في خلال حفل اطلاق التغطية الشاملة لاستشفاء غير المضمونين من عمر 64 سنة وما فوق في السرايا الحكومية امس، طرحت تساؤلات ومخاوف عدة من عدم قدرة وزارة الصحة راعية المشروع من ضبط السقف للمبلغ المالي المرصود لهذه الخدمة، كون الخدمة المجانية تغري الكثير من اصحاب الحاجات الى السعي للاستفادة منها في حال لم تكن هناك منظومة صحية متكاملة واجراءات بنيوية ترصد الحالات الفعلية للمحتاجين.
فالمشروع الذي اطلق بالامس برعاية رئيس الحكومة تمام سلام، سيفرض زيادة في انفاق موازنة الصحة بما نسبته 2.7 في المئة او ما قيمته 17 مليار ليرة، يكون تمويلها الاساسي من خزينة الدولة مقابل بعض الاجراءات التي ستقوم بها وزراة الصحة سواء بتعديل تعرفة المستشفيات او ترشيد الانفاق من خلال المراكز الصحية وانظمة التدقيق الالية في المستشفيات.
وزير الصحة وائل ابو فاعور الذي لم يستطع تبرير كيفية ضبط الانتفاخ بالفاتورة الصحية سيما وان داتا شركات التأمين لم تسلمه اياها ولزارة الاقتصاد الى الان، اقر بان مشروع الطموح بانه مغامرة. في حين آثر وزير المالية علي حسن خليل الذي كان مشاركا بالامس في حفل اطلاق المشروع، عدم التعليق بانتظار التطبيق، ممازحا ابو فاعور بانه يمارس علينا ارهابا معنويا بهدف تأمين مقومات نجاح مشاريعه.
17 مليار ليرة أو ما نسبته 2.7 في المئة، ستضاف الى الموازنة العامة للدولة، بدءاً من الأول من أيلول المقبل مع بدء مشروع التغطية الشاملة لاستشفاء غير المضمونين من عمر 64 سنة وما فوق، يبلغ 128 ألف لا يستفيدون من الضمان أو شركات التأمين، من اصل 416 ألف بلغوا هذه الفئة العمرية.
وبرزت ثمة مخاوف أعرب عنها وزير المالية علي حسن خلال عملية الاطلاق للمشروع أمس في السرايا الحكومية برعاية رئيس الحكومة تمام سلام، من امكان انتفاخ الرقم الموضوع، عندما تصبح الفاتورة مجانية يصبح هناك نوع من الترغيب للمستهلك وبالتالي سترتفع الفاتورة وعلينا أن نكون متنبهين، رغم تأكيد وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور، أن المشروع مغامرة، إلا أنه لفت أن مصادر تمويله من موازنة الدولة، ومن تحسين التعرفة غير العادلة للمستشفيات، والوفر المحقق من خلال 220 مركزاً صحياً على كافة الاراضي اللبنانية، والشق الثالث من خلال نظام الاعتماد للمستشفيات ومن التدقيق الآلي للمستشفيات، وقال إن المسألة تتعلق من خفض الانفاق الى تصويبه.
ورفض الوزير خليل في سؤال لـالمستقبل التعليق حول امكانية أن يكون القيمة المالية هي أكبر، قائلاً لا تعليق..نحن بانتظار التطبيقات العملانية، فيما اوضح أبو فاعور لـالمستقبل، أن وزير المالية، أعرب من خوفه من أن يأتي أشخاص من التأمين أو الضمان للاستشفاء على حساب الوزارة، ونحن وضعنا آلية مع كل من صندوق الضمان ومع بعض شركات التأمين، لمنع النزوح تجاه الوزارة، ولدينا مشكلة نعالجها الآن مع وزارة الاقتصاد، للحصول على داتا كاملة للشركات التأمين.
فقد هنأ رئيس الحكومة تمام سلام، وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور، بانجاز مشروع التغطية الصحية للمسنين ووصفه بأنه مشروع طموح، وقال نأمل أن ينجح هذا المشروع ويتأكد ويُستكمل في كل المجالات الصحية الاخرى. ومن ابرز هذه المجالات هو الصحة العامة للبلاد. الصحة السياسية والوطنية للبلاد. وأمل في أن تتمكن الحكومة في الشهرين المقبلين من إنجاز الموازنة بعد غياب عشر سنوات، وأن تتخذ القرارات الصائبة في ملف النفط والغاز.
