8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

فرعون: سنتبع سياسة الممكن.. ومساع لسليمان وسلام لاستعادة السياح العرب

ما بين وسط بيروت ومبنى وزارة السياحة في شارع الحمراء، بضعة كيلومترات فاصلة.. لكن ثمَّة ترابطا في هذا الوقت، ففي حين لا تزالُ آثار الحكومة الميقاتية وبصماتها جاثمة على وجوه المطاعم والمؤسسات السياحية، فان الكثير منها اقفل او هو معروض للاستثمار، وما تبقى منها يفتقدُ للسيّاح والزائرين، بانتظارِ خطوات حسية يقوم بها وزير السياحة ميشال فرعون في حكومة المصلحة الوطنية التي نالت الثقة قبل أقل من شهر، ولم يتبقَّ من عمرها الزمني سوى ثمانية أسابيع، فهل بامكان هذه الحكومة النهوض اقتصادياً وسياحياً.
الحكومة الميقاتية دفعت بمؤشرات القطاع السياحي الى الحضيض، او ما دونه.. نحو ثلاث سنوات من القبضة الميقاتية على مفاصل السلطة التنفيذية، كانت كفيلة بأن تخسر الدولة كثيرا من الدول الصديقة والشقيقة، ويكفي أن تكون دول الخليج قد حذرت رعاياها من المجيء الى لبنان، ليخسر هذا البلد نحو 40 في المئة من عدد السيّاح، أو ما يعادل نحو 65 في المئة من حجم المداخيل المالية للقطاع.
في العام الماضي، انخفض عدد السياح في لبنان الى أدنى مستوى له منذ ست سنوات، ليبلغ نحو 1.27 مليون سائح. هذا التراجع يتزامن مع تحذير دول عدة لرعاياها بخطورة السفر إلى لبنان. وخسر القطاع السياحي 893 ألفاً و627 زائراً عام 2013، مقارنة مع العام السياحي الأساس 2010، ما نسبته 41.219 في المئة.
وإذا كانت حكومة المصلحة الوطنية قد حُدِّدَ عمرها سلفاً، بـ100 يوم بقي منها 60 يوماً، فهي لن تألو جهداً في إحداث صدمةٍ ايجابية، تبعثُ قطاع السياحة من الركود الذي طال كثيراً، متمدداً بنموه السلبي الى الشهرين الأولين من العام الجاري، وهو ما يؤكدهُ الوزير ميشال فرعون في لقاءٍ مع المستقبل، أخذناهُ في وقتٍ مستقطع في ظلِّ انهماكات فرعون بلقاءات تعجُّ بها الوزارة التي تغصُّ بالزائرين من أصحابِ المؤسسات السياحية، ومن الورش الناشطة لاستنهاض القطاع. فأمام الوزير وقتٌ محدد لا يمكنهُ تخطيهِ. وأولُ ما يمكن للداخل الى وزارةِ السياحةِ ملاحظته اليوم هو خلية نحلٍ تعملُ بانتظام، حرصاً على كلِّ دقيقة يمكن أن تهدر، وعلى كلِّ مؤسسةٍ يمكن أن تنهار، في ما لو تأخَّرَتْ المعالجة.
يؤكد فرعون أنّه على المراقبين انتظار ما بين 30 يوما الى 40 لانجاز خطة نوعية، ستحدثُ صدمة ايجابية، من شأنها التمهيد للحكومة المقبلة. أما الآن فهو وقت العمل، ومعالجة القضايا التي تقلق القطاع وتمنع المزيد من تدهوره. ويقول نحن الآن نحاول معالجة هذا الوضع من خلال تثبيت الاستقرار السياسي والأمني، والإفادة منه، ويضيف أنا أحب الواقعية، السياحة هي نفط لبنان، واللبنانيون ناجحون في قطاع السياحة حتى خارج لبنان لأنها تشكل جزءاً من ثقافتهم، ثقافة الحياة، والضيافة التي نشأوا عليها، واللغات والحضارة والتراث، وبالرغم من الازمة التي حصلت، فإن الحد ألأدنى من الاستقرار سيعيد إطلاق السياحة، ويشير الى أنه سنتبع سياسة فن الممكن لتحقيق أهدافنا.
