8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

كبارة لـالمستقبل: لنحيّد الإنماء عن السياسة كي ننقذ الوضع

لم يمر تقرير مجموعة البنك الدولي حول طرابلس والشمال، مرور الكرام. فالتقرير الذي شكّل جرس انذار، تردد صداهُ المزعج في كل المجالس السياسية والمدنية، خصوصاً وأنه دعا الى سد الفجوات السالبة في العاصمة الثانية، والافادة من نقاط القوة التي تملكها المدينة، وتحويل الاقتصاد الهش الى اقتصاد وطني.
فبالأمس، علت صرخة نقباء المهن الحرة والفاعليات الاقتصادية لانقاذ طرابلس، من اجل تنشيط الحركة الاقتصادية وتفعيل المرافق السياحية والانشطة الرياضية في المدينة، خصوصاً وأنَّ الوضع الأمني في طرابلس أصبح مستتباً والمدينة تمر في حالة اقتصادية خانقة، وهي بحاجة إلى دعم الدولة بكامل أجهزتها، وتفعيل معرض رشيد كرامي الدولي، الذي يخضع للمرسوم 4517/72 الذي يحدد مهام وصلاحيات سلطة الوصاية الإدارية (وزير الاقتصاد) والوصاية المالية (وزير المالية) وأجهزة الرقابة وشروط التوظيف عن طريق مجلس الخدمة المدنية. وقد جعل تطبيق هذا النظام المعرض مكبلاً بالروتين الإداري الطويل، مما يؤثر سلباً على العمل والإنتاجية. حيث إن طبيعة عمل هذه المؤسسة كصرح اقتصادي وثقافي وسياحي تحتم إصدار قانون خاص بالمعرض للقيام بدوره. كما دعا نقباء المهن إلى تفعيل مرفأ طرابلس وتطويره والسماح لجميع السفن التجارية بأن ترسو فيه دون أي استثناء مما ينشط حركة الترانزيت وتبادل البضائع في المدينة، خصوصاً وأن طرابلس هي العاصمة الثانية للبنان. وطالبوا الحكومة باستكمال الدراسة المتعلقة بالواجهة البحرية ضمن نطاق بلديتي طرابلس والميناء، وتأمين الاعتمادات اللازمة لإتمامها لما تمثله من أهمية إقتصادية وإنمائية للمدينة.
وعليه، فإن الصرخة المدينية التي جاءت كصدى للتقرير، وكصدى للحراك المدني المطالب بتخفيف المؤشرات السلبية في كل المجالات، من المتوقع أن يكبر النقاش حولها خلال الفترة المقبلة، كما توقع مستشار الرئيس سعد الحريري لشؤون طرابلس والشمال عبد الغني كبارة، الذي قال إنه الوقت المناسب لنقول كيف يمكننا أن نقوم بخطوات، تعطي نتائج ايجابية، بشكل مباشر وعلى مدى المرحلة القادمة، والبداية تكون باجتماعنا كفرقاء سياسيين لتحييد الانماء عن السياسة، فاذا كان تيار المستقبل قد أمن الأمن والاستقرار فإن المطلوب من الجميع التعاون لما فيه مصلحة المدينة.
كبارة الذي عقب على تقرير البنك الدولي حول طرابلس، قال في حديث مع المستقبل، إنَّ اثارة هذا التقرير، هدفها تحويل الواقع السلبي القائم الى واقع ايجابي فاعل، بدلاً من الاستغلال السياسي أولاً وبدلاً أن تتحول المشكلات الى عبءٍ على الاقتصاد الوطني، فعملية التقييم لمنطقة الشمال وطرابلس الذي تطرقت اليه مجموعة البنك الدولي ضرورية، كي نتمكن من وضع خارطة طريق تلحظ كل ما تطرق اليه تقريرها، ويجب ايجاد الظروف المناسبة كي يتم التخطيط ونمشي به بشكل طبيعي.
وإذ رأى أن أول ما يجب القيام به، هو الحفاظ على الأمن والاستقرار، قال منذ العام 2002 الى اليوم، نجد ان طرابلس قد تعرضت الى احداث أليمة جداً ابتداء من 2006 لغاية تطبيق الخطة الامنية قبل سنتين، التي أرست أمناً مقبولاً في المدينة. ولا يجب ان ننسى تداعيات الحرب السورية على لبنان، والتي أثرت بشكل سلبي جداً على الواقع الاقتصادي في لبنان وخصوصا في طرابلس، التي تعتبر مدخلاً الى الداخل السوري، حيث عبرت الازمات الى العاصمة الثانية. أضاف نحن كفريق سياسي، علينا ان نذكر أن الرئيس سعد الحريري كان مدركا تماماً لما تؤول اليه الأوضاع شمالاً من جراء الوضع السوري، وقام بتضحيات أساسية لتأمين الاستقرار والأمن الى طرابلس.
وعزا كبارة السلبيات التي وردت في التقرير، الى ما يشهدهُ لبنان من أحداثٍ سياسية واقتصادية عاصفة وظروف قاسية جداً، إضافة الى التقصير في رفع المعوقات من أمام تنفيذ المشاريع بشكل انسيابي وسريع، يتزامن ذلك مع الواقع المتفجر حول وطننا، الذي يؤثر سلباً على لبنان، لاسيما لجهة تدفق النازحين السوريين والأعباء المترتبة من جراء هذا الأمر، كما أن استمرار الأزمة السورية بات يقلقنا.