فقد رعى الرئيس سلام الإحتفال الذي أقامته وزارة الصحة العامة في السرايا، بحضور الوزيرين أبو فاعور وخليل، وزير العمل سجعان قزي، وزير البيئة محمد المشنوق، ورئيس لجنة الصحة النيابية عاطف مجدلاني، والنواب مروان حمادة وجيلبرت زوين وعاصم عراجي ومروان فارس وأحمد فتفت ورياض رحال وخضر حبيب وعبد اللطيف الزين، وشخصيات سياسية ونقابية واجتماعية وإعلامية.
وقال سلام حتى الآن نحن في لبنان متماسكون ومتضامنون ومحصّنون وبلدنا بأمن وأمان، وإن شاء الله يستمر في ذلك. لكن من اجل هذا، المطلوب معالجة ملفات اساسية في البلد. أمس تابعتم جلسة مجلس الوزراء التي ناقشت التقرير المالي الذي عُرض علينا من قبل وزير المال، وما يمكنني قوله ان في جلسة أمس لمست ربما للمرة الأولى، ان هناك وعياً وادراكاً ومسؤولية عند جميع إخواني الوزراء في موضوع يتعلق بالموازنة العامة في البلاد وضرورة ان نتجاوز في معالجتنا لهذا الاستحقاق الوطني الكبير، الكثير من خصوصياتنا وحساسيتنا ومن حاجاتنا السياسية الفئوية التي تطغى للأسف على الكثير من الملفات.
وتابع لمسنا ان ربما نحن مقبلون في الشهرين المقبلين على معالجة هذا الموضوع بجدية، فبعد عشر سنوات من غياب الموازنة سيكون للبنان إن شاء الله موازنة تساهم في الكثير من حاجاته. لا أنفي ان ما زالت هناك عقبات ولكن آمل أن تُذلل لنتمكن من انجاز المزيد من تحصين الوطن. وقال هناك أيضاً ملفات أخرى بحاجة الى معالجة والارتقاء الى مستوى المسؤولية وابرزها ملف النفط والغاز الذي يتعلق بمستقبل اجيالنا وبلدنا. هذا الملف سيأخذ مجراه لنتمكن من اعتماد القرارات الصائبة التي تُحصنه. كما سنبذل جهوداً في ملفات أخرى مثل الكهرباء والنفايات والإتصالات، لأن العديد منها مع الاسف أصابته الحال الصحية التي تعاني منها الأوضاع السياسية في البلاد التي ما زالت الى حدّ بعيد في وضع حرِج وفي العناية الفائقة. وختم المدخل الأساس لمعالجة الخلل في جميع هذه الملفات، هو في انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وكان الإحتفال بدأ بتقديم المدير العام لوزارة الصحة وليد عمار عرضًا تقنيًا لمشروع التغطية الإستشفائية الشاملة، موضحًا أن المشروع يأتي ضمن رؤية وتسلسل إنجازات وزارة الصحة العامة، مشيرًا إلى أن السعي الى ترشيد الإنفاق على الفاتورة الصحية يجب أن يترافق مع تعزيز فرص المواطن في الحصول على الخدمات الصحية والإستشفائية. كما تحدث نقيب أصحاب المستشفيات سليمان هارون فلفت إلى أن زيادة التقديمات الطبية في وقت تعاني البلاد من أزمة مالية خانقة، خطوة جريئة تحتاج إلى تضافر الجهود في سبيل إنجاحها. والجهود المطلوبة يجب أن تأتي من ثلاثة أفرقاء: مقدّمو الخدمات لا سيما المستشفيات والأطباء، الدولة والمواطنين.
وقال إن امكان تحقيق نجاح للمشروع قائمة، مع تدابير ترشيد الانفاق، ومع الانجازات التي تحققها الوزارة وقدرتها على خفض الفاتورة الاستشفائية من 12،4 في المئة الى 7،4 في المئة من الناتج المحلي، وتنزيل التقديمات الصحية من 60 الى نحو 37 في المئة، واستدل على خفض الوفيات بين الاطفال والامهات، ورأى أن الانفاق على الصحة مجدٍ.
