24 ساعة هي الوقت الفاصل ما بين تحرك السائقين العموميين غداً من عدمهِ، بناء لسياسة الوعود التي ينتهجها رئيس حكومة كلنا للعمل... كلنا للوطن، وهي التي أدّت الى رسم مشهدٍ كارثي في مختلف القطاعات الإنتاجية والخدماتية والاقتصادية. فقد أغدق ميقاتي بالأمس، وعداً جديداً للسائقين العموميين، بتحقيق مطالبهم المزمنة، بغية انتزاع فتيل الإضراب المقرر غداً من قبل هؤلاء، ولكن بات معلوماً أنّ الوعود عرقوبية، وبامتياز.
فقد عادت قضية السائقين العموميين، الى المشهد الذي ترسمهُ حكومة ميقاتي بيديها، وهو مشهدٌ لا تحسدنا عليهِ، أفقر دول العالم، ذلك أنَّ من يرى حالة التراجع الاقتصادي، وتفشي حالات البطالة، وتراجع القدرات الشرائية، وازدياد حالات الفقر، مصحوبةً بانعدام الأمن وارتفاع منسوب الخطاب التجييشي والتحريضي، يدركُ أن المشهد قد اختارتهُ الحكومة بدقةٍ متناهيةٍ، فمن أقصى الشمال الى أقصى الجنوب، عمّت الإضرابات المناطق، وعلى خطاها يعتزمُ قطاع النقل العمومي البري التحرّك يوم غدٍ الخميس، في كل مناطق لبنان، وهو ما يعني شلُّ حركة المواصلات على ايقاع الإضرابات الحديثة، التي تشهدها البلاد منذ أسبوع.
ومن باب مضع الأمور في نصابها وبحث مطالب السائقين العموميين، زار وفد من اتحاد النقل البري، ميقاتي في السرايا الحكومية، ضمّ رئيس اتحاد النقل البري عبد الأمير نجدة، ورئيس الاتحاد اللبناني لنقابات سائقي السيارات العمومية ومصالح النقل بسام طليس.
وقال طليس عقب الاجتماع، اللقاء مع الرئيس ميقاتي، أتى بناء على طلب ونتيجة لموعد الإضراب الذي أقرته اتحادات قطاع النقل البري يوم الخميس المقبل (غداً)، والذي أعلن مراراً وتكرراً أن سبب الإضراب لا يتعلق بمطالب لنا، بل لأجل تنفيذ قرارات مجلس الوزراء. عرضنا في هذا الاجتماع كل هذه القضايا، إضافة الى ما استجد من مواضيع، ومنها قانون السير الجديد الذي يتضمن مواد مجحفة جداً بحق اللبنانيين، ولا سيما سائقي الفانات والشاحنات والأوتوبيسات والسيارات، وتم الاتفاق مع دولة الرئيس على إثر اتصال أجراه بالرئيس نبيه بري على الأمور الآتية في ما يتعلق بقانون السير:
- تأجيل تطبيق قانون السير الجديد، وتشكيل لجنة مؤلفة من وزير الداخلية والنائب محمد قباني والنقابات المعنية لوضع التعديلات اللازمة على المواد. وأبلغ وزير الداخلية بهذا الأمر وسيتم فوراً تأجيل العمل في تطبيق قانون السير.
- بالنسبة الى قرارات مجلس الوزراء السابقة بملاحقة السيارات ذات اللوحات المزورة والتعديات والسيارات الخصوصية، سيعقد غداً اجتماع أمني كبير وستصدر عنه مقررات سيعلنها وزير الداخلية، عن مواعيد تنفيذ الملاحقات، كي لا تكون موسمية أو ظرفية.
أضاف أما النقطة الثالثة التي تم بحثها فتتعلق بخطة النقل التي أقرها مجلس الوزراء منذ سنة ونصف سنة، والتي تم العمل على إنجازها من المعنيين في النقابات ووزارة الأشغال العامة والخبراء، واستغرقت أكثر من ثمانية أشهر، وهنا نسجل بعض الملاحظات، لجهة أن ما من خطوة قامت من أجل تنفيذ هذه الخطة التي تعني الدولة والحكومة وجميع اللبنانيين. هناك مستندات أظهرها دولة الرئيس بيّن فيها بعض الأمور التي يحتاج اليها تنفيذ هذه الخطة، وبالنسبة الينا، فإن ما من ترجمة عملية بالشكل المطلوب لهذا الكلام.
