أطلب الزيت اللبناني ولو في الصين، هي آخر مبتكرات وزارة الزراعة اللبنانية، التي طلبت من حكومة نجيب ميقاتي 120 ألف دولار لتسويق زيت لبنان في الصين، من ضمن مشروع تسويق زيت الزيتون اللبناني، الذي نشر في الجريدة الرسمية (القرار رقم 103/1)، ولكن ثمّةَ شكوكاً كبيرة في أسباب إنشائهِ وأغراضهِ وغايتهِ ومن هو المستفيد الأول، طالما أن جلّ المزارعين يعترضون على هذا المشروع، الذي يهدف إلى إحراق المزارع في أرضه، بدلاً من دعمه لمصلحة التجار.
وقد سألت مصادر معنية بالقطاع الزراعي، إلى متى سيبقى وزير الزراعة حسين الحاج حسن، قابضاً على مفاصل الوزارة، وكأنها مملكة شخصية لهُ ولفريقه السياسي، وقالت إنه يعيق الكثير من التسهيلات التي بالإمكان تجاوزها، بحيث إن اي طلب مهما كان حجمه يجب أن يكون ممهوراً بتوقيعه الشخصي. وضربت المصادر المثل بمسألة تسليم بونات الأشجار، فيما أن الأمر يمكن تمريره عبر المصالح الإقليمية، التي جمدت فعاليتها في عهد الوزير الحالي، وبالتالي فإن من شأن ذلك إضعاف حالة الإنماء المناطقي التي عرفت في العهود السابقة.
وقالت إنّ سياسة القبضة الحديدية، أوجدت حالاً من انعدام الثقة ما بين الوزير والمديرين ورؤساء المصالح في الوزارة، خصوصاً أنّ المسألة تعتبر إلغاء لدورهم، بطريقة فجّة، سائلةً: هل كان من الضروري أن يمهر الوزير توقيعه على طلبات صغيرة من الأغراس، فسابقاً كانت المصالح والمدير العام هما من يقومان بهذا الدور. ولفتت إلى أن الحاج حسن يولي السياسيين والنواب الأهمية على حساب المزارعين، ولماذا لا يعلن عن طريقة تسلميه ولمن سلمت (600 ألف غرسة من الزيتون وغيرها من الأشجار المثمرة)، ولأي مناطق؟ متهمةً إياه بتحويل كميات من الأسمدة المشتراة لصالح مديرية الثروة الزراعية في بعلبك - الهرمل.
وأشارت إلى أن انتهاكات الحاج حسن لا يمكن اختصارها بالتوزيع الاستنسابي للتعاونيات، ولكن أيضاً في خطوته لإلغاء موضوع إنشاء مصرف التسليف الزراعي، واستبدالها باتفاق عقد مع بعض المصارف، لإفادتها على حساب المزارع، وعبر إنشاء صندوق تعاضدي للتعويض علن الكوارث يرأسه صلاح الحاج حسن ابن عم الوزير، لأن المطلوب هو إنشاء صندوق وطني في مثل هذه الحالات، متسائلةً: لماذا فشلت وزارة الزراعة في المشاريع التي تقوم بتسويقها ومنها مشروع الأعلاف؟
وتشير هذه المصادر إلى أن صلاح الحاج حسن يرأس أيضاً مشروع الأعلاف الفاشل، بالإضافة إلى عدد من المشاريع، وينسق بموضوع الهبات الأوروبية؟
ويبقى الأهم، وبحسب هذه المصادر، هو مشروع تسويق زيت الزيتون اللبناني، في محاولة للسيطرة على هذا القطاع الأكثر إنتاجية بين سائر القطاعات الزراعية الأخرى.