ومن جهته، أكد نقيب أصحاب المستشفيات سليمان هارون، أن المستشفيات استطاعت ضبط الفاتورة حيث ان تكلفة الاستشفاء السنوية لا تتعدى مليار وسبعماية مليون دولار أي نسبة 400 دولار لكل مواطن بينما هي في فرنسا مثلا 80 مليار يورو أي بنسبة 1350 دولار لكل مواطن، هذا مع العلم اننا نستعمل الادوية والمستلزمات والمعدات الطبية نفسها والفارق الوحيد بيننا في التكلفة هو في اجور الموظفين التي تشكّل 35 في المئة من التكلفة. وقال ان التغطية الصحيّة الشاملة للمواطنين هو هدف تسعى اليه جميع المجتمعات المتمدنة. واذ حيَّا اقدام وزير الصحة على هذه الخطوة، أكد أننا سنكون الى جانبه لانجاحها خاصة بعدما سمعنا منه انه سيسعى الى زيادة الموازنات المخصصة للاستشفاء والى تعديل تعرفة العمليات الجراحية لتتلاءم مع التقنيات الحديثة بعدما مرّت 17 سنة على آخر دراسة اعدتها وزارة الصحة مع البنك الدولي، وكذلك الى تسديد المستحقات المتأخرة لصالح المستشفيات والتي يعود قسما منها الى سنة 2000.
ومن جهته، وصف الوزير خليل خطوة أبو فاعور بأنها جريئة، فيها الكثير من المتاعب والمصاعب تحمل الى جملة اجراءات بنيوية في مقاربة، مثل هذا الملف الخطير الذي عجزت عنهُ دول متقدمة، كثيرة، وهو ليس بالامر بالسهل وتفصيله ليس مادياً فحسب، بل يبدأ من الحاجة الى قاعدة من الرعاية الصحية الأولية التي تصفي الحالات التي يجب أن تحول الى المستفيات، وبدونها ستيرتب الكثير من الحاجات التي لن تستطيع دولة كدولتنا في واقعها الراهن أن تؤمنها، نحن بحاجة الى منظومة صحية متكاملة، نحن نريد لهذه الخطوة أن تكون خطوة باتجاه التغطية الصحية الكاملة المبنية على نظام صحي كامل، وهو ان كان صعباً فهو ليس متعذراً، ما سمعناه 2،7 في المئة تكفي لسداد هذه الفتورة، وأنا أتمنى أن يكون هذا الرقم صحيحاً، لانه عندما تصبح الفاتورة مجانية تصبح الفرصة متاحة أكثر لاستخدامها لصاحب الحاجة وبالتالي سترتفع الفاتورة أكثر فأكثر، علينا أن نكون منتبهين وان نتعاطى بمسؤولية.
ودعا إلى التنبه والتعاطي بمسؤولية وتكامل بين كل القطاعات المعنية لإنجاح هذه الفرصة. وشدد على وجوب تكامل أدوار كل عناصر مقدّمي الخدمات والمستهلك والإدارة المعنية، فضلاً عن القيام بحملة إعلامية توعوية لهذه الخدمة الجديدة، وقال نفتح اليوم ثغرة في هذا الجدار الذي أضعف كثيرًا الثقة بالدولة، ويجب توسيع الثغرة أكثر فأكثر مع تحمّل الحكومة مسؤولياتها في إقرار التوجّهات التي تم إرساؤها أمس على المستوى المالي، وختم خليل قد لا نستطيع تحقيق كل ما نطمح إليه ونحلم به على المستوى المالي، أما إذا أنجزنا أقل المطلوب والمهم في الوقت نفسه، وهو إقرار الموازنة العامة، فنكون خطونا خطوة مهمة إلى الأمام ووسعنا المساحة المفتوحة في هذا الجدار بيننا وبين الناس. وآمل أن تكون كل الأعمال لخدمة الناس.
