدوره.. هذا القانون الذي هو قانون عام للمؤسسات العامة، يعيق التلزيمات ودفاتر الشروط، واي مشروع يحتاج الى أشهر لتنفيذه.
قبيطر الذي جاء قبل ثلاث سنوات ونصف السنة من القطاع الخاص الى رئاسة مجلس ادارة المعرض، قال نحن نريد المعرض مؤسسة عامة، لكن لا يجب أن تخضع لقانون المؤسسات العامة، ويجب أن يكون لها كيانها وقانونها الخاص، على غرار المنطقة الاقتصادية التي لديها قانونها الخاص. ولفت الى انه يجب أن يكون للمعرض نظام خاص به، اذ لا يصح ان ننتظر أشهراً عدة، للحصول على موافقة.. منذ ان استلمنا ادارة المعرض، قمنا باعداد اقتراح قانون لم يسلك طريقه الى الاقرار بسبب استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وتعثر تأليف حكومة الرئيس تمام سلام ومن ثم شلل مؤسسات الدولة بعد الفراغ في السدة الرئاسية الأولى. وبات الوضع صعبا جداً اليوم، بسبب عدم قدرة الحكومة على البت به وتحويله الى مجلس النواب لاقراره واطلاق عمل المعرض بشكل مريح.
واوضح قبيطر ان المعرض أنشئ في الستينيات، حيث نفذ قسم منه. إلا أنَّ الحرب الأهلية أوقفت الأعمال فيه. ومع عودة الاستقرار بعد اتفاق الطائف، خصص الرئيس الشهيد رفيق الحريري في عهده، مبلغاً قدره 20 مليار ليرة و5 ملايين دولار استكملت بموجبه الكثير من الأعمال في المعرض ولا سيما قاعتي المؤتمرات والمعارض. واقيمت معارض عدة، وأنشئت حديقة هي من أجمل الحدائق على مساحة 130 ألف متر مربع صيانتها السنوية مكلفة جداً. ومنذ استلامنا مجلس ادارة المعرض، وضعنا دراسة تفصيلية لصيانة المعرض وتأهيله، تبين لاحقا أن تكلفة هذه الاعمال تبلغ 35 مليون دولار. وبمجهوده الشخصي، تمكن مجلس الادارة تأمين مبلغ مليوني دولار، ونقوم الان بما جمعناه بتأهيل قاعة المؤتمرات التي تضررت بفعل الحوادث، وانشاء قاعة أخرى يتوقع انتهاء العمل فيهما بعد شهرين، وستبلغ تكلفة هذه الاعمال تقريباً نحو مليوني دولار. ورأى أن عدم اقرار اقتراح القانون المرفوع الى الحكومة يشكل معوقا فعلياً لانطلاقة المعرض الذي تبلغ موازنته نحو 600 مليون ليرة فقط.
وأبدى قبيطر أسفه لـعدم حصرية المعرض كما كان قد قرر الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والحجة هي عدم الاستقرار الأمني في العاصمة الثانية، ولذلك تعطي وزارة الاقتصاد الاذن بمعارض خارج معرض رشيد كرامي الدولي. اضاف رغم سياسة الانفتاح التي تنتهجها ادارة المعرض تجاه الهيئات الاقتصادية، إلا ان قانون المؤسسات العامة الذي يخضع اليه تشغيل المعرض لا يمنحنا حرية التصرف، بما يشكل معوقاً أمام الاتفاقات التي نريدها لتنشيط واستثمار المعرض، لأن أي اتفاق أو نشاط يحتاج الى الكثير من الروتين الاداري بين موافقات ومصادقات. أضاف نحن الآن نشرع في انجاز اتفاقية مع مجلس ادارة المنطقة الاقتصادية، ولكن قانونها شيء والقانون الذي يطبق علينا شيء آخر، ولذلك يحتاج الى الكثير من التصديقات والموافقات من وزارتي المالية والاقتصاد ومجلس الوزراء. اضاف نحن نطالب بتعديل القانون ولا نقول ان الدولة تعرقل، فهناك تجاوب من وزارتي الاقتصاد والمالية، إلا أن المعوقات موجودة داخل القانون. ورأى أن هناك احجاماً عن التمويل من القطاع الخاص والمستثمرين، الذين ينأوون عن الاستثمار في المعرض. نحن طرحنا أن يأتي مستثمرون من القطاع الخاص، لتوقيع اتفاقات مع ادارة المعرض لاستثمار مساحة لا تقل عن 500 ألف متر مربع، أو استثمار المنشآت الموجودة عبر تأهليها واستخدامها، وفقاً لنسب معينة، لكن لا تجاوب من قبل المستثمرين.
كما أوضح أن هناك عوائد مالية من الحفلات التي تقام على أرض المعرض بيد أنها قليلة وغير كافية، وهناك مبنى مستأجر من قبل الأمم المتحدة يعود بمبلغ مقبول لادارة المعرض، بيد أننا نعول على انجاز القانون الذي يحول بيننا وبين المستثمرين.