وقال كبارة الذي كان يتحدث من مكتبه بطرابلس، إن ايجاد فرص عمل والنهوض بالانماء والاقتصاد في العاصمة الثانية، بدأ منذ أيام الشهيد رفيق الحريري، حين نظم مؤتمراً عاماً لانماء المدينة في العام 2002 في السرايا الحكومية بعنوان مؤتمر انماء طرابلس، وحينها كان هناك فريق من مستشاري الشهيد ومن المجلس البلدي في المدينة ومجموعة من الخبراء والشخصيات الاقتصادية، الذين عقدوا اجتماعات مكثفة مدة أشهر، لوضع كل المشاريع التي تلزم لاعادة النهوض وتطوير وضعها الانمائي، واستكمال كل المشاريع، وكان هناك 47 مشروعا منها ما هو مقرر وما هو قيد التنفيذ، وتم عرض كل المشاريع، منها: مجمع الجامعة اللبنانية، المعهد الفني والمعهد الصناعي والمعهد التقني والمعهد الفندقي، والعديد من المدارس والطرقات والبنى التحتية، وأكد أن طرح موضوع المنطقة الاقتصادية تم مع الشهيد باسل فليحان، لتكون مماثلة لمنطقة جبل علي في دبي، والافادة من موقع طرابلس الجغرافي والجيوسياسي، سيما وأن موقع طرابلس على حوض البحر الأبيض المتوسط وكعمق للمنطقة العربية، يجعلها مؤهلة للعب دور كبير، كنقطة وصل بين العرب واوروبا، ومن اجل حفز الاستثمار الصناعي، الذي يؤمن آلاف فرص العمل، ونقطة وصل للتخزين واعادة التصدير، وطبعا حظيت بموافقة الرئيس الشهيد الذي طلب السير بالموضوع سريعا، والهدف منه تطوير المنطقة.
وأضاف، إن الفعاليات في العاصمة الثانية كانت مدركة لما آلت اليه الأوضاع في طرابلس، على مستوى التنمية أو زيادة المؤشرات السلبية لذا نظمنا ورشة عمل في نقابة المهندسين، لنفتح باب الأمل ونطالب المستثمرين بالمجيء الى طرابلس، التي هي من اكثر المناطق حالياً أمناً في لبنان، وفرص الاستثمار موجودة وهي جذابة الى حد كبير، وطبعاً هذا يتطلب السير سريعا بمشاريع البنى التحتية التي تقوم الآن في المدينة، بوجود المرافق الحيوية والمرفأ الذي يتطور سريعاً لجهة الخدمات المرفئية والخدمات التقنية والاتصالات والكابل البحري MWE. فطرابلس لديها بيئة استثمارية اكثر من اللازم، وتسارع في عمل المنطقة الاقتصادية وكذلك معرض رشيد كرامي الدولي، حيث من المؤمل أن يبدأ مشروع سكك الحديد قريباً، إضافة الى الأوتوستراد الدائري وشبكات الطريق السريعة التي تربط الشمال وطرابلس مع سوريا، كما هناك 7 ملايين متر مربع لمنشآت النفط يمكن استثمارها مع التوقعات بوجود نفط وغاز، وهذا ما يؤهلها كي تكون مركزاً للتخزين النفط والغاز على حوض البحر الأبيض المتوسط، كل هذا يشكل موقعا اقتصادياً مهماً لطرابلس، وهي تتطلب أن نحسن التدبير وأن نحضن المشاريع، وادراك أهمية المشاريع الاستثمارية وان نهتم بالمستثمرين، ويجعل طرابلس مدينة جاذبة للاستثمار.
وأكد كبارة أنه ينبغي أن يكون هناك واقع ايجابي للدولة، من خلال العمل على المشاريع التي تتطلبها العاصمة الثانية والاسراع بتنفيذها، ولا يجوز المماطلة على غرار ما يحصل سواء في الطريق الدائري أومشروع الجامعة أو مشاريع البنى التحتية الداخلية، وطالب أجهزة الدولة المعنية بـالايجابية وبأن يكون لديها الشفافية، بعيداً عن الفساد والاهمال بالنسبة لمعاملات الناس، وهذا ما ركز عليه التقرير، فمطلوب تطوير المجتمعين المدني والمحلي، لنواكب المرحلة الصعبة ونتخطاها، المطلوب فعلياً هو تكاتف الجميع.
ولفت كبارة الى أن هيئة ادارة المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس هي من أهم الهيئات، كونها مرتبطة بشكل مباشر بمجلس الوزراء، كما أن لديها ارتباطاً مع كل الوزارات ولاسيما وزارات المالية والخارجية والداخلية وادارة الجمارك، وهي مهمة كونها one stop shop.
وأكد أنَّ المنطقة الاقتصادية تسير سريعاً، لجهة المكان وتجهيزه، ولكن هناك أفكار جيدة لدى مجلس ادارتها، لعقد اتفاقات بأنشطة للبدء بالامور التقنية، أي تلك التي لا تحتاج الى تحزين أو صناعات كبيرة أو متوسطة، وهناك اجتماعات حصلت، ولا سيما مع ادارة معرض رشيد كرامي الدولي، وهذا اذا تم الاتفاق، وكانت الامور ميسرة والوضع الحكومي مستقراً، فبرأيي خلال سنة أو سنتين كحد أقصى تكون المنطقة الاقتصادية قد بدأت تعمل وتؤمن فرص عمل مهمة جداً لأبناء المدينة.
واعتبر كبارة أن طرابلس مهيأة لاعادة اعمار سوريا، اذا وضعت الحرب أوزارها هناك، خصوصا وأن المزايا التي تتمتع بها وموقعها الجغرافي مساعد كبير، وهذا يشكل فرصة لانهاض طرابلس من كبوتها، لكن لا ينبغي أن يكون الأمر لوقت محدد وقصير، لا سيما وأن هناك شركات كبرى ستدخل في عملية اعادة الاعمار، وهذا ما يتطلب رفع المستوى كي لا نخسر الفرصة، وهذا يحتاج واقعا مميزاً.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00