وفي ما يلي، نص الحوار مع فرعون:

[كيف تقيمون اليوم وضع القطاع السياحي، في ظلِ التراجعات المتلاحقة، وفي ظل الوقت المتبقي من عمر حكومتكم؟
ـ منذ تشكيل الحكومة، عقدنا سلسلة من الاجتماعات مع المسؤولين والمعنيين في قطاع السياحة في لبنان، وكنا نتحدث عن القطاع وهم يتحدثون عن الهم السياحي، اي أهمية الأمن السياسي من أجلِ استنهاض السياحة. فقد حصل تدهور خطير، عقب الانقلاب على تسوية الدوحة، وهو ما أدى الى اختلال الوضع السياسي، وطبعاً حصل توتر في تلك المرحلة، وبعدها كانت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، التي لم تكن لها صفة تمثيلية، وتزامن ذلك مع حصول الثورة السورية، وهو ما أدى الى خلل في الجزء الداخلي نتيجة الانقلاب والابتزاز السياسي، فضلاً عن العامل الخارجي المتأثر بالأوضاع السورية، مع توافد النازحين من الأراضي السورية الى لبنان. وهنا لن أتحدث عن الارهاب، الذي أعتبره شقاً منفصلاً، لكن حصل ما هو خطير، إذ أصبحنا أمام ثلاثة خيارات: الاول الوضع السياسي الذي بات غير مستقر كون الحكومة السابقة لم يكن لها صفتها التمثيلية، والثاني تأثر الوضع السياحي بالوضعين الأمني والسياسي الداخلي ومع تطور الأوضاع الأمنية على الحدود ولا سيما أن هناك سياحاً يأتون عبر البر. اما الخيار الثالث فهو انه حدث نوع من سوء التفاهم بين لبنان والدول العربية والخليجية، مضافاً الى الحذر الأمني.. الحذر السياسي أو كلمة السر من تلك الدول لعدم السفر الى لبنان، الذي كان قبل الاحداث الأمنية، وحتى الدول الغربية الصديقة منعت رعاياها، رغم أن الرئيس ميشال سليمان كان حاول تصحيح الخلل القائم وإزالة سوء التفاهم، إلا أن محاولاته لم تفلح بسبب المواقف التي كانت تصدر آنذاك والتي تزيد من التشنج القائم بين لبنان وهذه الدول.
[الآن، توصلتم الى تسوية ودخلتم في حكومة شراكة، ما أنتم فاعلون سياحياً؟
ـ أعودُ بك الى العام 2010 الذي كان من أهم السنوات السياحية ومن ثم انحدرت بعده السياحة، مما خلق أزمة كبيرة في القطاع السياحي، ونحن الآن نحاول معالجة هذا الوضع من خلال تثبيت الاستقرار السياسي والأمني. وهو سيؤدي حتماً الى مكافحة الأرهاب.
ومع انطلاقة الحكومة هناك امور مهمة جدا حصلت لاسيما التعاون الأمني بين الفرقاء الأساسيين في البلد ولا سيما الأفرقاء الذين تتشكل منهم الحكومة، التي تعتبر جامعة ولها صفة تمثيلية. والتوتر الأمني الذي نتج عن التوتر السياسي اضحمل الى حدٍ كبير، وما نراه الآن هو انعكاسات الأزمة السورية في الداخلِ اللبناني، وعنوان المرحلة هو التعاون الأمني واعطاء الغطاء الكامل للأجهزة الأمنية. هذا الأمر يمنح الأجهزة فعالية اكبر، ويخفف من المشكلات التي تنتج من التوترات وتؤمن الحد الأدنى من الاستقرار السياسي. علماً أن في لبنان، هناك نوع من المناعة للجسم الاقتصادي إزاء التصدعات الأمنية والسياسية، إنما في هذه المرة، لم تستطع هذه المناعة أن تقاوم، بسبب حجم المشكلات التي خلفتها أو نتجت عن الحكومة الماضية، بالاضافة الى انعكاسات الثورة السورية.
[هل توصلتم خلال بداية الورشة التي تقومون بها الآن، الى سحب قرار الحظر على الرعايا الخليجيين؟
ـ في الحقيقة، أول عمل نقوم به الآن هو العمل مع أصدقاء لبنان، لاستعادة الثقة، ونحن نتكلم مع الخليجيين ومن يقوم بهِ فعلياً هما رئيس الجمهورية ميشال سليمان والحكومة تمام سلام، وطبعاً كل لبناني يعمل على إزالة سوء التفاهم، وذلك عبر أن يعود لبنان الى سياسة الانفتاح، وعودته أيضاً الى السياسة التقليدية والتي هي الاجماع العربي وحياد لبنان، وأنه توجد حكومة منفتحة، وأنه بالرغم من كل ما هو حاصل هناك 80 في المئة من الاراضي اللبنانية ليس بها اطلاق رصاصة واحدة منذ 20 سنة.