تابع أما النقطة الأخيرة فتتصل بأسعار المحروقات، وهنا، الرئيس ميقاتي مقتنع بموضوع تحديد سقف السعر على الرغم من الصعوبة التي تحيط بالوضعين الاقتصادي والمالي، وهو على دراية بذلك، وكذلك نحن، ولكن في المقابل نرى أن هناك سائقاً عمومياً يعمل في ظل وجود سعر مرتفع جداً لصفيحتي البنزين والمازوت وفقاً للقانون. لا نريد المس بالتعرفة لأنه بالنسبة الينا التعرفة الحالية مجحفة في حق السائق العمومي، لكنني لن أجعل فقيراً يأكل أو يقتل فقيراً آخر أو حتى ينتزع منه شيئاً. نحن لا نريد أن نضع أعباء على كاهل المواطن، لأن التلاميذ والعمال والمزارعين وغيرهم وحدهم من يستقلون سيارات الأجرة أو الباصات، وبالتالي لا يستقلها الرأسمالي أو الأغنياء، ولذلك فإن التعرفة لن تمس، أما في ما خص موضوع سقف أسعار المحروقات بشكل عام والبنزين والمازوت بشكل خاص فقد تم الاتفاق على عقد اجتماع مع وزير المال ربما اليوم من أجل البحث معه بشأن الآلية والسقف كاقتراح، بهدف إدراجه على جلسة مجلس الوزراء غداً (اليوم).
وختم أما بالنسبة الى موضوع الإضراب، فقد أعلنا الإضراب من أجل تنفيذه، ولم نعلن ذلك كرمى للإضراب أو هدفه، فإذا أقر مجلس الوزراء والاجتماع الأمني البدء بالتنفيذ العملاني في هذه العناوين كما حصل بالنسبة الى قانون السير الجديد، فسنرى ما هو الموقف الذي سنتخذه، ولكن نحن نقول إن الإضراب وسيلة وهدف للوصول الى تنفيذ القرارات والمطالب، وعلى الرغم من ذلك، ولكي نكون على وضوح مع كل الزملاء والسائقين، فهناك اجتماع ثانٍ سنعقده مع الرئيس ميقاتي غداً (اليوم)، في أعقاب الاجتماع الأمني وعلى ضوء ذلك سنقرر ما يجب فعله وإذا كنا على اقتناع بأن التنفيذ العملاني سيبدأ، أو إذا لمسنا ذلك فيمكن القول عندها إننا سنعلن الموقف المناسب الذي من شأنه حفظ كرامة السائقين والنقابات واستقرار البلد.
ومن جهته، قال نجدة في اتصالٍ مع المستقبل، عقدنا جمعيات عمومية في كل المناطق من أجل التحرك، وطبعاً سنقفل البلد، إذا لم تحقق مطالبنا، ونحن ننتظر من الرئيس ميقاتي جواباً حول مطالبنا، وقد استمهلنا من اليوم (أمس) الى يوم الغد (اليوم)، للرد بشأن مطالبنا، وعلى ضوئها، نقرر التحرك أو تعليقهُ.
وأضاف، الاجتماع مع الرئيس ميقاتي استمر زهاء ساعتين، بحثنا خلالها كل مطالب السائقين، من تعديل قانون السير، الى موضوع تعديل اشتراكات الضمان بالنسبة لزوجة السائق وزيادتها الى 60 ألف ليرة بدلاً من 50 ألف ليرة، وعن الابن من 16 ألف ليرة الى 33 ألف ليرة، وأمّا في ما يتعلق بصفيحتي البنزين والمازوت، فهو تحديد سقف لسعريهما للسائق العمومي 25 ألف ليرة للبنزين و20 ألف ليرة للمازوت، بالإضافة الى مسائل مكافحة السيارات غير الشرعية، وتنظيم القطاع وتنقيته من الشوائب.
وأشار الى أن ميقاتي استمهل السائقين، وأنّهُ سيتشاور مع اللجنة التي تشكلت لهذا الغرض، ونحن ننتظر ما ستسفر عنهُ اتصالاتهُ.
ومن جهته، قال رئيس النقابة العامة لسائقي السيارات العمومية في لبنان مروان فياض، إن النقابة لن تشارك في تحرك الخميس. وأضاف في اتصالٍ مع المستقبل، نستغرب عدم التنسيق في الأمر مع كافة النقابات، وعلى أي حال لقد بحثنا الأمر مع رئيس الجمهورية الأسبوع الماضي، وكانت الأجواء ايجابية، وطبعاً في حال عدم تلبية مطالبنا، فسيكون لدينا برنامج للتحرك، ضد حكومة الأمر الواقع.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.