وتشير هذه المصادر إلى أنّ محضر مؤتمر نقابة المهندسين، يوصي بأنه لا يمكن لاتحاد التعاونيات التسويق لمشروع زيت الزيتون، خصوصاً أنّ اللبنانيين يعرفون الظروف التي يحاول إنشاء الاتحاد خلالها، لافتة إلى أنّ معظم هذه التعاونيات التي ستنضوي في الاتحاد أنشئت بفعل مصالح شخصيبة، فكيف تمون على قطاع مثل قطاع الزيتون؟
وسألت لماذا يكون موضوع تسويق في عهدة وزارة الزراعة وليس وزارة الاقتصاد؟ لافتة إلى أن المشروع مستورد من فكرة التعاونية الزراعية الإيطالية (ICU)، لافتةً إلى أن الوزارة في كيانيتها ووضعيتها الراهنة لا يمكنها القيام بمثل هذا المشروع، لا سيما بعد الفضيحة الكبيرة التي حصلت بعدم سداد ثمن نحو 50 ألف صفيحة زيت الزيتون، رغم أن هناك قراراً من مجلس الوزراء بهذا الشأن.
وقالت هذه المصادر إن المزراعين الذين لم يشاركوا في صياغة هذا المشروع، لهم مآخذ كبيرة على هذا المشروع الذي نشر في الجريدة الرسمية، وهو لا يمكن أن يأخذ الإطار التنظيمي، لأن التعاونيات لا تمثل إلا فئة قليلة من المزارعين، فمعظمهم غير مسجل بها. فأين المزراع فيها خصوصاً أن القرار ينص في المادة الثالثة على أنه يستفيد من تقديمات وزارة الزراعة الهيئات المشاركة في تنفيذ البرنامج وفق ما يلي: اتحادات التعاونيات الإقليمية أو الجمعيات التعاونية المتحدة التي تتوفر لديها الشروط التالية، أن تكون قد أنشئت بهدف تسويق زيت الزيتون، وأن تكون منضوية في هذا اللقاء.
وسخرت من قيام الوزارة بلقاءات تنسيق مع التجار والمؤسسات، في حين يغيب المزارعون عنها، سائلة إن كان الموضوع تجارياً، والخوف هو من إمكان استيراد زيوت أجنبية وتسويقها باسم التعاونيات، تماماً كما فعلت بعض التعاونيات التي سلّمت الزيت إلى الجيش اللبناني، ولكن اتضح أن جزءاً من هذا الزيت كان مستورداً، ولكن وضع تحت اسم زيت لبناني.
والأهم وكما تقول المصادر، كيف يمكن لمشروع مثل هذا، أن يحدد الأسعار، وإذا كان محدداً بالأسعار الدولية (40 إلى 60 دولاراً)، فهناك تقع المجزرة بحق هؤلاء المزارعين، خصوصاً أن لبنان ينتج كمية صغيرة جداً إذا ما قورنت بالدول التي تتحكم بالأسعار. ففي حين أن لبنان ينتج نحو 50 ألف طن سنوياً، تنتج إسبانيا نحو 700 ألف طن، فكيف لبنان يستطيع الإفادة من هكذا مشروع؟ فالأسعار التي يتحكم بها التجار الدوليون من شأنها إحراق المزارع بأرضه، في ما لو كتب لهذا المشروع النور، وكيف يطرح المشروع إلزام المزارع بالتعهد ولمدة خمس سنوات بالبيع إلى هذا المشروع.
فقد جاء في القرار: تسلم كميات محددة وثابتة، سنوياً، من زيت الزيتون لمدة خمس سنوات ضمن المواصفات المطلوبة على أن تعقد لذلك اتفاقات مع التعاونيات الزراعية المنتسبة إليها التي تلتزم بتنفيذ الإرشادات الزراعية الصادرة عن وزارة الزراعة والمعاملات الزراعية الجيدة، أن تدفع للتعاونية نسبة 25% من ثمن الزيت المسلم بعد التأكد من نوعيته وجودته وتصنيفه وفق المواصفات القياسية اللبنانية على أن يدفع الباقي عند بيع الزيت.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.