[سمعنا أنكم ستدعون السياح الى هذه المناطق الآمنة، لكن كيف يمكن الوصول اليها في ظل الأوضاع المتوترة في بعض المناطق، خصوصاً وان لبنان متقارب المساحة؟
ـ بكل بساطة هذه الخطة مفهومها هو انه كما نقول لأهلنا وأقربائنا زوروا هذه المنطقة لأنها آمنة، فإننا في الوقتِ عينه نحذرهم من الذهاب الى المناطق الخطرة. فعلياً السياح لم يتضرروا منذ عشرين سنة باستثناء الحادثة مع الأستونيين، ونحن مضطرون الى قول الحقيقة، نحن لن نقول للسائح اذهب الى المناطق الحدودية ولا الى المناطق التي تشهد توترات، بل إذهب الى المناطق الآمنة، والرسالة هي أن المتبقي من المناطق الآمنة في لبنان هي الأكثر أمناً من أي منطقة سياحية في العالم ولا سيما في الدول التي تشهد استقراراً. هناك العديد من العواصم العالمية التي تحصل فيها حوادث للسائح. في لبنان ولا سيما في المناطق الآمنة لا توجد أي نوع من المضايقات، وحتى المنطقة التي تخضع للقرار الدولي 1701 في محافظة الجنوب الوضع فيها آمن، وهذا ما سنسير بهِ نحن نريد أن نساعد، تلك المناطق التي يمكن الذهاب اليها.
[هل يمكنكم إطلاعنا على ملامح خطتكم الجديدة؟
ـ نحن نعد اللبنانيين عموماً والقطاع السياحي خصوصاً بوضع خطة جديدة ستقلب المعايير، وتعطي زخماً كبيراً للمؤسسات السياحية. نحن بدأنا بوضع تلك الخطة لم يمضِ على وجودنا في الوزارة أكثر من أسبوعين في الوزارة، الخطة ستستهلك ما بين 30 يوما الى 40 يوماً، وهي ستنال رضى الجميع واعجابهم، وللنهوض بكل مناطق وقطاعات السياحة، كما سنقوم بورشة متواصلة للندوات، وأنا استمعت الى المعنيين بالقطاع، ونحن سنتعاون معهم.
[ماذا عن المجلس الوطني الذي أسسه الوزير السابق للسياحة ولم يجتمع؟
ـ نحن سنقوم بوضع الخطة ونمهد الطريق للحكومة المقبلة، وهمنا أن نعيد إطلاق المؤسسات، وانتخابات رئاسية في موعدها، واحترام الاستحقاقات الدستورية التي من شأنها أن تخدم السياحة، وهناك مشكلات سنقوم بتصحيح الخلل فيها، ومنها مغارة جعيتا، وغيرها من المشكلات، التنسيق مع مصرف لبنان لدعم القطاع السياحي، والتعاون مع الوزارات المعنية بالقطاع ومع الأمن العام.
[هناك مطالب للقطاع السياحي رفعتها النقابات المعنية اليكم قبل ايام، هل بدأتم بتذليل العقبات؟
ـ ندرس امكان عودة مكاتب السياحية والسفر الى مطار رفيق الحريري الدولي وقد اجتمعنا مع المكاتب المعنية، وهناك الكثير من المطالب، نحن سننفذ المطالب المعقولة. وفي الوقت عينه ندرس حزمة متكاملة للتشجيع السياحي تشمل بيروت وغيرها من المناطق، ونحن نؤكد أن هناك ورشة مفتوحة في الوزارة. ونركز الآن على أسواق مثل مصر وسوريا والاردن والعراق، ونعول على السياحة الصحية، وبالطبع سندعم كل القطاع، وهذا منوط بزيادة عامل الثقة، وأيضاً بتخطي الاستحقاقات الانتخابات الدستورية والانتخابية بنجاح، وهذا من شأنه دعم السياحة، والآن أمامنا عمل كبير من اجلِ المهرجانات الصيفية وموسم الاصطياف المقبل، وبالطبع في كل هذا سنتبع سياسة فن الممكن.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00