على مسافة أقل من شهر من الانطلاق التنفيذي لمشروع تأمين التغطية الصحّية الشاملة لمن تجاوز عمره 64 عاماً من اللبنانيين في كل المستشفيات الحكومية والخاصّة، فجّر نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون، في مؤتمر صحافي أمس، قنبلة مدوية مع كشفه الوضع المالي المتأزم للمستشفيات، والتي تجاوزت مستحقاتها على الجهات الضامنة المتنوعة حتى حزيران الماضي، عتبة 1660 مليار ليرة (مليار ومئة مليون دولار)، ما يعني عملياً، وكما قال هارون، انه اذا ما استمرت الامور دون معالجة، سيؤدي الى تقليص المستشفيات خدماتها.
والأزمة لم تعد تتوقف عند أبواب المستشفيات فحسب، بل تعدتها الى موردي الأدوية والأمصال اليها، مع تأخر الأولى في السداد الى الأخيرة. كما أن المصارف تتردد في الاستمرار في مدها بالسيولة اللازمة بسبب تجاوزها التسهيلات التي منحتها اياها، ما جعل النقابة ترفع نداءها الى وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور للتدخل، لتفكيك الأزمة أعطنا لنعطي.
وفي خضم المشكلات المالية التي أعلنتها المستشفيات الخاصة أكثر من مرة، يبدو أن تعاملها مع مشروع التغطية الصحية لمن هم فوق 64 سنة، سيكون حذراً، خصوصاً وأن المستشفيات الخاصة تربط آلية التنفيذ، برفع السقوف المالية للمستشفيات، سداد أجزاء أساسية من مستحقاتها، وتغيير التعرفة الاستشفائية.
وقال هارون لـالمستقبل، ان المستشفيات ليست لديها مشكلة مع التغطية الصحية الشاملة لمن هم فوق سن 64 سنة، ولكن من جهة المبدأ لا نحبذ تقديم خدمات استشفائية لأي كان من دون أن يكون لديه مساهمة، فهذا يؤدي الى الافراط في استعمال الخدمة التي سنقدمها اليه. وأشار الى ان المستشفيات الخاصة تحبذ أن يكون هناك اطار استشفائي لكل من ليست لديه تغطية صحية، من قبل جهة صحية ضامنة. اضاف يجب أن تكون هناك بطاقة صحية استشفائية، وهي تكون سنوية. ويدفع كل صاحب بطاقة بين 100 و150 دولاراً، يحق له بموجبها الدخول الى اي مستشفى على حساب وزارة الصحة. هذه الاموال التي تنتج من البطاقات لنحو مليوني شخص ليست لديهم أي تغطية صحية، تقدر بنحو 300 مليون دولار تضاف الى موازنة الصحة الحالية. عندها لا يعود هناك عجز مثلما نرى في ارقام العجز لدى المستشفيات، وساعتئذ الكل سيتلقى الطبابة بتكلفة متدنية في أي مستشفى يريدها.
وأوضح هارون نحن لم نشأ أن نضع العصي في اقتراح الوزير أبو فاعور، المستشفيات ستتعامل مع المشروع وفقاً للسقف المالي الذي تحدده الوزارة لنا، وفي حال لم ترفع الموازنات المخصصة من أجل تقديم هذه الخدمة، فإن عدد المستفيدين سيصبح أقل، اذا لم تتم زيادة التغطية وتحريك الموارد الى أعلى، حتى لو كان الضرر علينا لجهة أن الـ15 في المئة التي كانت تستوفيها المستشفيات من المواطن كان يدفعها سيولة (أي الفارق المتبقي من تغطية وزارة الصحة الـ85)، الآن أقفلت كسيولة.
هارون الحَذِرْ من مشروع أيلول الصحي، قال: نحن نتخوف من أنه عند أقل مسألة أن يؤتى بالعجزة الى المستفيات، حتى لو لم يكن مريضاً، ربما هناك من يريد إجازة على حسابنا فيدفع بمريض العجوز الى المستشفى، نحن نفضل أن تمشي البطاقة الصحية علماً أن القانون موجود في مجلس النواب.