بدوره، وجه أبو فاعور الشكر لرئيس الحكومة على تقديمه الدعم والرعاية والإحتضان لكل مبادرات وزارة الصحة، ولا سيما مبادرة التغطية الإستشفائية الشاملة للمسنين في لبنان، وأوضح أن مشروع التغطية الإستشفائية الشاملة للمسنين لا يستنبط العجائب، إنما هو بموازنة 17 مليار ليرة تؤمن التغطية والإستشفاء للمواطن، الذي يفوق 64 عامًا، وذلك برفع التغطية من 85 إلى 100 في المئة. فالإنسان المسنّ بحاجة إلى من يقف إلى جانبه، والدولة أوْلى بذلك.
وأبدى أبو فاعور تفهمه للهواجس التي طرحها وزير المال حول إمكان حصول استغلال للمشروع، إنما هناك ضوابط لمنع هذا الإستغلال. وهذه الضوابط ستتم من خلال آلية قبول admission criteria سيبدأ البدء بتطبيقها في المستشفيات ومن واجب العاملين في هذه الآلية، التمييز بين الحالات التي يجب أن تدخل إلى المستشفيات والحالات التي لا تحتاج إلى ذلك. وقال لن يُحرم مواطن من الدخول إلى المستشفى في حال كان يحتاج إلى ذلك، كما لن يُسمح بذلك لمن لا يحتَج الى ذلك. إن تطبيق آلية القبول سيبدأ فورًا في كل المستشفيات. كما أن هناك آلية لضبط النزوح، من الضمان الإجتماعي إلى وزارة الصحة، ويتم العمل ثالثًا على آلية لضبط النزوح من شركات التأمين الخاصة وصولاً إلى وزارة الصحة. ومع هذه الضوابط الثلاثة، نأمل عدم الوقوع في محظور استغلال التغطية الإستشفائية الشاملة. وبالنسبة إلى كيفية تأمين موازنة الـ17 مليار ليرة، لفت أبو فاعور إلى إمكان ذلك من الموازنة السنوية التي تعطى لوزارة الصحة، والتي تضاف إليها زيادات سنوية بحكم ازدياد الحاجات والسكان. وأوضح أن وزارة الصحة تريد أن تستخدم هذه الزيادات لإفادة المواطنين المحتاجين والذين ليست لديهم تغطية كاملة، علمًا أن الوزارة تؤيد ما طالبت به نقابة المستشفيات الخاصة لناحية زيادة التعرفة الحالية غير العادلة، مضيفا أن جزءًا كبيرًا من أزمات وزارة الصحة مع المستشفيات الخاصة يعود إلى كون التعرفة لا تتلاءم مع الحجم الذي يجب أن تكون عليه.
من تشمل التغطية الشاملة؟
تشمل فئة المسنين فوق ال64 سنة من غير المضمونين، وتمثل فئة المسنين فوق 64 سنة من العمر تمثل في لبنان حالياً 9،7 في المئة من إجمالي اللبنانيين (إحصاء 2014)، وان القسم الأكبر من هذه الفئة يستشفون على نفقة الوزارة (70 في المئة). وهم يمثلون 18،5 في المئة أي ما يعادل 30182 مريض مسن من اجمالي المرضى المعالجين على نفقة الوزارة ويستهلكون 22،5 في المئة من بطاقات الاستشفاء (2014= 53730 بطاقة استشفاء)، ويستهلكون 30،7 في المئة من إجمالي الانفاق على الاستشفاء.
ومن المنتظر ونتيجة للتحسن الكبير الذي طرأ على المؤشرات الصحية (خفض معدلات وفيات الأطفال دون السنة والخمس سنوات الى حدود 8 و9 بالالف، وخفض معدلات وفيات الحوامل اثناء الولادة وهي اصبحت 18 وفاة لكل مئة الف ولادة. هذه النجاحات أدت الى زيادة ملحوظة في الأمل عند الولادة وفي محيطها الى حدود 81،6 سنة. وهذا يعني زيادة كبيرة في فئة كبار السن فوق الـ 70 و80 سنة وزيادة حكما في المشاكل الصحية والحاجات والانفاق على الصحية. ويؤكد الخبراء ان المسنين سيبلغون في السنوات العشر القادمة الى حدود 17 في المئة من عدد السكان.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.