وأكد أن لبنان بأكمله يعول على تسوية سياسية في سوريا، وادارة المعرض تتحضر لذلك، ومن هنا كانت فكرة تأهيل قاعة المؤتمرات، وقاعة المعارض كخطوة أولى.
القانون المقترح
وتنشر المستقبل في ما يلي نص اقتراح القانون لتسهيل العمل في معرض رشيد كرامي الدولي:
المادة الاولى: يبقى معرض رشيد كرامي الدولي خاضعا لأحكام المرسوم 4517/72 ( النظام العام للمؤسسات العامة) بكل ما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون والمرسومين 4027 و6247 والقانون 30/80 من حيث خضوع قراراته لسلطة الوصاية الإدارية والتصديق عليها ورفضها وفاقا لأحكام 23 من هذا المرسوم.
المادة الثانية: يعتبر مفوض الحكومة الذي يعين وفقا لأحكام المادة 24 من المرسوم 4517/72 ، ويكون صلة الوصل بين إدارة المعرض ووزير الوصاية، بمثابة المراقب المالي الفعلي على أعمال مجلس الإدارة، باعتبار انه يحضر جلسات مجلس الإدارة و يصوت عليها، ويرفع تقاريره لسلطة الوصاية أي وزير الاقتصاد والتجارة ، نظرا لكون دعم خزينة الدولة من خلال الموازنة العامة يدرج في موازنة وزارة الاقتصاد والتجارة تحت عنوان: المساهمة في موازنة معرض رشيد كرامي طرابلس أي عدم تطبيق المواد 26 و 27 و28 و 29 و30 من المرسوم 4517/72 .
المادة الثالثة : يعفى المعرض من رقابة وزارة المالية، ويبقى خاضعا لرقابة ديوان المحاسبة المؤخرة على أعماله المالية.
المادة الرابعة: يستمر تطبيق القانون 30/80 الخاص بتعديل بعض أحكام وقوانين المعرض الذي حدد مهامه الاقتصادية والإنمائية، وأخضعه لوصاية وزير الاقتصاد والتجارة ولرقابة ديوان المحاسبة المؤخرة دون أي رقابة مسبقة، ولرقابة التفتيش المالي في التفتيش المركزي، (المادة الرابعة) وعلى عدم خضوعه لرقابة مجلس الخدمة المدنية ( المادة الخامسة).
المادة الخامسة: يستثنى معرض رشيد كرامي الدولي طرابلس من نص المادة الرابعة والخمسين من قانون موازنة عام 2004 التي أخضعت التعاقد والتوظيف في المؤسسات العامة لمباراة مجلس الخدمة المدنية، وذلك لتحريره من الروتين الإداري في عملية التوظيف، وتمكينه من توظيف أشخاص من ذوي الكفاءات والخبرات، الإدارية والفنية اللازمة، أو التعاقد معها عند الضرورة للقيام بالدور الاستشاري في حال عدم رغبة هؤلاء الأشخاص بالتفرغ في عملهم لدى مؤسسة المعرض.
المادة السادسة: يتعاقد مجلس الإدارة مع لبنانيين أو أجانب، لفترة زمنية محددة، قابلة للتجديد، حسب حاجاته، من ذوي الخبرة، في المجالات الهندسية أو الإدارية أو القانونية أو الإعلامية، أو من ذوي الخبرة في مجال عمل المعارض، أو ممن سبق لهم واكتسبوا الخبرة أثناء عملهم في معرض رشيد كرامي، سواء كانوا في مجالس إدارة سابقة أو بالتعاقد أو في مجال الاستشارات، حسب ما يراه هذا المجلس مناسبا، ومهما بلغت أعمارهم. وتخضع هذه العقود لتصديق سلطة الوصاية-وزير الاقتصاد والتجارة- بعد الإقرار في مجلس الإدارة، لا سيما إذا كانت المهام الموكلة إليهم غير ملحوظة في ملاك المعرض.
المادة السابعة: يعطى مجلس الإدارة صلاحية التعاقد المباشر، وبالتراضي مع شركات تنظيم المعارض، أو مع شركات متخصصة في مجال التسويق أو الهندسة المعمارية والدراسات أو في الأمور التي يراها ضرورية بدون الحاجة إلى مناقصات أو استدراج عروض، على أن تبرر أسباب هذه الخيارات والعقود، وتخضع قبل إنهاء هذه العقود ووضعها موضع التنفيذ إلى موافقة سلطة الوصاية. ومن هذه الخيارات على سبيل المثال، التعاقد على تأهيل واستثمار احد المباني أو المنشآت في المعرض، أو تشييد فندق جديد، أو التعاقد مع وكلاء شركات دولية في مجال المطاعم والأمور السياحية.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00