وقائع المؤتمر الصحافي
وفي مؤتمره الصحافي، أعلن هارون أن مستحقات المستشفيات تجاوزت حتى تاريخ 30/6/2016 عتبة 1660 مليار ليرة (مليار ومئة مليون دولار) موزعة كالتالي:
1- وزارة الصحة العامة (تسددها وزارة المال من الموازنة العامة):
- مستحقات عائدة لما بين سنة 2000 وسنة 2011 قيمتها 180 مليار ليرة. (صدر قانون في 22/10/2012 لتسديدها بموجب سندات خزينة، لم ينفذ)
- مستحقات عائدة لما بين سنة 2012 و2014 قيمتها 150 مليار ليرة (لا اعتمادات متوفرة لتسديدها)مستحقات عائدة لسنة 2015 قيمتها 130 مليار ليرة، ومستحقات عائدة لسنة 2016 قيمتها 200 مليار ليرة، ومجموع هذه المستحقات المتوجبة على وزارة الصحة 660 مليار ليرة.
2- القوات المسلحة والامنية (تسددها وزارة المال من الموازنة العامة): مستحقات لغاية 30/6/2016 قيمتها 400 مليار ليرة.
3- الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (تسدد فواتيره مباشرة من الصندوق): وهي مستحقات لغاية 30/6/2016 قيمتها 600 مليار ليرة. وبالتالي فان المجموع العام بلغ حتى تاريخ 30/6/2016 هو 1660 مليار ليرة.
وقالنحن ننبه من الاخطار التي تهدد المواطنين في صحتهم بسبب المشكلات التي تواجه المستشفيات. أضاف يطلب من المستشفيات مزيدا من التقديمات والخدمات وفق انظمة الجودة العالمية مما يزيد من اعبائها المالية، موضحاً ان تعرفات الاعمال الجراحية كانت قد وضعت منذ 18 سنة اثر دراسة لوزارة الصحة بالتعاون مع البنك الدولي سنة 1998. ولفت الى ان الكثير من المستلزمات الطبية الملحوظة لهذه العمليات قد تخطاها الزمن، كما ان المستشفيات مضطرة الى اعتماد تقنيات جديدة لا سيما انها تخضع لنظام اعتماد ومراقبة الجودة الذي يفرض عليها شروطا عالمية وطرقا حديثة للعلاجات. وهنا تكمن المفارقة الكبرى، حيث يطلب من المستشفيات تأمين الخدمات بأفضل الطرق دون الاخذ بالاعتبار التكلفة التي تنتج عن ذلك ولا تسدد لها مستحقاتها حتى وفق التعرفات المتدنية.
واعتبر هارون أنه اذا لم تقترن النيات الطيبة مع اجراءات عملية لا سيما لجهة تسديد المستحقات ورفع تعرفة البدل المقطوع للعمليات الجراحية بنسبة 29 في المئة، فاننا نتجه بسرعة الى المأزق الكبير حيث ستعجز المستشفيات عن استقبال كافة المرضى وبالتالي ستضطر الى خفض عدد الحالات التي تستقبلها.
وذكَّر أن المستشفيات تؤمن عملاً لـ25 الف موظف و7 آلاف طبيب. وهي تتعامل مع موردين وتجار وحرفيين وشركات صيانة مما يؤمن فرص عمل لنحو مئة الف شخص اضافي، وبالتالي فان أي مستشفى يعجز عن القيام بواجباته المالية يؤثر على معيشة مئات او آلاف من الناس في وقت يعاني منه البلد من أزمة بطالة.
وأسف هارون من تحويل مستحقات المستشفيات الحكومية لغاية حزيران الى المالية لكي يتم تسديدها مع اعطائها الاولية، سائلاً لماذا لم تعامل المستشفيات الخاصة بهذه الطريقة اذ انها لم تقصر يوما. وقال هناك قسم من المستحقات صدر بشأنها قانون لسدادها عن طريق سندات خزينة الا انه لم تدفع لغاية اليوم. كما شكلت لجنة لدرس هذه المستحقات وانهت عملها مؤكدة على ارقام هذه المستحقات على امل ان يعرضها وزير المالية على مجلس الوزراء. يبقى عدم توافر الاعتمادات المستحقات ما بين العام 2012 و2014 ولا اعلم لماذا لم تسدد لغاية اليوم مستحقات 2015 علماً انه نفس آلية التدقيق المطبقة على فواتير المستشفيات الحكومية تعتمد على فواتير المستشفيات الخاصة. وافاد أن عدم وجود موازنات منذ العام 2005 يخلق مشكلة في السداد لا سيما لدى القوى العسكرية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.