8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

ارتفاع أونصة الذهب فوق الألف دولار يقلص حركة البيع في الأسواق المحلية

كلما تجاوزت أونصة الذهب عتبة الألف دولار خلطت الأوراق في السوق المحلية، وشغلت بال التجار والناس في آن. وعلى الرغم من تعدد الأسباب التي رفعت أسعار المعدن الأصفر، فإن حركة الصعود العالمية هذه قابلها تراجع على مستوى الحركة التجارية المحلية، ليس بسبب السعر المرتفع وإنما بفعل عوامل أخرى تتعلق بالوضعين السياسي والاقتصادي، وبالوضع الاقتصادي للمستهلك ومدى حاجته وقدرته الشرائية. والمتتبع لحركة الأسواق المحلية يلمس حالة من الانكماش وجمود حركة البيع، تتباين نسبتها بين سوق وآخر.
ويؤكد معنيون بالقطاع، أن ارتفاع الأسعار يؤدي الى حركة معاكسة في عمليات البيع، إذ بدلاً من أن يشتري الناس، فالمواطن اللبناني الذي يدخر الذهب يبيع والتجار يشترون، وذلك في محاولة لسد حاجاته أو الاستفادة من ارتفاع الأسعار الى مستويات قياسية وانتهاز الفرصة بالبيع لجني الأرباح.
ويشير التجار الى أن حجم الحركة الشهرية للذهب بيعاً وشراء تصل الى نحو طنين في أيام المواسم، ولا سيما خلال فصل الصيف، وعند مجيء المغتربين، فيما تراوح بين 900 كيلوغرام و1200 كيلو خلال فترة البيع المحدودة.
ويقول عبود بوغوص وهو عضو في نقابة تجار الذهب إن تجارة الذهب لا يوقفها سعر مرتفع أو هبوط حاد، إنما تتأثر هذه التجارة ركوداً وانتعاشاً بالأسعار العالمية، وهي إذا تراجعت قليلاً تمضي السوق المحلية فترة انتظار تطول أو تقصر كي تتأقلم مع الأسعار الجديدة، فالأعراس لا تتوقف، والعادات لا تتوقف ومناسبات الأعياد والولادات لا تنقطع.
وأضاف أن الحركة التجارية للعام الجاري تحسنت 10% بالمقارنة مع العام الماضي، وذلك بفضل السنة المميزة سياحياً وأعداد المغتربين التي أمت لبنان.
وأشار الى أن لبنان يعتبر رائداً في صناعة المجوهرات الفخمة (Luxury Jewelry)، وهو يصدر منتجاته الى دول الخليج ودول أوروبا، وقال إن لا أحد ينافس لبنان من دول المنطقة في هذا المجال، فدبي وسوريا لديهما صناعات خفيفة بالمقارنة مع لبنان.
وأضاف إذا كان لبنان يستورد الذهب الخام من سويسرا، فإنه يصدره بالتالي مشغولاً الى بلدان مثل الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا ودول الخليج العربية وفرنسا، وهي مشغولات مصنفة بأنها ذات مستوى عالٍ على صعيد التقنية والموديلات. وهذه المشغولات على نوعين: صناعة الذهب مع الزرقونة أي مع الأحجار غير الكريمة، والذهب مع الأحجار الكريمة وشبه الكريمة.
ويقول أحد التجار على الرغم من التقدم في صناعة الذهب فإنه لا يمكن للانتاج المحلي أن ينافس الانتاج الايطالي من الذهب، فموديل واحد من خاتم الذهب الايطالي يصنع منه بين 300 و400 موديل، لأن الأمر لدينا مرهون باستقدام أجهزة متطورة تكنولوجياً لتطوير المهنة وبقائنا في سوق المنافسة.
اما ميادة يحيى (صاحبة متجر مجوهرات ميمو لبيع الذهب) فتقول الحركة تراجعت بشكل ملحوظ، كنا نتكل على المغتربين الذين كان بعضهم يشتري مشغولات تتجاوز الكيلوغرم، أما الآن فقد باتوا أكثر جدلاً وأقل شراء، وربما تداعيات أزمة المال العالمية هي السبب لهذا التحول.
ولفتت الى أن محال بيع المجوهرات والذهب تعتمد بشكل رئيسي على الأعراس فالعريس المتوسط الحال كانت مشترياته لا تقل عن 70 الى 100 غرام مشغولة عقداً وإسورة وتحويطة وخاتماً، والآن لا يشتري أكثر من 50 غراماً وهو ما يؤشر الى تراجع مبيعات الذهب مع الارتفاعات المتتابعة منذ سنتين وأكثر.
وقال أحد المتعاملين في سوق الصاغة في طرابلس، الحركة كانت معدومة في شهر رمضان وما زالت كذلك، وسوق الذهب عنوانه الأعراس. ربما ارتفاع الأسعار وتراجع القدرات الشرائية لدى الناس تترجم هذا الجمود. ارتفاع الأسعار هو السبب الكامن وراء هذا الانكماش.
ويؤكد نقيب الصاغة في الشمال خالد النمل أن الأسعار تؤثر بشكل مباشر في توجه المواطن بيعاً وشراء. ارتفاع الأسعار لا يوقف عجلة السوق، فعندما ترتفع الأسعار يتجه الذين لديهم مقتنيات أو مخزونات ذهبية، الى البيع، وعند هبوط الأسعار تعود الناس الى عمليات شراء واسعة النطاق، في محاولة لتكوين مخزونات من المعدن الأصفر، وخصوصاً بعد أن ثبت أن الذهب هو الأقل تقلباً بالمقارنة مع العملات، ووسيلة إدخار مأمونة.
وقال أنا تاجر منذ 50 عاما،ً واعتبر أن رأسمالي ليس الليرة ولا الدولار، بل ما املكه من مخزونات ذهبية، لأنها هي الرأسمال الحقيقي.
وأضاف إن انعدام الحركة في شهر رمضان ليس انعكاساً لارتفاع أسعار الذهب التي حصلت الأسبوع الماضي، حين صعد سعر الأونصة فوق الألف دولار، بل هذا معروف عن أسواق المناطق، ولا سيما خلال شهر رمضان، لكن هذا لا يمكن أيضاً أن يلخص الحركة التجارية على مستوى لبنان، فلا يمكن مقارنة حركة المناطق بالعاصمة التي يؤمها السياح والمغتربون، فبيروت لديها المصانع والمعامل المعروفة في عمليات تصنيع الذهب على مستوى منطقة الشرق الأوسط، وهي تصدر الى معظم الدول العربية والأوروبية وحتى الأميركية.
وأشار النمل الى أن السوق الشمالية مستوى حركتها الشهرية لا يتجاوز المئة كيلوغرام، وهي تعتمد على المغتربين ولا سيما الأوستراليين.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00